الحرب في أوكرانيا بدأت للتو!

حسناء بو حرفوش

هناك سبب وجيه يدعو الى الاعتقاد بأن الديبلوماسية غير ممكنة لحلّ الحرب في أوكرانيا وأن القتال سيستمر لا محالة. اليوم، وبعد مرور أكثر من عام على القتال، أدى الصراع، الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الضحايا وفقاً للتقديرات، إلى طريق مسدود دموي حول بلدات أوكرانية كانت مجهولة الهوية مثل باخموت ومارينكا، حسب مقال في موقع “ذا إنترسبت” الاخباري الالكتروني.

ووفقاً للمقال، “لا شك في أن معاهدة السلام التي تضع حداً لهذه الفوضى تبدو ضرورية لأسباب عديدة وواضحة، وقد أشارت القوى الأجنبية مثل الصين والهند مؤخراً إلى أنها ترغب في تشجيع هذه المعاهدة. ومع ذلك، يعتبر المراقبون أن كل الدلائل تشير إلى استمرار الحرب لسنوات قادمة، مع التزام الجانبين بالاعتقاد أن النصر في متناول أيديهما وأن دفع الحرب إلى الأمام أمر يستحق العناء.

وفي السياق نفسه، لا يتوقع الأستاذ والباحث في جامعة كولومبيا، راجان مينون حلاً قريباً. وفي كتابه الذي يحمل عنوان (الصراع في أوكرانيا: فك نظام ما بعد الحرب الباردة)، يفصح مينون عن خوفه من غياب أي احتمال للديبلوماسية. ويقول: (يبدو أن ما سيقبله الطرفان كتسوية عادلة للحرب أمر مستبعد للغاية)، مشيراً إلى إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن المقاطعات الأوكرانية الأربع التي تسيطر عليها روسيا قد ضمت بالفعل، وهو موقف من المستبعد للغاية أن يتراجع عنه. ويجزم: (لا أرى أي احتمال للديبلوماسية. ما سيقبله الطرفان كتسوية عادلة للحرب بعيد كل البعد).

ويضيف مينون: (من الجانب الأوكراني، هناك الاجماع على محاربة روسيا… وهو إجماع تدفعه المشاعر القومية في ظل تعرض البلاد للغزو وللدمار وللفظائع. ليس لدى الأوكرانيين أوهام بشأن تحقيق نصر سريع وقد قدروا بالفعل أنه سيتعين عليهم تحمل هذا لفترة طويلة”.

الصراع جزء دائم من النظام الدولي

يجادل مينون بأن الحرب من المرجح أن تستمر لسنوات عديدة قادمة، وهو التنبؤ الذي ردده العديد من المراقبين الآخرين. وجادل البعض بأن الصراع سيصبح جزءاً دائماً من النظام الدولي، ولن ينتهي إلا إذا انهارت أوكرانيا أو روسيا، أو لم يعد كلاهما موجودين كدولتين. وحتى إذا ظهرت تسوية تفاوضية في وقت ما في المستقبل، فسيكون مقدار الدمار الذي من المحتمل أن يحدث بحلول ذلك الوقت مرعباً.

لقد تسببت الحرب بالفعل بخسائر فادحة أصابت السكان الأوكرانيين، الذين عانوا من المذابح والتدمير المنهجي للبنية التحتية. ومع ذلك، ثبت أن الحرب تضر بروسيا أيضاً. فبالاضافة إلى معاناة روسيا من العقوبات الغربية، والتي من المرجح أن تتصاعد في السنوات المقبلة، قُتل وجُرح عدد كبير من الشبان الروس أو فروا ببساطة من البلاد هرباً من التجنيد العسكري الاجباري. ووفقاً لمجلة (إيكونوميست)، يفضح هذا النزوح الجماعي وقتل الشباب الروسي الآن وجود 10 ملايين امرأة روسية أكثر من الرجال في البلاد، وهو وضع ينذر بكابوس ديموغرافي لسكان يتقدمون في السن بسرعة بالفعل.

بكلمات أخرى، لعبت الولايات المتحدة دوراً في إطالة أمد الصراع من خلال تسليح الأوكرانيين بشدة لمقاومة العدوان الروسي. لقد خضع هذا الموقف للتدقيق من بعض قطاعات المؤسسة السياسية الأميركية. ووصف مراقبو السياسة الخارجية الصراع بأنه مكلف للغاية من الناحية المالية، أو ألقوا باللوم على الولايات المتحدة في استفزاز روسيا باحتمال توسع الناتو أو اقترحوا أن أهون الشرور يقضي بوقف شحنات الأسلحة إلى الأوكرانيين والسماح للصراع بالانتهاء بسرعة وقبول انتصار روسي محتمل. ومع ذلك، ما فشلت هذه المواقف في تفسيره هو تصرفات الأوكرانيين، الذين أثبتوا، على مدى أكثر من عام من القتال، التزامهم الكبير بالحفاظ على دولتهم وعلى سلامة أراضيها”.

شارك المقال