خبر قتل الشيخ الرفاعي وقع كالصاعقة شمالاً… ودائرة التوقيفات تتسع!

إسراء ديب
إسراء ديب

أحدثت جريمة قتل الشيخ أحمد شعيب الرفاعي صدمة كبيرة شمالاً، فعلى الرغم من أنّ الكثيرين كانوا قد توقّعوا هذه النتيجة مسبقاً بعد اختطافه لأيّام من دون “لا حس ولا خبر”، إلا أنّهم كانوا يتمسكون بأمل العثور عليه حيّاً.

حال من الغليان ضربت بلدة القرقف العكارية بعد التأكّد من خبر وفاته، وموجة من الحزن عمّت عائلة المغدور وكلّ عائلة شمالية كانت عرفت من هو إمام مسجد البلدة وخطيبها المعروف بسيرته الحسنة ومساعدته الفقراء والمحتاجين. إلا أنّ القوى الأمنية تمكّنت من احتواء تداعيات هذه الجريمة منذ أن ضربت طوقاً أمنياً واستقدمت تعزيزات الى البلدة وصولاً إلى عدم إعلانها عن أيّ رواية أو خبر يُشتت الرأي العام ويبث روح الثأر بين أبناء البلدة، نظراً الى حساسية هذا الملف وهذه الشخصية الدينية.

الحديث عن العثور على جثة الشيخ الرفاعي إمّا بالقرب من نهر البارد أو عيون السمك في قضاء المنية – الضنية، لن يمرّ مرور الكرام بل ستكون هذه القضية عرضة للتصعيد وفق مقرّبين من الشيخ، لسببيْن: الأوّل يكمن في غضب البعض من الاستهزاء بالشخصيات الاسلامية ورجال الدّين وهذا ما كان يتحدّث عنه عدد لا يُستهان به من المواطنين الذين استذكروا قضية الموقوفين الاسلاميين والاهمال الذي يشمل هذه الملفات، والثاني أنّ هذه القضية قد تُؤدّي إلى قطع الطرقات والاعتصامات المختلفة تنديداً بالجريمة، فيما يخشى البعض من عمليات ثأر اعتيادية رداً على جريمة يُقال إن القائمين عليها لم يرغبوا في تنفيذها، بل “كان خطفه رغبة بالضغط عليه وتخويفه”.

ولا يُخفي أبناء قريته الأعمال الخيرية التي كان يلتزم بها الشيخ الرفاعي، “فهو صاحب مركز لتعليم القرآن، لكن خلافاته مع رئيس البلدية كانت معروفة وقديمة”.

وكُشفت ملابسات هذه الجريمة ولو جزئياً بخطوتين: الأولى تكمن في عمليات دهم نفذتها القوّة الضاربة في فرع المعلومات لتُسفر عن توقيف رئيس البلدية (ابن عمّة الشيخ) يحيى الرفاعي ونجله محمّد، وعلي الذي كان متوارياً عن الأنظار واعترف فيما بعد أنّه ارتكب هذه الجريمة مع آخر، كما ابن شقيقه عبد الكريم محمّد الرفاعي وهو عنصر في القوة الضاربة الذي اعترف عليه علي بأنّه شارك في ارتكاب الجريمة، لتتوالى بعدها التوقيفات وتشمل أكثر من 10 موقوفين من آل الرفاعي ومرافق رئيس البلدية مصطفى ميقاتي الذي كان شارك في قطع طريق عام المحمرة، وفق المعطيات الأوّلية التي أكّدت أيضاً أنّ دائرة التوقيفات والمشتبه بهم تتسع، وهي لا تشمل موقوفين من محافظة عكار فحسب.

أمّا الخطوة الثانية فتكمن في الكشف عن داتا الاتصالات والعثور على سترة وقناع يُقال إنّه يعود لعبد الكريم الذي استخدم السيّارة الأمنية في عملية الخطف هذه، ما يدفع بعض المتابعين إلى التشكيك برواية تكفّ يد الأجهزة الأمنية عن هذه الجريمة بشكلٍ أو بآخر.

في الواقع، لقد شدّد رجال دين كما متابعون لهذا الملف على أنّ جريمة القتل هذه لا يُمكن أن تكون بمرجعية سياسية أو دينية، بل عائلية، إذْ رأى البعض أنّ الخلافات العائلية ترتبط بالانتخابات البلدية ورغبة الشيخ الرفاعي في الترشح لرئاسة البلدية. وأوضح أحد أبناء البلدة أنّ الخلافات لا تكمن في ترشح الشيخ الرفاعي فحسب، بل في ملفات أخرى مرتبطة بقضايا عقارية وغيرها من جهة، (وهي رفضه بيع رئيس البلدية للمشاعات في البلدة وإدانته للثروة التي بات يملكها)، كما اهتمام رئيس البلدية (الذي قد لا يكون مسؤولاً عن جريمة القتل مباشرة) بمصلحته الأمر الذي كان يُدينه أبناء البلدة بوضوح من جهة ثانية.

فيما لا تُخفي مرجعيات خوفها من تورّط بعض الشخصيات في البلدة وخارجها في استدراج الشيخ نظراً الى تضارب المصالح الذي قد يضرّ بمصالح سياسية باتت موجودة وتتمدّد، من هنا رأى مصدر لـ “لبنان الكبير” أنّ “انتشار سرايا المقاومة في عكار والتي ظهرت بداية مع مساعدات إنسانية وخيرية خرجت علناً خصوصاً بعد انفجار التليل وتحجّجت معه بدخولها إلى المحافظة مادياً وإنسانياً، قامت بنشر ظاهرة المخدّرات التي لا يخفى على أحد مدى تضاعف حجمها فيها في الفترة الأخيرة والتي كان الشيخ الرفاعي أوّل من ناهضها”.

من هنا، تحدّث بعض المتابعين عن تورّط شخصيات في ملف المخدّرات وأحدها شخصية تابعة لـ “سرايا المقاومة” في البلدة، وبعد كشف الشيخ أمرها قامت بخطفه وقتله، بينما لا يُوافق مقرّبون من الشيخ على هذه الرواية ويرونها بدعة من البعض لزجّ “حزب الله” في هذه الجريمة.

ووفق أحد المصادر فإنّ “جريمة القتل لم تحدث مباشرة، إذْ نشكّ في أنّه بقي على قيد الحياة ليومين، لكن بعد تصعيد الموقف شعبياً ودينياً شعر المرتكبون بالقلق فقتلوه”، فيما شكّك البعض الآخر بهذه الرواية، معتبراً أنّهم أرادوا خطفه لتهديده لا لقتله، لكن الجدال المشترك رفع مستوى الخلاف ما أدّى إلى تصفيته. واستغرب البعض اقتراف المرتكبين هذه الجريمة، مع العلم أنّهم يُدركون أنّها لن تمرّ مرور الكرام بل ستكون عرضة للكشف مباشرة خصوصاً وأنّ “ابن الدولة” أيّ عبد الكريم يُدرك تماماً أن رمي قفازه المليء بالدم سيكشف أمره إذا كان يعود إليه حقاً، الأمر الذي يزيد من مستوى الشكوك، بينما تخوف آخرون من أن تكون التوقيفات واجهة تُخفي المرتكبين الحقيقيين أو الهدف الرئيس الذي يكمن خلف هذه الجريمة التي من شأنها إثارة الفتنة، لا سيما وأنّ “شقيق الشيخ الرفاعي كان يتحدّث منذ أيّام عن تفاوض مع رئيس البلدية، ما يعني أنّ عملية قتله بعد الاتفاق على التفاوض أمر لا يُعقل”، حسب أحد أبناء البلدة.

وكان آخر ما كتبه الشيخ على صفحته الافتراضية: “هنيئاً لمن يخرج من هذه الدنيا نظيفاً طاهراً غير ظالم ولا غفلان”، وهي مقولة بات يتداولها المتابعون ليُؤكّدوا أنّ الشيخ كان يُواجه أمراً ما، الأمر الذي دفعه إلى نشر هذا المنشور.

شارك المقال