تجاهل طرابلسي لزيارة خريش… لا مصالحة مع المنهجية “الباسيلية”

إسراء ديب
إسراء ديب

ما إن وطأت قدما رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل أراضي مدينة طرابلس لأكثر من مرّة، حتى تبعتها “دعسات” عونية تبدو كعادتها “ناقصة” وتمثلت أخيراً في زيارة نائبة رئيس التيّار للشؤون السياسية المحامية مي خريش الى المدينة، حيث استقبلها مطران طرابلس للطائفة المارونية يوسف سويف مع وفد من المكتب ضمّ وجوهاً تابعة للتيار وقيل عنها إنّها وجوه “نضالية”، لكنّ الواقع يُؤكّد أنّ هذا النضال الذي أشادت به خريش لم يعرف أحد عنه ولم يرصده إنس أو جنّ شمالاً.

صحيح أنّ الطرابلسيين لا يعرفون خريش شخصياً حتّى ولو سارت بين الناس علناً، وهذا ما يُميّزها عن باسيل الذي دخل وخرج من المدينة “خلسة” كالعادة، لكنّهم لا ينسون بعضاً من تصريحاتها الطائفية التي تُبرّر بقاءها في هذا التيّار المعروف بشغفه في إثارة النعرات الطائفية والعنصرية في كلّ الظروف، ولا سيما حينما قالت خلال اندلاع الثورة: “نحن المسيحية ما لازم نسكر الطرقات ع بعض سكروها ع الاسلام”، الأمر الذي يدفع البعض إلى التساؤل عن سبب القيام بهذه الزيارة حالياً وسبب اختيار المدينة المعروفة بعدم تقبّلها هذا التيّار السياسيّ بشخصياته “المضحية والمناضلة” كما يرى القائمون عليه.

ليس خافياً على أحد أنّ للتيّار بعض المناصرين (يُعدّون على الأصابع شمالاً) منهم مسيحيون ومسلمون أيضاً، لكن طرابلس لا تتصالح أبداً مع السياسة والمنهجية “الباسيلية” التي تُعطي أولوية للطائفية السياسية على المصلحة الوطنية بصورة مباشرة وفي مدينة لا تصلح لامتداد هذه السياسة في كلّ الحالات، ما يُفسّر قيام الشخصيات المسؤولة في التيّار بزيارات سرية لا تُعرف إلّا بعد انتهائها ولا تنفذ إلّا في جزء بسيط من المناطق المسيحية والمراكز الدينية.

والمستغرب أنّ الوفود العونية التي تأتي من خارج المدينة أو من الشمال، تتوجّه مباشرة إلى زيارة رجال دين مسيحيين كالمطران سويف أو مناصرين كهيئة جبل محسن التي استقبلت خريش ولم يُكشف عمّا تحدّثت عنه وما تمّ تداوله في هذه اللقاءات التي سبق أن أجراها وفد آخر للتيّار وهو من هيئة قضاء طرابلس التابع له في بداية هذا العام بمناسبة التعارف والتهنئة بالأعياد، وحينها تحدّث المطران سويف عن أهمّية “المحبّة والعيش المشترك وتقبّل الآخر أيّاً كان”، وهو ما يصعب على معظم المناصرين لهذا التيّار فهمه والعمل به.

كما لا تقوم وفودهم المعتمدة على شخصيات محدّدة تتكرّر في كلّ زيارة، بالالتقاء بأيّ رجل دين آخر أو مواقع مرتبطة بالمدينة تاريخياً أو شعبياً، على غرار ما قام به رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميّل مع زوجته منذ أعوام من زيارة الأسواق الداخلية والتي أثارت الجدل حينها، لا سيما وأنّها كانت من دون حراسة، فدخل مبتسماً وملوّحاً بيديه للجميع، ولم يقترب منه أحد ولم يستفز وجوده أحداً (مع العلم أنّ تاريخ الحزب مع المدينة خلال الحرب الأهلية لا أحد يغفل عنه)، ولكن على ما يبدو أنّ طرابلس التي تتقبّل الجميع وتمدّ يدها لكلّ من يدخل إليها، لا تُقنع العونيين نظراً الى إدراكهم حجم الكوارث الناتجة عن تصريحاتهم اللاذعة طائفياً ومناطقياً.

وخريش التي يُقال إنّها “كانت تجتمع مع وجه قضائي شمالي منذ أعوام وكان محور لقاءاتهما يتطرّق إلى المدينة بوضعها الأمني” وفق ما تُشير المعطيات، لم يكترث أحد لزيارتها، إذْ لم تُعلّق أيّ شخصية سياسية أو أيّ ناشط في المدينة عليها، ومن المرجح ألّا يكون أحد قد لمح الخبر الذي يؤكّد الزيارة، مع العلم أنّ بعض الطرابلسيين يستغرب هذه الزيارة حالياً، معتبراً أنّ “طرابلس تستقبل الجميع، لكنّ لماذا باتت زياراتهم متكرّرة وهم يُدركون الموقف الشعبي منهم؟ ولماذا لا يتوجه أيّ سياسيّ طرابلسيّ إلى البترون ليتبجح بهذه الزيارة فيُرسل صوراً وينشر أخباراً في مكانٍ لا يُرحب معظمهم به؟”.

شارك المقال