خلوة بكركي… هؤلاء المرشحون لرئاسة الجمهورية

عاصم عبد الرحمن

على الرغم من أن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي كان يفضّل عقد لقاء سياسي للقادة المسيحيين من أجل مناقشة الاستحقاق الرئاسي علَّ الدخان الأبيض يتصاعد من بكركي وتلفح نسائمه قصر بعبدا، إلا أن حساب الحقل البطريركي لم يتطابق وحساب البيدر المسيحي فاستعيض عنه بخلوة نيابية روحية يؤمل منها أن تخرج بخيارات رئاسية حاسمة. فمن هي الأسماء الرئاسية التي سترشح عن هذه الخلوة؟

الزمان الأربعاء في 5 نيسان 2023، المكان بيت عنيا تحت ظلال سيدة حريصا، وفي زمن صيام مختلف الطوائف والمذاهب اللبنانية يختلي النواب المسيحيون الـ 64 بأنفسهم برعاية البطريرك الراعي وذلك للصلاة والتأمل وإخراج إبليس التعنت المصلحي الذي يتحكم بخياراتهم السياسية وقراراتهم الوطنية من أنفسهم. وكان الراعي قد استبق هذه الخلوة بالحديث عن أنانية النواب وضرورة تسخير السياسة لخدمة الشعب والمضي قدماً نحو انتخاب رئيس للجمهورية لينتظم معه عمل المؤسسات الدستورية، وإلا فهم ليسوا بسياسيين يستحقون شرف تمثيل الناس.

في هذا السياق، يرى مصدر سياسي عبر “لبنان الكبير” أن خلوة بكركي لن تخرج بشيء يمكن البناء عليه على اعتبار أن القوى السياسية لا تزال تتمترس خلف مواقفها الحزبية وخياراتها السياسية، لا بل ذهب البعض منها نحو التصعيد الرئاسي أكثر، فصورة الشغور الرئاسي ما قبل الخلوة إذاً ستبقى كما بعدها.

في خلوة بكركي تتمثل مختلف القوى السياسية الفاعلة في الاستحقاق الرئاسي بصورة مباشرة كنواب الأحزاب والتيارات المسيحية المعروفة كـ “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”الكتائب” و”المردة” وبعض المستقلين الذين يتراوح تمثيلهم بين الثنائي الشيعي الذي يمثله النائب ميشال موسى والحزب “الاشتراكي” الذي يمثله النائب راجي السعد وقوى الثورة والتغيير، ولكل من هؤلاء خياراته السياسية الواضحة وطروحه الرئاسية المتعددة منها ما هو معلن ومنها ما هو خفي متروك للحظة تسووية ما بانتظار التوافق العربي والاقليمي والدولي.

وإذا كان البطريرك الراعي يرغب في استغلال لحظات التأمل والصلاة التي سيقوم بها نواب الأمة من المسيحيين لطرد إبليس المصالح الشخصية من أرواحهم والركون إلى خيارات رئاسية تقلب طاولة المفاوضات الجارية في الداخل والخارج رأساً على عقب عبر فرض خيار مسيحي شبه مجمع عليه ينقل مشكلة الشغور الدستوري القائم من مسيحية – مسيحية إلى إسلامية – مسيحية أي وطنية تعنى بها مختلف القوى السياسية والطائفية، فان مرجعاً روحياً يرى عبر “لبنان الكبير” أن المشكلة الرئاسية لن تحل وإن اتفق النواب المسيحيون الـ 64 على اسم واحد طالما أن الثنائي الشيعي متمسك بمرشح أوحد هو سليمان فرنجية.

أمام تمسك كل فريق سياسي بخياره الرئاسي، لا شك في أن مجموعة من الأسماء سيتم طرحها أو التداول بمواصفاتها الرئاسية منها الانقاذية والاصلاحية، ومنها السيادية والوطنية وأخرى جامعة وحوارية، وستبقى هذه الأسماء مجرد طروح إعلامية من دون أي تبنٍّ بطريركي لها على اعتبار أن بكركي ترغب في الوقوف على مسافة واحدة من الجميع وإن ترشحت الطائفة المارونية بأكملها.

أكثر من ستة مرشحين رئاسيين سيتصاعد دخانهم من خلوة بيت عنيا أبرزهم: سليمان فرنجية مرشح الفريق المشارك في الخلوة والذي يؤيده إلى جانب “المردة” و”التكتل الوطني” نائب حركة “أمل” ميشال موسى وسجيع عطية وجورج بوشيكيان وسامر التوم وغيرهم، المرشح ميشال معوض الذي تؤيده كتلة “تجدد” المشاركة في الخلوة ومعها نواب “القوات” و”الكتائب” وبعض المستقلين، المرشح نعمة افرام المشارك في الخلوة ومعه حليفه جميل عبود، المرشح جهاد أزعور الذي سبق وطرحه جبران باسيل على بكركي ولا تعارضه كتلة “الكتائب” ويؤيده نائب “الاشتراكي” راجي السعد، المرشح صلاح حنين الذي تؤيده بعض قوى الثورة مثل بولا يعقوبيان وغيرها، المرشح ابراهيم كنعان ويؤيده كل من آلان عون والياس بو صعب، العماد جوزيف عون وهو الطرح الرئاسي الخفي والأبرز الذي يؤيده بشدة “القوات” و”الاشتراكي” ولا يعارضه “الكتائب” ويدعمه بعض المستقلين مثل ميشال ضاهر، جان طالوزيان، الياس جرادة، غسان سكاف، نجاة صليبا، ملحم خلف وغيرهم.

يقول مكيافيللي إن الدول لا تحكم بالصلوات، ولكن نسأل الله أن يطرد الأرواح الشريرة الكائنة في نفوس معظم نواب الأمة ويهديهم سبيل الرشد والتعقل والعمل معاً مسلمين ومسيحيين لإنقاذ البلاد والعباد لئلا يفقد اللبنانيون موطن الرسالة والطائف والشراكة لصالح القوقعة والأنانية والخراب.

الخلوة الروحية – السياسية خطوة كان لا بد من أن تقوم بها بكركي في إطار المساعي التي تبذلها في سبيل إنهاء الشغور الرئاسي وما يترتب عنه من تداعيات دستورية أبرزها اجتماعات حكومة تصريف الأعمال وتعيين بدلاء في وظائف الفئات الأولى التي بدأت تشغر تباعاً ولعل أخطرها حاكمية مصرف لبنان في تموز المقبل. فهل ستكون الغلبة لأبالسة السياسة أم سيكون للصوم كلام آخر؟

شارك المقال