ما هو مستقبل الحركة الديموقراطية الايرانية؟

حسناء بو حرفوش

لفت تحليل في موقع “ذا هيل” الالكتروني إلى أن “شرارة المعارضة التي أشعلتها وفاة مهسا أميني أدت إلى تقارب غير مسبوق بين جماعات المعارضة داخل إيران وخارجها حول الحاجة إلى تغيير جذري في البلاد”، ولكن ماذا عن مستقبل هذا التقارب؟

وفقاً للمقال، “يتزايد الاجماع بين الكثير من الجماعات السياسية والمعارضين على أن النظام الحالي لا يمكن إصلاحه، وعلى ضرورة إيجاد إطار دستوري جديد قائم على المبادئ الديموقراطية لتلبية مطالب الشعب الإيراني وتطلعاته. ويمثل هذا تحولاً مهماً في الخطاب بين المعارضة ووحدة جديدة في السعي الى إحداث تغيير ذي مغزى في إيران.

وشهدت مجتمعات الشتات الايرانية على مدى الأشهر الخمسة الماضية، إلى جانب الحركة في الداخل، وحدة ملحوظة في جميع أنحاء العالم. اجتمع الآلاف من الإيرانيين في مدن حول العالم في مسيرات تضامنية لرفع أصوات المتظاهرين في إيران ولفت الانتباه إلى قمع النظام وانتهاكاته لحقوق الانسان.

كما رحب ولي العهد السابق رضا بهلوي، وهو زعيم معارضة معترف به على نطاق واسع، خلال تجمع حديث في جامعة جورجتاون لمناقشة مستقبل الحركة الديموقراطية في إيران، ببيان (مير حسين) موسوي ودعا إلى “أقصى مشاركة” لجميع الجماعات الداعية من أجل انتقال سلمي إلى الديموقراطية.

وعلى الرغم من الدعم المتزايد للتغيير في إيران، لا تزال هناك عقبات وشكوك كبيرة. ويواصل النظام، إلى جانب أجهزته الأمنية متعددة الطبقات، مقاومة دعوات التغيير ولا يظهر أي مؤشر على التراجع. فلم تؤثر أزمة الشرعية التي تواجه الجمهورية الاسلامية على المتشددين أو على فيلق الحرس الثوري الإسلامي، الذي يمتلك موارد مالية وقاعدة من المؤيدين المتعصبين الذين من غير المرجح أن يسمحوا بانتقال سلمي. كما أن خطة المعارضة لمواجهة قوات النظام الأمنية غير واضحة، وما لم تبدأ الأجهزة الأمنية بالتصدع وانحراف أعضائها إلى جانب الشعب، فمن غير المحتمل أن يفقد النظام قدرته على خنق الاحتجاجات.

هذا يعني أن مستقبل الحركة الديموقراطية في إيران يزداد تعقيداً بسبب التوترات الحالية في البلاد مع الغرب بشأن برنامجها النووي ودعمها العسكري للحرب الروسية ضد أوكرانيا. وأتاحت العلاقات الوثيقة للنظام مع الصين وروسيا إمكان الوصول إلى تقنيات المراقبة المتقدمة، والتي استخدمت لقمع الاحتجاجات. يثير احتمال سعي النظام الى التدخل من روسيا في حالة حدوث أزمة خطيرة، على غرار الأوضاع في سوريا أو كازاخستان، مخاوف إضافية.

وأظهرت الحكومات الديموقراطية الغربية تضامناً كبيراً مع حركة الاحتجاج في الأشهر الأخيرة. فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في النظام وأظهر القادة الغربيون دعمهم من خلال الاجتماع بشخصيات المعارضة والاعتراف بالحركة.

لكن مستقبل هذا الدعم غير مؤكد. في الوقت الذي تواجه فيه الجمهورية الاسلامية ضغوطاً داخلية من الاحتجاجات وضغوطاً خارجية من العقوبات المتزايدة، تقدم تنازلات بشأن برنامجها النووي، مما يؤدي إلى صفقة محتملة مع الغرب. في هذا السيناريو، يبقى أن نرى ما إذا كانت الحكومات الغربية ستستمر في دعم حركة الاحتجاج وجماعات المعارضة.

أخيراً، وعلى الرغم من استطلاعات الرأي التي أظهرت أن أكثر من 80% من الايرانيين يرفضون الجمهورية الاسلامية، يمثل حشد أعداد كبيرة من المتظاهرين داخل البلاد حتى الساعة، تحدياً للمعارضة بسبب الخوف من القمع العنيف من قوات النظام وعدم اليقين، لا سيما بين الطبقة الوسطى، بشأن مستقبل البلاد بعد الجمهورية الاسلامية. ومن أجل التغلب على هذه المخاوف، يجب على قادة المعارضة وضع خطة واضحة وقابلة للتحقيق من أجل انتقال ديموقراطي سلمي يمكن أن يكسب دعم غالبية الإيرانيين ويشجعهم على المشاركة في الاحتجاجات وأعمال العصيان المدني الأخرى.

لقد أحدثت الاحتجاجات الأخيرة في إيران بعد مقتل أميني مستوى جديداً من التقارب بين جماعات المعارضة داخل البلاد وخارجها، لكن الطريق مليء بالتحديات لأن النظام يعرف بتاريخه الطويل في استخدام العنف والقمع ضد مواطنيه، فضلاً عن استخدام نفوذه الاقليمي والدولي للاحتفاظ بالسلطة. وعلى الرغم من هذه العقبات، تشكل الوحدة غير المسبوقة بين جماعات المعارضة مصدراً للتفاؤل وشهادة على تصميم الشعب الايراني وعلى سعيه لتحقيق مستقبل أفضل”.

شارك المقال