عملية “مجدو”… تسخين الأجواء لتغيير اللعبة

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

تساءل كثيرون خلال اليومين الماضيين عما سيؤدي اليه تصعيد اسرائيل عند حدود لبنان الجنوبية إثر إعلانها عن قتل شخص قالت إنه تسلل من الأراضي اللبنانية وقام بتفجير عبوة ناسفة قرب مدينة حيفا في عملية “مجدو”. فيما التزم “حزب الله” الصمت ولم يصدر أي تعليق على الحادثة، بينما أعلنت قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان “اليونيفيل” أن وحداتها لم تلاحظ عبور أي شخص من الحدود الجنوبية إلى إسرائيل، فهل يكون هذا الاتهام مبرراً لشن اسرائيل حرباً على لبنان؟

أشارت اسرائيل الى أن التحقيق الأولي للجيش الاسرائيلي يوم الاثنين، أظهر تسلل منفذ العملية من الأراضي اللبنانية، ويتم التأكد من مدى تورط “حزب الله” فيها، لكن إذاعة الجيش الإسرائيلي أعلنت صباح الخميس، أنَّ منفّذ العملية يبدو فلسطيني الأصل من أحد مخيمات اللاجئين في لبنان ويحتمل أنه يتبع لحركة “حماس”، ليعود بعدها فصيل يطلق على نفسه اسم “المجلس الثوري لقوات الجليل – الذئاب المنفردة داخل فلسطين وخارجها” ويتبنى العملية، نافياً المعلومات التي نشرتها إسرائيل، ومؤكداً أن منفذ العملية في مكان آمن ويحتفظ بتوثيق العملية.

عندما تم ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، ساد انطباع بأن مرحلة الحرب بين البلدين انتهت، لأن الترسيم كان عبارة عن إعتراف غير مباشر بالكيان الصهيوني، ويوفر الأمان على الحدود للطرفين بضمانات دولية، ولكن المفاجأة أنه بعد فوز أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات الاسرائيلية وخسارة أحزاب الوسط التي مثلتها حكومة يائير ليبيد التي جرى في عهدها توقيع اتفاق الترسيم، أخذ المتطرفون يزايدون على من سبقهم ويتخذون تدابير وقرارات حتى الاسرائيليين لم يتقبلوها ورفضوها وهذا ما يجري التعبير عنه في التظاهرات التي تنطلق كل يوم سبت في ساحات تل أبيب، وزادت نسبة المشاركة فيها أسبوعاً بعد أسبوع. وأخيراً ازدادت مواقف ايتمار بن غفير تطرفاً بدعوته الى إعدام المعتقلين الفلسطينيين، ما يعني القيام بمجزرة وهو أمر يزيد المخاوف من قرارات حكومة بنيامين نتنياهو، أضف الى ذلك الخلاف الاسرائيلي – الاسرائيلي حول تعزيز صلاحيات المحكمة العليا في اسرائيل التي يحق لها محاكمة الفاسدين والمخالفين للدستور. هذه التطورات قد تدفع الحكومة الاسرائيلية الى المغامرة والهروب الى معركة مع الخارج عبر شن حرب، سعياً الى الحصول على تأييد الاسرائيليين في الداخل والسكوت عن ممارسات الائتلاف الحكومي الحالي الذي لن تكتب له الحياة طويلاً بفعل سياساته العنصرية.

ومن جهة لبنان، وبحسب متابعين لا يبدو “حزب الله” في وارد اعطاء ذريعة لاسرائيل لشن حرب على لبنان أو رمي حبل إنقاذ لنتنياهو، فهو واعٍ الى هذا الموضوع وسيفوّت الفرصة على العدو حتى ولو كانت هناك اعتداءات.

ويقول مدير مركز “مسارات” في رام الله الكاتب والباحث الفلسطيني هاني المصري لـ”لبنان الكبير”: “حتى الآن لم تحل جميع ألغاز وطلاسم ما عرف بعملية مجدو، فالمصدر الوحيد الذي قدم رواية هو إسرائيل وتحديداً من مصادر أمنية. والرواية الاسرائيلية ليست متماسكة ولا مكتملة، فأن يتسلل شخص من لبنان ويذهب لوضع عبوة بعيداً عشرات الكيلومترات عن الحدود والعبوة تنفجر ولا تصيب إلا واحداً على الرغم من أنها متطورة، ويعود بعد ذلك إلى الحدود ومعه حزام ناسف لتقتله القوات الإسرائيلية من دون تحديد من أين إخترق الحدود وهل استخدم نفقاً أم لا، وهل هو فلسطيني أو لبناني ومن أرسله حزب الله أو حماس أو غيرهما، ولأي غرض أي ما هدفه، هل يريد أن يوتر الأجواء بين لبنان وإسرائيل أو أن يوحي بأنه يعمل لطرف فلسطيني من الداخل (الضفة أو أراضي 48)؟”.

وبرأيه أن “هناك سيناريوهات عدة منها أن حزب الله أو حماس أو طرفاً آخر يريد أن يسخن الأجواء ويغيّر قواعد اللعبة من دون الإنجرار الى حرب، سواء إنتصاراً للفلسطينيين الذين يتعرضون لمخطط تصفية للقضية ولمذبحة على يد حكومة نتنياهو – بن غفير – سموتريتش، أو أن طرفاً لبنانياً يريد أن يرسل رسالة تؤكد وحدة الساحات وصدقية الحديث الأخير لزعيم حزب الله حسن نصر الله، أو أن الرواية كلها مفبركة من إسرائيل لأنها تمر بأزمة داخلية غير مسبوقة مفتوحة على أسوأ الاحتمالات، وعن طريقها تسعى الى توحيد الاسرائيليين في مواجهة الخطر الخارجي الذي تتحد المعارضة والحكومة في إسرائيل ضده، فهناك إجماع إسرائيلي ضد الفلسطينيين وإيران وحزب الله وسوريا”.

ويضيف: “لكن إذا لم ترد إسرائيل فهذا يقوي سيناريو الفبركة الاسرائيلية، وإذا ردت فليس بالضرورة أن يكون رداً كبيراً يؤدي إلى حرب. وفي كل الأحوال إن سيناريو الحرب مع قطاع غزة والفلسطينيين عموماً يكبر، وبدرجة أقل مع حزب الله وبشكل أقل مع إيران، ولكنه محتمل ويتصاعد على خلفية قرب حصولها على القنبلة النووية، ولكن هذا السيناريو بحاجة إلى مشاركة أو ضوء أخضر أميركي والادارة الأميركية إقتربت من الموقف الاسرائيلي ولكنها لا تزال مترددة وليست مثل إدارتي باراك أوباما ودونالد ترامب اللتين كانتا ضد الحرب مع إيران بقوة. لننتظر ونرى، ولكن لنستعد لمختلف السيناريوهات، فالمنطقة والعالم يتغيران ومقبلان على المزيد من التغييرات”.

شارك المقال