هل يشارك لبنان في القمة العربية برئيس منتخب؟

صلاح تقي الدين

شهدت العاصمة الفرنسية باريس في الأسبوع الماضي حراكاً مكثفاً متعلقاً بالانتخابات الرئاسية اللبنانية مع الزيارة التي قام بها رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط لاجراء مشاورات حول هذا الموضوع، ثم الزيارة السريعة التي قام بها رئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية للغاية نفسها.

وكانت باريس قد شهدت في الأسبوع الذي سبق أيضاً اجتماعاً سعودياً فرنسياَ ضم المستشار في الديوان الملكي السعودي المفوض ملف العلاقات اللبنانية نزار العلولا وسفير خادم الحرمين الشريفين في بيروت وليد بخاري من جهة ومستشار الرئيس الفرنسي لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط باتريك دوريل من جهة أخرى، وأكّد الموفد السعودي موقف الرياض الحاسم لجهة عدم الدخول في أسماء مرشحين للرئاسة ورفض أي رئيس ينتمي إلى محور الممانعة والتمسك بالمواصفات التي وضعتها والتي لا تنطبق على فرنجية.

وحظيت الزيارة التي قام بها جنبلاط على رأس وفد ضم رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط والنائبين وائل أبو فاعور ومروان حمادة باهتمام شديد من المراقبين المحليين والاقليميين الذين انقسموا بين من قال إن جنبلاط في طريقه إلى الانقلاب على موقفه السابق بعدم انتخاب فرنجية ومسايرة صديقه التاريخي رئيس مجلس النواب نبيه بري بإعطاء أصوات كتلة “اللقاء الديموقراطي” لصالح فرنجية، وبين من اعتبر أن جنبلاط يريد استطلاع الموقف الفرنسي عن قرب لمعرفة نتيجة المفاوضات التي يجريها مع السعوديين للقبول بفرنجية.

لكن عقب الزيارة، أكّدت مصادر اشتراكية لموقع “لبنان الكبير” أن جنبلاط ثابت على موقفه بعدم انتخاب رئيس يعتبر تحدياً لفريق من اللبنانيين، وفرنجية رئيس تحدٍ كما هو النائب ميشال معوض بالنسبة الى الفريق الداعم لفرنجية، وأن رئيس “الاشتراكي” أعاد طرح الأسماء التي سبق أن أعلنها عبر الاعلام لمرشحين “توافقيين” وهم قائد الجيش العماد جوزيف عون والنائب السابق صلاح حنين والوزير السابق جهاد أزعور.

وأضافت المصادر أن جنبلاط ليس متمسكاً بهذه الأسماء بل هو مستعد للبحث في غيرها وسبق أن طرح أيضاً أسماء مثل السيدة مي الريحاني والمحامي شبلي الملاط، غير أن القاعدة الأساس بالنسبة الى حراك جنبلاط هي إلى جانب عدم انتخاب رئيس تحدٍ، يشدد على أن يكون الاسم الذي سيصار إلى التوافق عليه مقبولاً من غالبية مسيحية، ومؤمناً بعلاقات لبنان التاريخية مع عمقه العربي وملتزم بتطبيق اتفاق الطائف ويملك تصوراً إصلاحياً.

وكان جنبلاط والوفد المرافق التقيا مدير المخابرات الخارجية الفرنسية السفير السابق لدى لبنان برنار ايميه إضافة إلى المستشار دوريل.

وعشية عودة جنبلاط إلى بيروت، وصل فرنجية إلى باريس التي قيل إن دوريل طلب منه ملاقاته فيها لكي يبحث معه في الضمانات التي يمكن أن يقدّمها للسعودية التي ترفض وصوله إلى بعبدا، واستناداً الى معلومات صحافية فإن فرنجية قدّم الضمانات التي طلبها المسؤول الفرنسي، غير أن مصادر ديبلوماسية عليمة شدّدت على أن المملكة العربية السعودية غير مستعدة لقبول أي نوع من الضمانات، إذ أن لا فرنجية ولا غيره من المرشحين الذين يدعمهم “حزب الله” قادر على الالتزام بها والسنوات التي قضاها الرئيس السابق ميشال عون في قصر بعبدا خير دليل على عدم قدرة أي رئيس تحت عباءة الحزب أن يفي بالضمانات أو يلتزم بها.

لكن المباحثات التي استضافتها باريس لم تكن منعزلة عن حراك آخر يجري التحضير له في العاصمة المصرية القاهرة، حيث سرت معلومات بأن المصريين يجرون مباحثات جدية ومكثفة لاستضافة اجتماع للجنة الخماسية المعنية بالشأن اللبناني على أن ينضم إلى هذا الاجتماع مندوب عن الجمهورية الاسلامية في إيران.

هذا الحراك الدولي الذي يتمحور حول ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية قد يكون نتيجة مباشرة للاتفاق التاريخي الذي رعته بكين بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية في إيران، والذي من أولى نتائجه التهدئة التي تشهدها محاور الصراع الاقليمي، والانفتاح الخليجي على سوريا التي من المرجح أن تشارك في اجتماع القمة العربية التي تستضيفها الرياض في التاسع عشر من أيار المقبل.

لكن خطوة عودة دمشق إلى الجامعة العربية ومشاركتها في اجتماع القمة العربية السريعة، طرح السؤال الكبير التالي: هل يشارك لبنان في اجتماع القمة على مستوى رئيس للجمهورية يكون قد انتخب نتيجة الاتفاق السعودي – الايراني؟ وهل سيعود لبنان إلى سكة التعافي الذي كما يقول رئيس “التقدمي الاشتراكي” لن يحصل إلا من خلال الرعاية الخليجية وتحديداً السعودية للبنان؟

شارك المقال