“القرض الحسن” أخطبوط “حزب الله”

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

الأخطبوط الايراني الذي مد أذرعه الى المنطقة العربية للهيمنة عليها وتخريبها ها هو يشد الخناق على لبنان من جديد، مستخدماً براعته في إستخدام اللعب بالسوق المالية وسرقة ما تبقى من أموال اللبنانيين، بعدما جعل منه مركزاً لصناعة الكبتاغون وتصديره ولتحويل الأموال غير الشرعية واقامة نظام مالي جديد يعتمد بالكامل على مؤسسات “حزب الله” من “القرض الحسن” الى شركات نقل الأموال الى صرافة الشوارع والمكاتب.

لم يعد ما يحصل خافياً على أحد وإن كان لا بد من المواجهة فيجب الانتقال الى تغيير خطط المعارضة، واستهداف المسؤول المباشر وليس مسايرته للبقاء في السلطة أو تحقيق طموح الوصول اليها من الأزلام الصغار لا سيما أولئك الذين يرمي اليهم “حزب الله” الفتات ويستخدمهم في حربه على اللبنانيين لخدمة مشروع وليه الفقيه.

الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار وسكوت المسؤولين وهندسة مصرف لبنان بقرارات تتغير يومياً واضراب المصارف ومحاولات حرقها من مجموعات باسم المودعين معروف أين تصب وفي خدمة من، وهذا ليس دفاعاً عن الحاكم الذي ستجدد له السلطة الحالية من فوق الطاولة برعاية “حزب الله نفسه” وحليفة “الزعلان”، ولكن من أجل معرفة علاج المشكلة والتي هي في الأساس ليست اقتصادية ومالية بل سياسية في الدرجة الأولى، وتسببت أيضاَ بأزمة اجتماعية كبيرة نتيجة المعاناة التي يفرضها ارتفاع سعر صرف الدولار يومياً والتخبط في الأسواق والأسعار في السوبر ماركات وتخبط الناس في آلامهم نتيجة عدم القدرة لا على تأمين مستلزمات الطعام والدواء ولا حتى الخبز والمياه، فيما وزراء الغفلة مشغولون بالتفتيش عن موقع قدم في سلطة جديدة يرضى عنها الجار. اما النواب فقد صيّفوا في عز الشتاء وقلة منهم من تبحث عن حل لانتخاب رئيس للجمهورية لعل ملء الفراغ يكون بداية لاستعادة الثقة بلبنان.

لا شك في أن معاناة اللبنانيين تكبر يوماً بعد يوم نتيجة تردي الوضع الاقتصادي، الذي لا يمكن معالجته وفق خطط يتحدث عنها محللون على شاشات التلفزيون من دون النظر الى أن مضمون المشكلة في لبنان سياسي في الدرجة الأولى، فعلى أساس التوجه السياسي تحدد المشكلات التي يجب معالجتها وبدايتها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة انقاذ وطني والاتفاق على المبادئ الأساسية الاقتصادية في مفاوضة صندوق النقد الدولي، وكل هذه الأمور لا يمكن أن تحصل من دون وجهة سياسية واضحة والانتهاء من المناكفات السياسية من خلال استخدام الاقتصاد، وهذا يظهر من خلال استخدام “حزب الله” وجع الناس لمفاوضة الأطراف الأخرى على قاعدة أن السبب الرئيس للفلتان الأمني والاقتصادي والاجتماعي ناتج عن معارضة هذه الأطراف للتوجه الذي يطرحه الحزب وهو التوافق معه على اسم الرئيس، وطبعاً ليس وفقاً لبرنامج أو صياغة لتسوية ما كما جرى سابقاً، فالشكل اختلف هذه المرة وتجلى في الصراع الاقتصادي للي ذراع معارضي الحزب من خلال الضغط عليهم.

وفي هذا السياق، تتوقف مصادر سياسية أمام مسألتين متعلقتين بالاقتصاد في الدرجة الأولى والثانية بالمفهوم السياسي، مؤكدة أنه “لا يمكن مناقشة المسألة بهبوط سعر صرف الدولار أو صعوده، بل يجب نقاش المسألة السياسية، وهنا من الواضح أن ايران عبر حزب الله أسرت لبنان بمواقف سياسية واضحة، لكن وجهتها ومواد حربها اقتصادية اجتماعية هدفها ضرب الدولة ومؤسساتها لمصلحة الدويلة التي لا تزال أقوى في الصمود وأقدر على المواجهة”.

وتشير الى أن “حزب الله يعتقد أنه لا يزال بإمكانه فرض سليمان فرنجية رئيساً جديداً، وأن الكفة في المنطقة لا تزال في صالح ايران، وهو لن يدخل في التفاوض مع الأطراف الأخرى على قائد الجيش جوزيف عون، ومن هنا يستمر في المناورة عبر الضغط على أوجاع الناس ويحاول أن يصوّب معركته باتجاه المصارف. وعدم معالجة الدولة مشكلة المودعين مع المصارف، تتسبب بنزول الناس الى الشارع فتحطم وتحرق وتكسر، باعتبار أن هذه المصارف تتحمل المسؤولية ورد الفعل هذا جاء بعد قرارها بالاضراب المفتوح، وصراعها مع الدولة مستمر، فهي تقول للدولة ان ليس بامكانها تحمل مسؤولية الخسائر وافلاسنا وفي ظل غياب قرارات لم تتخذها الدولة عرضت الجسم المصرفي للخطر. وحزب الله يحاول ضرب المصارف للسيطرة عليها لمصلحة مؤسسته القرض الحسن المرخص لها من الدولة، ولكنها اليوم من يحدد سعر صرف الدولار في السوق وتنافس البنك المركزي وتقدم نفسها على أنها مؤسسة مالية ثابتة ويمكن التعامل معها وتشريع أعمالها وقوننتها في وقت قصير، وقد تتخذ أشكالاً منها شراء مصارف مفلسة ودمج بنوك معينة، وبالتالي هنا يصبح هذا الاقتصاد موازياً للبنك المركزي، وهذه العملية لم تعد خافية على أحد، فالحزب يحاول ضرب المصارف والمؤسسات المالية لصالح مؤسساته وهذا يعني فرض سيطرته بيد من حديد على كل مفاصل الدولة بطريقة غير مباشرة حتى لا تثير مشاعر الطوائف الأخرى”.

من هنا، تعتبر هذه المصادر أن “حزب الله يضغط في هذه النقطة بالذات، إن كان بالتهديد بالعصيان وضرب المصارف وتحميلها المسؤولية، أو من خلال استخدام القاضية غادة عون للضغط عليها، ومن أجل تطويع حاكم مصرف لبنان لأن الثنائي الشيعي اليوم في أشد الحاجة الى تمديد فترة ولاية الحاكم رياض سلامة، ويجري البحث في تجديدها”.

وبحسب المصادر، فان “سلامة كان يحاول أن يخرج من لبنان مع انتهاء ولايته والتوجه الى الامارات بطريقة هادئة كي لا يفتح ملفات اذا ما تعرض له أحدهم ويكشف عما يتستر عليه ولكن حزب الله يريد التمسك به، فمن ناحية قانونية يمكن التجديد له فور انتهاء ولايته ولا يمكن انتخاب شخصية أخرى. ولكن اذا قرر سلامة أنه لا يريد أن يكون في هذا المنصب فعملياً القيادة ستؤول الى النائب الأول لحاكم المصرف وسيم المنصوري الذي لم يوافق الثنائي على تعيينه، وسيكون غير مرضي عنه من الحزب الحاكم أي حزب الله لأنه لن يلبي حاجاته. كما أن شغور منصب الحاكم وبعد تمسك الثنائي الشيعي بوزارة المال سوف يظهر للمسيحيين أن هذا الثنائي سيسطر على كل المفاصل الموجودة في الدولة وهذا ما يشكل خطراً على الميثاقية وسيدخل الحزب في أزمة لا يريدها. وأمام هذا الوضع فان الحزب مضطر الى التفاوض على التجديد لسلامة، وهو يدرك أنه مهندس المرحلة المالية السابقة ويعرف كل الأبواب والوضع الاقتصادي، وهو الجدير والأقدر حالياً على ادارة هذه المعركة وبغض النظر كيف ينظر اليه الآخرون، ولأن أي شخصية ستأتي لن تستطيع أن تجد حلولا بغض النظر عن قدراتها ومن هنا يتمسك الحزب به”.

وبغض النظر عن الشائعات التي تطال سلامة من هنا وهناك بأن لديه علاقة وطيدة بـ “حزب الله” وأن الادارة الاميركية ستفرض عليه عقوبات لأنه ينفذ أوامره، تعرب المصادر عن اعتقادها أن “المشكلة ليست في رأي الادارة الأميركية بسلامة، فحتى الآن لم تستطع أي جهة قضائية أن تزجه في السجن فقط، هناك قضية قانونية مسطرة ضده من القاضية غادة عون بمنعه من السفر وبالتالي اذا رفض التجديد فسيعرض نفسه لأزمة، وبالتالي المشكلة هنا ستتعقد أكثر فأكثر، الا اذا حدث اختراق فعلي في شهر أيار وانتخب رئيس جديد للجمهورية وبالتالي جرى ملء الفراغ السياسي وبدأ الدخول في البحث عن حلول اقتصادية”.

شارك المقال