تدخلات سياسيّة ووعود “مدفوعة” تُؤجّل انفجاراً بيئياً في طرابلس!

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يتخلّص الطرابلسيون بعد من أزمة تراكم النفايات في شوارعهم وأحيائهم العامّة، إذْ عادت هذه المعضلة المتجدّدة في كلّ مرحلة زمنية إلى الواجهة من جديد بعد اتخاذ الشركة المشغّلة لمطمر النفايات “باتكو” قراراً بإغلاق المكب قبل أيّام عدّة. وتفاقمت هذه المشكلة تحديداً منذ ثلاثة أيّام بحيث رصد أهالي المدينة تراكم هذه النفايات أمام منازلهم ومحالهم التجارية مع انتشار الحشرات المختلفة والروائح الكريهة والمنفّرة، ما يُنذر فعلياً بكارثة بيئية واجتماعية خطيرة لن تمر مرور الكرام، بل يُمكن القول انّها تركت آثاراً واضحة هذه المرة لا سيما وأنّها مشكلة قديمة يُدرك المواطن أنّها لم تُحلّ بعد للحد من انعكاساتها السلبية.

ففي ظلّ الأزمة المالية التي تكمن في عدم دفع مجلس الإنماء والإعمار المستحقات المالية لشركة “باتكو” للتعهدات، نفذ عمّال الشركة إضراباً تحذيرياً أقفل معه باب المكبّ لأيّام في وجه شركة “لافاجيت” التابعة لها والتي كانت ملزمة بدورها في إزالة النفايات وجمعها لإدخالها إلى المطمر. وفي المعطيات استمرت “لافاجيت” في عملية الجمع لكنّها توقفت فيما بعد قسراً، الأمر الذي يُفسّر تراكم هذه النفايات التي رميت وتركت في شوارع المدينة.

وفي التفاصيل، يُؤكّد مصدر مسؤول لـ “لبنان الكبير” أنّ الشركة كانت استخدمت “بورة” لرمي النفايات فيها مؤقتاً في هذه الأيّام، وهي مخصّصة للحوادث لكنّها امتلأت، أمّا الآن وبعد حلّ الأزمة “مؤقتاً” ومعاودة شركة “لافاجيت” أعمالها في مدن اتحاد بلديات الفيحاء منذ ساعات، فخصّصت الجرافات والآليات لازالة النفايات بالاستعانة بآليات من بلدية طرابلس.

لكن وفق المصدر فإنّه حلّ جزئي ومؤقت للأزمة التي ستندلع من جديد وقريباً جداً، وقد تُطرح في الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة إنْ لم تحلّ جذرياً هذه المرّة، تحديداً أنّ المعلومات تُشدّد على أنّ هذا المكب وهو الثاني في طرابلس بعد إقفال الأوّل، سيمتلئ خلال الأشهر الأربعة المقبلة، ما يعني أنّ المدينة ستكون على موعد مع الكارثة البيئية المرتبطة بالمكب قريباً والذي تُطرح أزمته منذ أشهر. وستكون طرابلس في أواخر شهر آذار على موعد مع مؤتمر بيئي مخصّص للمدينة يطرح بعض الحلول لأزمة المكبّ، وذلك في معرض رشيد كرامي الدّوليّ بعنوان “من المصدر إلى المطمر”، في محاولة مستمرّة لابعاد المدينة عن الشبح البيئي المحيط بها منذ أعوام، وهو شبح مقلق وسط الكثير من المعطيات البيئية عن الانفجار الوشيك لهذا المكب إذا استمرّ العمل على الاستراتيجية نفسها.

عملية إزالة النفايات من جديد في طرابلس وإنْ بدت خطوة “تفاؤلية” عند البعض، إلا أنّها كانت نتاجاً لاتصالات سياسية مكثفة ووعود “مدفوعة” لدفع “باتكو” إلى فتح المكب الكائن على طريق المحجر الصحي، وحسب معلومات “لبنان الكبير” فإنّ اتصالات مكثفة أجراها وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي الذي أخذ تفاصيل معلوماتية عن هذه الأزمة من جهة، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من جهة ثانية، أثمرت عودة العمل من جديد.

وتُشير هذه المعلومات إلى إعطاء وعود بتقديم دفعة مالية للشركة مع إدراج هذه الأزمة في جلسة مجلس الوزراء التي قد تُعقد الأسبوع المقبل، ما يعني أنّ طرابلس قد ترزح تحت وطأة التهديد المستمر لأهلها بعودة هذه المشكلة إلى أراضيها إذا لم تُحلّ من جذورها، فلا يُدرك أحد ما إذا كانت ستُدرج على لائحة أعمال المجلس فعلياً أم لا، ولا مصدر الدفعة التي ستحصل عليها الشركة التي تُطالب بمستحقاتها المالية منذ عام.

وإذْ يرى البعض أنّ الاضراب التحذيري للشركة يستهدف تجديد عقدها في طرابلس “ولهذا السبب استخدمت أسلوب التهديد بالاضراب للضغط على مجلس الانماء والاعمار”، يُعلّق أحد المتابعين لشؤون الشركة أن “باتكو تحتاج إلى مستحقّاتها المالية لتعمل أساساً، وهو حقّ من حقوقها لا بدّ من حصولها عليه للاستمرار، فهي لن تعمل مجاناً على حساب عمّالها. أمّا عن تجديد العقد وغيره من الاجراءات فالحديث عنها لا يبدو مهمّاً حالياً بقدر ما يجب الاكتراث بوضع حلّ شامل وخطة واضحة للعمل في الأشهر المقبلة التي تحمل أنباء غير سارّة على الصعيد البيئي في الفيحاء”.

ويشير الى تدخل النواب الطرابلسيين في هذه الأزمة، قائلًا لـ “لبنان الكبير”: “تدخلهم المتأخر لم يكن إلا بتغريدات عبر تويتر لكن لم يتحرّك أيّ منهم فعلياً لحلّ المشكلة. للأسف لقد اعتاد نواب المدينة على الاتكالية في وقتٍ يُمكنهم التعاون فيه لانتشال مدينتهم من هذه الأزمة”. ويلفت إلى رصد الطرابلسيين غياب بعض النواب الجدد الذين سبق أن أثار بعضهم موضوع انفجار المكب منذ أشهر.

شارك المقال