إخبار ضد عون أمام عون بـ 30 مليون دولار… هل تتحرك أم يمنعها الولاء؟ 

محمد شمس الدين

أعلن رئيس “جمعية العمل اللبنانية لمكافحة الفساد” المحامي لؤي غندور في بيان منذ أسبوع، أنه تقدم بصفته الشخصية وبصفته رئيساً للجمعية، “بإخبار إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان في وجه الرئيس ميشال عون وزوجته ناديا الشامي وشقيقها، بجرائم اختلاس المال العام وتهريب وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع وسرقة أموال الجيش، على خلفية ما أدلى به اللواء عصام أبو جمرة لجهة استلام عون مبلغ 30 مليون دولار أميركي من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لدعم رواتب الجيش، وقيامه بتحويل 15 مليوناً منها إلى حساب زوجته وشقيقها في الخارج، ثم قيامه بسحب 12 مليوناً أخرى لغايات شخصية”.

وطلب غندور في إخباره من “النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون إجراء المداهمات والتحقيقات اللازمة من أجل إعادة الأموال إلى الخزينة، في إطار الحملة التي تشنها على المتطاولين على المال العام”. فأين أًصبح الملف قضائياً؟

القاضية عون التي تصرفت في كل ملفاتها وكأن لا وجود لنيابة عامة تمييزية، بل انها تمردت فعلياً على قراراتها، قررت تحويل هذا الإخبار إلى مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، الذي ما لبث أن رد الملف إليها وفق الصلاحية المكانية لإجراء المقتضى فيه، وهي اليوم في موقف حرج، في حال حققت في الملف أو تجاهلته.

وقال المحامي غندور في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “إيماناً منا بالدور الذي تقوم به النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، من مداهمات وتحقيقات، قدمنا هذا الإخبار ووضعناه في عهدتها، واللواء أبو جمرة كان نائب رئيس الحكومة العسكرية آنذاك ميشال عون، ووزير ماليته أيضاً، وهو الذي قال إن الرئيس عون حوّل الأموال التي كانت هبة من صدام حسين لدفع رواتب العسكريين، إلى الحسابين الشخصيين لزوجته وشقيقها”.

أما عن رد من يدورون في فلك “التيار الوطني الحر” على الدعوى، فأكد غندور أن “الجدال الحاصل، هو أن القضاء قال كلمته في هذا كما لفتت النائب ندى البستاني، من منطلق أن محكمة المطبوعات حكمت لصالح الرئيس عون في قضيته عما ورد في كتاب الرئيس الراحل الياس الهراوي، وبغض النظر عن أن حكم محكمة المطبوعات لا يعني أن الجرم لم يرتكب، إلا أنها قضية أخرى، فالرئيس الهراوي تحدث في كتابه عن أموال جباية، وقمح، ومحروقات، حوّلها عون إلى حساباته أو حسابات زوجته الشخصية، وهي بقيمة 75 مليون دولار، أما الإخبار الذي قدمناه فمتعلق بأموال من الرئيس العراقي السابق صدام حسين كانت مقدمة للجيش اللبناني، وهي بقيمة 30 مليون دولار، وهذا الأمر أيضاً ينافي الرد من أوساط عون بأنها ليست أموالاً عامة، فهو كان في حينها رئيس الحكومة العسكرية، وتسلم الأموال على هذا الأساس، وأنها هبة لرواتب العسكريين في حينها”. وأوضح أن “فكرة مرور الزمن كما يدّعي العونيون، لا تنطبق على الإثراء غير المشروع، وإخبارنا من هذا المنطلق”.

أضاف غندور: “يكفينا فخراً أنا والشعب اللبناني أن فخامة الاصلاح والتغيير وفريقه السياسي، يتلطيان خلف الدفوع الشكلية، ولكنهما لا يستطيعان نفي الجرم وارتكاب الفعل، لأنه موثق، وهما يحاولان تضليل الرأي العام، تارة عبر خلط قضية الرئيس الهراوي بقضيتنا، وهي قضية أخرى، وتارة عبر الإدعاء بأنها ليست أموالاً عامة، أو أن القضية مرّ عليها الزمن، ولكن الإثراء غير المشروع لا يخضع لمرور الزمن، وقد كشفنا أمر هذه الـ 30 مليون دولار للرأي العام اللبناني، والمضحك أنهم منذ مدة وضعوا صورتين لقصر عون في الرابية قبل توليه رئاسة الجمهورية وبعده وأنه لا يزال يستعمل الطاولة نفسها، كأنه فقير مسكين”.

تجدر الاشارة الى أن وزير المال السابق محمد الصفدي كان قد فك الحجز عن 12 مليون دولار لعون في العام 2012، وبما أن التيار يتغنى بأن خلفية عون متواضعة، فمن المؤكد أن موقع قائد الجيش لا يصل راتبه إلى هذا المبلغ ولو على مدى عشرات السنين، ولذلك تبدو هذه التهمة ثابتة.

واستغرب سياسي عايش مرحلة التسعينيات في حديث لموقع “لبنان الكبير” إثارة الموضوع اليوم، لافتاً الى أن “الملف قديم، ومثبت على الرئيس السابق ميشال عون، وهو لا ينكره أساساً، وحتى أنه بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، تم الكشف عن مراسلات بينه وبين عون، وكل ما في الأمر أن الملف طوي على الطريقة اللبنانية، ولم تتم إثارته مجدداً بعد عودة عون من منفاه الباريسي، ويمكننا بكل بساطة أن نقوم بالتدقيق الجنائي في كل ما يملكه عون والتيار، ونسأل من أين لهما هذا؟ وعندها قد نجد أكثر من ذلك، تحديداً أن الجميع يعلم أن ما ورد في كتاب الرئيس الياس الهراوي يترافق مع وثائق موقعة من عون نفسه، وحكم محكمة المطبوعات لا ينفي أن الجرم ارتكب، وهذا الأمر بحاجة إلى تحقيق، وعلى رأي فخامته تدقيق جنائي”.

لا شك في أن عهد عون كان عهد جهنم بامتياز، ولكن إذا كان قد استولى على أموال قادمة لعناصر الجيش اللبناني في العام 1989، فيخطر على بال اللبنانيين سؤالان: هل هذا هو تيار الجيش كما يدّعي؟ وماذا عن فترة الحكم من 2016 إلى 2022، هل نكشف بعد سنوات طوال عن ملفات مشابهة؟ التاريخ لا بد من أن يحكم. ويبقى السؤال الأكبر: ماذا ستفعل القاضية غادة عون، التي تحمل لواء ملاحقة الفاسدين، هل ستحقق في الملف أم أن الانتماء السياسي يحكم تصرفاتها؟

شارك المقال