الاستحقاق الرئاسي ينتظر “الباكيج” الاقليمية

محمد شمس الدين

تطورات مهمة على صعيد الاستحقاق الرئاسي المعطل حصلت في الفترة الأخيرة، أولها تبني الثنائي الشيعي رسمياً رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية كمرشحه للرئاسة، من دون أن يكون هناك ترشيح رسمي له، تاركاً له اختيار الوقت المناسب للترشح، ولكن هذا الأمر دفع الاستحقاق الرئاسي إلى الخروج من دائرة الحل اللبنانية، ليصبح متعلقاً بالتطورات الاقليمية والمفاوضات الخارجية، مما يوصلنا إلى التطور المهم الآخر الذي حصل أول من أمس، وهو الاتفاق السعودي – الايراني الذي حصل برعاية صينية، فهل سينعكس هذا الاتفاق إيجاباً على لبنان؟ وما هي السيناريوهات الرئاسية المتوقعة؟

مصادر مقربة من مرجعية سياسية رأت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الاستحقاق الرئاسي في لبنان لن يحل داخلياً بعد تعنت القوى السياسية في البلد، بل كل طرف يتشدد أكثر في موقفه، وهناك حتى رفض للحوار من أجل الوصول إلى توافق، ولذلك أصبحت رئاسة الجمهورية تنتظر طاولة المفاوضات في الخارج، ولكن من المؤكد أن حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أعلى من غيره، فبالنسبة الى الخارج وتحديداً السعودية رئاسة الحكومة والحكومة أهم من شخص الرئيس، ولذلك المرحلة المقبلة ستكون واحدة من إثنتين، رئيس جمهورية مقرب من الممانعة مقابل رئيس حكومة مقرب من المعارضة، أو كلا المحورين يتنازلان، ويكون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بعيدين سياسياً عن الطرفين وهذا أمر صعب فعلياً، فليس هناك أحد ليس لديه نوع من الانتماء السياسي”.

واعتبرت المصادر أن “الاتفاق السعودي – الإيراني الذي حصل مهم، ولكنه اتفاق مبدئي أعطي مهلة شهرين، وبالتالي يجب الانتظار حتى يمكن فعلياً معرفة كيف ستكون انعكاساته، كونها لن تكون مباشرة، وإن كانت له إيجابيات ستبدأ من اليمن”، مشيرة الى أن “هذا الاتفاق قد يمهد الطريق الا أنه مجرد إعلان حسن نوايا، والملف اللبناني يبدو أنه سيحل على طريقة الـ س. س نفسها ضمن (باكيج) في المنطقة، ولكن السؤال يبقى إلى من سيُلزّم لبنان؟ هل إذا ركبت التسوية يُلزّم البلد لايران لمدة 10 سنوات كما لزّم إلى سوريا سابقاً؟ وإن كان التلزيم لايران هل يكون حزب الله هو ضابط الإيقاع؟ أم هل إن عودة سوريا المرتقبة إلى الحضن العربي ستعيد إحياء دورها في لبنان؟ مما لا شك فيه أن الايرانيين ومعهم الحزب لا يحبذون أن يمسكوا بزمام الأمور في الداخل اللبناني، وذلك كي يستطيعوا تبرئة أنفسهم من أي مشكلات أو ارتكابات قد تحصل.”

وشددت المصادر على وجوب “أن ننتظر لنرى ماذا ستفعل السعودية، هل ستدخل في مشروع كامل؟ أم هل يكون نصف مشروع وتنتظر الأداء؟”، مؤكدة أنه “يجب انتظار رد الفعل الأميركي على هذا الاتفاق، تحديداً أن الصين هي من رعته، وهذا قد يزعج الأميركيين”. ورأت أن “الحل في لبنان ليس قريباً وقد سقطت الحلول الداخلية، وعلى اللبنانيين انتظار انقشاع الجو الاقليمي، لأن القوى السياسية الداخلية رفضت التوافق بنفسها على الاستحقاق الرئاسي والملفات الداخلية، وعندما ستأتي الاملاءات الاقليمية، الكل سينزل عن شجرة التصعيد، ويسير كما يريد الاقليم”.

ورأى المحلل السياسي يوسف دياب أن الاتفاق الذي حصل لا يعني بالضرورة وصول مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية إلى الرئاسة، ولكنه إذا نفذ لا بد من أن ينسحب على لبنان، مشيراً الى أن “الاعلان عن الاتفاق السريع بين السعودية وإيران مفاجئ نوعاً ما، ونتيجة محادثات سرية حصلت في الصين بين السادس والعاشر من آذار كما نقل، ولا شك في أنه إذا نجح هذا الاتفاق، الذي يبدو أنه اتخذ مسار التطبيق عبر فتح السفارات واستئناف العلاقات الديبلوماسية، فسنرى الترجمة بدءاً من اليمن، وإذا شهدنا عودة مجموعة الحوثي إلى العمل ضمن الحكومة الشرعية اليمنية، فيمكننا عندها القول إن هناك بوادر حلحلة لملفات المنطقة، وسينسحب على العلاقة بين السعودية وإيران في العراق وسوريا وبالطبع سينسحب على لبنان.”

أضاف دياب: “إذا نجح الاتفاق، علماً أن إيران قلما تلتزم بالتعهدات التي تقطعها في هذا المجال، فسينسحب راحة واسترخاء على الساحة اللبنانية، تحديداً بعد التشنجات الأخيرة التي حصلت، ولكنه لا يعني أبداً ضمان وصول مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية الى الرئاسة، فهذا متوقف على الضمانات التي سيقدمها الثنائي للسعودية، وكمْ يمكن لهذا الرئيس أن يؤسس لمساحات مشتركة بين القوى اللبنانية، وأنا بتقديري أرى أن الشهرين القادمين حتى آخر أيار أو بداية حزيران سيكونان فاصلين، فحينها ستتضح الصورة، وسنرى إن كانت العلاقات بين السعودية وإيران ستستأنف وتفتح السفارة بصورة إيجابية، وهذا يعني أن هناك تلييناً في المواقف الايرانية على مستوى كل المنطقة، وأظن أن إيران بحاجة الى هذا الاتفاق، لأن وضعها الاقليمي والدولي صعب للغاية، وهي تحت حصار كبير، وتتعرض لمقاطعة أوروبية جديدة بعد خسارتها الشريك الوحيد الذي كان يتواصل معها، فرنسا، ولذلك هذا الاتفاق إذا نجح، فسيفتح المجال أمام انفراجات إيرانية على كل المستويات، وحتى قد ينسحب على الملف النووي.”

وتوقع دياب أن يكون سيناريو رئاسة الجمهورية في لبنان أقرب الى التحقيق خلال الشهرين المقبلين، لافتاً الى أن “ما عقّد الانتخابات الرئاسية والوصول إلى مرشح توافقي هو أن إيران كانت بعيدة عن اللقاء الخماسي الذي عقد في باريس، وما كان يعنيها في هذا الموضوع هو عودة علاقتها بالمملكة العربية السعودية، وهي تعلم أنه إذا حلت مشكلتها معها فتحل مشكلاتها مع كل المنطقة، ولكن بالتأكيد السعودية لن تقبل بعلاقات جديدة في المنطقة والأذرع العسكرية الايرانية لا تزال منتشرة، سواء الحوثيون في اليمن أو الحشد الشعبي في العراق، أو الميليشيات الشيعية في سوريا، والتي لها دور سلبي جداً، أو حتى حزب الله في لبنان، والمفترض أن هذه التسوية تكون (باكيج) على مستوى المنطقة.”

شارك المقال