روسيا وإيران على جبهة “المنبوذين”… والأمل بشراكة دفاعية مستدامة

حسناء بو حرفوش

هل دفعت الحرب الأوكرانية بروسيا وإيران إلى جبهة “المنبوذين”؟ سؤال يجيب عليه مقال في موقع “لوموند” (Le Monde) الفرنسي. ووفقاً للمقال، “أقامت موسكو، التي تخضع لعقوبات دولية منذ بداية الحرب على أوكرانيا، وطهران، التي فرضت عليها عقوبات على خلفية إعادة إطلاق برنامجها النووي، تحالفاً تحت عنوان الصالح العام. ويتوطد هذا التحالف بصورة عاجلة وتحت ضغوط خارجية مكثفة.

ولطالما بحث البلدان عن مجالات للتقارب، وفي أول رحلة له إلى الخارج، في 19 كانون الثاني 2022، بعد ستة أشهر من انتخابه، كان الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي قد اختار بالفعل الأراضي الروسية، وهو شخصية محافظة ويتمتع بسمعة الانتماء إلى فصيله الموالي للكرملين. عند وصوله إلى موسكو، كان يأمل في تحقيق مشروع طموح: شراكة استراتيجية بين إيران وروسيا.

وبعد ستة أشهر، في 19 تموز 2022، حان دور فلاديمير بوتين ليقوم بأول رحلة له خارج البلدان السابقة في الاتحاد السوفياتي منذ أن أطلق حربه ضد كييف، فذهب إلى طهران. ويسلط لقاؤه الفردي مع رئيسي ثم مع خامنئي، الضوء قبل كل شيء على أهمية العلاقات التي أقيمت بين البلدين، ويبين أن الحرب في أوكرانيا والمواجهة بين روسيا والغرب قريبة بصورة مذهلة. ويردد المرشد الأعلى الايراني أيضاً خطاب الكرملين، الذي جاء فيه أن “الناتو كان يستعد لهجوم على روسيا”.

شراكة دفاعية دائمة؟

هل يمكن لتبادل الأسلحة بين إيران وروسيا أن يضمن الحفاظ على شراكة دفاعية دائمة؟ احتل هذا الموضوع مكاناً أيضاً في تحليل لمايكل سكولون. ووفقاً للتحليل، “كان لرئيسي آمال كبيرة في أوائل العام 2022، في المغادرة بصفقات دفاعية من شأنها السماح بالالتفاف على العقوبات الدولية والافادة من انتهاء حظر الأمم المتحدة على تجارة الأسلحة مع طهران. وكانت المقاتلات الروسية وأنظمة الدفاع المضادة للصواريخ المتطورة وغيرها من المعدات العسكرية عالية التقنية على رأس قائمة أمنيات رئيسي. ولكن ظهرت أسئلة: ما الذي يمكن أن تقدمه إيران الخاضعة للعقوبات، بسبب نقص السيولة والتكنولوجيا، لروسيا الغنية بالطاقة في المقابل؟ وهل ستكون روسيا على استعداد لإرسال تكنولوجيا عسكرية متطورة إلى إيران في مواجهة خطر إثارة غضب الدول المنافسة والعملاء المهمين في الشرق الأوسط؟

وأتت الاجابة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا بعد شهر واحد فقط من زيارة رئيسي. عندما أصبح من الواضح أن الحرب ستستغرق وقتًا أطول بكثير مما توقعه الكرملين، مما يؤدي إلى استنزاف ترسانة روسيا، لجأت موسكو إلى إيران للحصول على المسيرات العسكرية التي ثبت أنها إضافة قاتلة إلى المجهود الحربي الروسي. وبحسب ما تردد، ساعدت الصواريخ الايرانية قصيرة المدى، وكذلك القذائف والذخيرة، في دعم الامدادات المتضائلة. وهناك اقتراحات حول إمكان إطلاق صواريخ باليستية إيرانية في المستقبل.

وتتوقع إيران تسليم طائرات مقاتلة روسية متطورة من طراز Su-35 وأنظمة S-400 المضادة للصواريخ وقمر صناعي عسكري ومعدات عسكرية أخرى طال انتظارها. وأفادت شبكة CNN أن روسيا ترسل أسلحة تم الاستيلاء عليها، حيث يمكن إعادة تصميمها بصورة عكسية لإنتاج أسلحة إيرانية الصنع.

ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال هذا الأسبوع، تساعد روسيا أيضاً جهود طهران لقمع الاحتجاجات المستمرة ضد المؤسسات في الداخل من خلال توفير برامج مراقبة متطورة. واستمرت العقوبات الأميركية في الحد من قدرة إيران على استيراد التكنولوجيا، لا سيما تلك التي يمكن أن تساعد جهود إيران المشبوهة لتطوير أسلحة نووية، وأبقى الاتحاد الأوروبي على حظر الأسلحة الخاص به على الأسلحة التقليدية وتكنولوجيا الصواريخ في محاولة لحمل إيران على الالتزام بالاتفاقية النووية.

وعلى مدى عقود، كافحت إيران للحفاظ على قوة جوية تعتمد إلى حد كبير على الطائرات الأميركية التي تم شراؤها قبل الثورة الإسلامية عام 1979، ويعود تاريخ بعضها إلى الستينيات. وفي كانون الثاني 2022، مع اشتداد ضغوط العقوبات الأميركية وسط مخاوف من غزو روسي وشيك لأوكرانيا، ألغت مصر عقداً يقدر بملياري دولار لتسليم طائراتSu-35 . وأتى تحرك القاهرة في أعقاب إنهاء مماثل للمفاوضات لبيع Su-35s إلى إندونيسيا والجزائر. وصرح جيريمي بيني، المتخصص في قضايا الدفاع في منطقة الشرق الأوسط: إن Su-35 هي أفضل مقاتلة متعددة المهام يمكن لسلاح الجو الايراني الحصول عليها في إطار زمني قصير.

وبينما كان من المتوقع أن تحاول إيران الحصول على طائرات Su-35، بقيت النقطة الشائكة تتمحور حول استعداد طهران لتخصيص أموال للقوات الجوية على حساب برامج تطوير الأسلحة أو ميزانية الدولة الاسلامية القوية من خلال فيلق الحرس الجمهوري. أما في ما يتعلق باحتمالية صفقات الأسلحة المستقبلية، فقال بيني إنه يتوقع أن تتخذ كل من موسكو وطهران نهجاً حذراً لن يخاطر في إضعاف دفاعاتهما أو نقل أحدث التقنيات. وأضاف بيني: على سبيل المثال، من المحتمل أن تكافح الصناعات العسكرية الروسية بسبب القيود على الاستيراد، لاستبدال أي إس -400 ونقلها إلى إيران. وإمداد روسيا بالصواريخ الباليستية أو صواريخ كروز سيقلل من قدرة إيران الرادعة على الهجوم.

كما أن من المحتمل أيضاً ألا تكون الدبابات الروسية المتقدمة، التي تتمتع بالقوة على الجبهة الأوكرانية، معروضة على إيران. أما في ما يتعلق باستمرار التعاملات الدفاعية بين روسيا وإيران، فلا شك في أن ما يبدأ كعلاقة عملية يمكن أن يصبح شراكة حقيقية. يمكن أن تنهار الشراكات الحقيقية وتصبح مجرد معاملات رسمية، كما يمكن للشراكات الحقيقية أن تتخطى التوترات وتنمو، ويمكن للأطراف أيضاً الدخول في علاقة ملائمة والبقاء فيها على الرغم من الاستياء والافتقار الى تنسيق المهمة لأنها لا تستطيع ببساطة العثور على خيارات أفضل، وهذا ما ينطبق على روسيا وإيران.”

شارك المقال