التحديات أمام التعاون الايراني – الروسي في بحر قزوين

حسناء بو حرفوش

تؤكد كل التطورات بوضوح اهتمام روسيا الجدي بتعزيز التجارة البحرية وعلاقات الشحن مع إيران في بحر قزوين، حسب مقال في موقع Financial tribune الالكتروني. ومن ناحية أخرى، تهتم إيران بدورها باستخدام طاقة بحر قزوين من أجل تطوير علاقات العبور والتجارة مع روسيا والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. ومع ذلك، هناك تحديات ومشكلات تواجه البلدين في هذا المجال.

التحدي 1: أسطول الشحن الإيراني

يتمحور التحدي الأول حول أسطول الشحن الإيراني في بحر قزوين وعدد سفنه المتواضع. وعلى الرغم من أن 53 سفينة إيرانية تعمل في بحر قزوين، يفرض الاتجاه المتزايد للتصدير والاستيراد بين إيران وروسيا، حاجة إلى 100 سفينة على الأقل. وأضيفت ثماني سفن جديدة إلى أسطول خازار البحري للخطوط الملاحية في 10 كانون الثاني 2022، مما رفع عدد السفن الإيرانية إلى 61. وفي هذا الصدد، من المهم بناء سفن بوزن 5000 طن لزيادة حجم التجارة بين البلدين، وصناعة بناء السفن الروسية في أستراخان يمكن أن تلعب دوراً مهماً في زيادة قدرة الشحن الإيرانية في بحر قزوين.

التحدي 2: سفن الدحرجة

التحدي الثاني هو العدد الصغير من “سفن الدحرجة” في التجارة البحرية بين إيران وروسيا في بحر قزوين. في حين أن روسيا تمتلك 19 سفينة دحرجة (التي تستخدم لنقل البضائع ذات العجلات) ولدى جمهورية أذربيجان 10 في بحر قزوين، يفتقر الشحن الإيراني إلى مثل هذه القدرة. من أجل حل هذه المشكلة، وقع عقد لبناء سفينتي دحرجة من شركة الصناعة البحرية الإيرانية بأمر من جمهورية إيران الاسلامية للشحن في تموز 2022.

ويبلغ طول هذه السفن 140 متراً، وهو أقصى طول للسفن التي يمكنها الإبحار في بحر قزوين ونهر الفولغا. ويمكن استخدام هذه السفن متعددة الأغراض لنقل الحاويات والخشب والسيارات وما إلى ذلك. وعلى الرغم من أهمية هذه التطورات، إلا أنها لا تكفي بالنظر إلى الحجم المتزايد للعلاقات التجارية بين إيران وروسيا في بحر قزوين. لذلك، من الضروري تكريس جزء أكبر من قدرة الدحرجة الروسية في بحر قزوين للتجارة مع إيران.

التحدي 3: التوقيت

التحدي الثالث يرتبط بموعد ويوم إبحار السفن. الحقيقة هي أنه في الوقت الحالي، قد تكون الطرق البرية أكثر تكلفة، لكنها أسهل وأكثر راحة. ويساعد التخطيط المنتظم لمغادرة السفن المصدرين والمستوردين الإيرانيين والروس على استخدام طاقة جميع موانئ البلدين في بحر قزوين. النقطة المهمة للغاية هي إمكان تحميل السفن الإيرانية والروسية وتفريغها في كل من نقاط المنشأ والوجهة. لسوء الحظ، في كثير من الحالات، تحمّل السفن في أحد موانئ إيران أو روسيا فقط، وتعود فارغة من دون حمولة. لذلك، من المهم جداً ألا تكون طرق العبور البحرية في اتجاه واحد فقط، بحيث تقلل التكلفة ويكون ذلك مبرراً اقتصادياً. بالتأكيد ستكون لها آثار إيجابية لزيادة حجم التجارة البحرية بين إيران وروسيا في بحر قزوين.

التحدي 4: الصقيع

التحدي الرابع هو وضع ميناء أستراخان الذي يتجمد في فصل الشتاء. في مثل هذه الظروف، هناك قيود جدية على وصول السفن إلى الميناء. أفضل خيار بديل للسفن الإيرانية والروسية هو ميناء ماخاتشكالا الذي لا يعاني من مشكلة التجمد في الشتاء، وفي الواقع، يعتبر الميناء الروسي الوحيد الذي يمكنه استضافة السفن الايرانية طوال العام، وسيساعد تعزيز التجارة البحرية عبر هذا الميناء في تقليل تكلفة نقل البضائع من إيران إلى موسكو ومدته بنسبة تزيد عن 30٪ مقارنة بالنقل البري عبر حدود أذربيجان.

التحدي 5: ضحالة المياه

التحدي الخامس هو النقص الشديد في الجرف في نهر الفولغا وقناة الفولغا – دون مما يتسبب بزيادة ضحالة مياهه، وصعوبة تحريك السفن. لهذا السبب، يجب أن تتحرك السفن في غاطس يبلغ 3.7 أمتار، ما يتسبب بتحميل السفن بسعة 70٪ فقط. لذلك، فإن تجريف نهر الفولغا وقناة الفولغا – دون لـ 4.5 أمتار ضروري لتتحرك السفن بكامل طاقتها.

لهذا السبب، أعلن دينيس فيتسناروفسكي، نائب رئيس قسم الإنشاءات والإصلاحات في الاتحاد الفيدرالي لروسموربورت، في 16 شباط 2022، أن مشروع إعادة بناء قناة فولغا – قزوين سيبدأ في 2023 -2024 ويستكمل بحلول العام 2028. يقدر النطاق الأولي للتجريف بـ15 مليار متر مكعب. الهدف الرئيس من البرنامج هو ضمان المرور الآمن للسفن بغاطس يصل إلى 4.5 أمتار.

التحدي 6: سكك الحديد

التحدي السادس هو أنه على عكس موانئ أستراخان وماخاتشكالا، حيث يمكن الوصول إلى السكك الحديدية الوطنية الروسية، ليس هناك سوى ميناء إيراني واحد فقط في بحر قزوين، أميراباد في مقاطعة مازندران، يمتلك وصولاً مباشراً إلى شبكة السكك الحديدية. لذلك، تعاني موانئ إيرانية أخرى من عدم الوصول إلى هذه الشبكة، وهي نقطة ضعف مهمة في “النقل متعدد الوسائط”. ومع ذلك، تحاول إيران حل هذا التحدي من خلال استكمال 35 كيلومتراً من طريق السكك الحديدية بين رشت (عاصمة مقاطعة جيلان) وميناء بحر قزوين، وهو ميناء بحري يقع في منطقة التجارة الصناعية الحرة في أنزالي. يمكن لشبكة السكك الحديدية أن تربط ميناء أنزلي وميناء قزوين بشبكة السكك الحديدية الإيرانية وموانئ إيران الجنوبية في الخليج الفارسي، وخصوصاً بندر عباس. إذا تم الانتهاء من خط سكة حديد رشت أستارا الذي يبلغ طوله 164 كيلومتراً، باعتباره الجزء الوحيد منINSTC ، فسيتم أيضاً توصيل ميناء أستارا في مقاطعة جيلان بشبكة السكك الحديدية الإيرانية.

إيران بحاجة ماسة إلى استكمال خط سكة حديد رشت – أستارا، لكن بما أن جمهورية أذربيجان غير قادرة على استيفاء التزاماتها المالية بسبب العقوبات، تلجأ طهران إلى موسكو للحصول على الدعم. في كانون الثاني 2022، سافر الرئيس إبراهيم رئيسي إلى موسكو، حيث انتهى الجانبان من خط ائتمان متفق عليه سابقاً بقيمة 5 مليارات دولار لإنجاز العديد من مشاريع التنمية في إيران.

وأشار وزير الاقتصاد الايراني إحسان خاندوزي إلى أن من ضمن تلك المشاريع، خط سكة حديد رشت أستارا. في 18 كانون الثاني 2023، قام المساعد الخاص للرئيس الروسي إيغور ليفيتين والوفد المرافق له بزيارة خط سكة الحديد وأعلنوا أن إيران وروسيا قد توصلتا إلى اتفاق لبناء خط سكة حديد رشت – أستارا في غضون ثلاث سنوات.

عموماً، حدثت خلال العام الماضي تطورات مهمة وإيجابية للغاية في مجال التعاون بين البلدين في بحر قزوين، والذي يحتاج إلى تعزيز وتطوير. من المهم للغاية ايجاد حلول للتحديات الرئيسة الستة وتسهيل الاجراءات اللوجستية والبيروقراطية والجمركية والتأمينية والمصرفية، وبعد ذلك ستشارك التجارة البحرية في العلاقات الاقتصادية بين إيران وروسيا وكذلك إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي”.

شارك المقال