العالم يتخلى عن الدولار الأميركي؟

حسناء بو حرفوش

هل يتخلى العالم عن الدولار الأميركي؟ لفتت قراءة في موقع CNSnews الاخباري الالكتروني إلى “توصل الصين والبرازيل الأسبوع الماضي، الى اتفاق يقضي بتسوية التداولات بعملات أخرى. وعلى مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية، حلت الصين محل الولايات المتحدة باعتبارها الشريك التجاري الرئيس للبرازيل الغنية بالموارد، وبالتالي قد يكون هذا التحول حتمياً”.

ووفقاً للمقال، “في سياق الظروف الأخيرة، يبدو أن هذا يمثل ضربة أخرى في سلسلة الضربات الأخيرة للدور المركزي للدولار في التجارة العالمية. فباعتباره العملة الاحتياطية العالمية، يشكل الدولار الأميركي في الأصل العملة الافتراضية في التجارة الدولية ويعدّ وحدة حساب عالمية. ولهذا السبب، يحتفظ كل بنك مركزي وخزينة وشركة كبرى على وجه الأرض بجزء كبير من المقتنيات من العملات الأجنبية بالدولار الأميركي. ولأن حاملي الدولارات يسعون الى الحصول على عوائد على هذه الأرصدة، يدفع انتشار الدولارات في كل مكان جزءاً كبيراً من الطلب على السندات الحكومية الأميركية في الأسواق المالية العالمية.

وليس التحول من الدولار إلى أساس التسوية الحقيقية باليوان في التجارة الصينية البرازيلية، سوى العنصر الأحدث في إطار اتجاه متزايد. واستمرت المناقشات حول عملة احتياطي أكثر حيادية من الناحية السياسية منذ عقود، لكن الاضطراب الاقتصادي العميق الذي شهدته إيران، ومؤخراً روسيا، بعد طردها من أنظمة التجارة القائمة على الدولار مثل “سويفت” (SWIFT)، دفع بالعديد من الدول الى التفكير في خطط طوارئ وشيكة. وبدأت الهند وماليزيا، على سبيل المثال، مؤخراً باستخدام الروبية الهندية لتسوية صفقات معينة. وفي هذا الصدد، نفذت الصين أيضاً تجارة تجريبية للغاز الطبيعي مع فرنسا باستخدام اليوان.

أما عن الدولار، فشهدت استجابة السياسة النقدية للأزمة المالية لعام 2008 تذبذباً في قيمة الدولار بصورة غير متوقعة، كما كانت الاستجابة لتفشي كورونا أكثر جنوناً. ويعد استبدال العملة الورقية لأكبر اقتصاد في العالم ببساطة بالعملة الورقية للاقتصادات الأصغر، استراتيجية بديلة بالكاد قابلة للتطبيق. ويؤدي الابتعاد عن الدولار الى عوائق كبيرة بسبب العقبات التاريخية والتكنولوجية والمالية. فالدولار الأميركي هو العملة الفعلية في تيمور الشرقية والاكوادور والسلفادور وولايات ميكرونيزيا الموحدة وجزر مارشال وبالاو وبنما وزيمبابوي. علاوة على ذلك، أدى السلوك الشفاف (نسبياً) للسياسة النقدية في الولايات المتحدة إلى قيام ما لا يقل عن 22 بنكاً مركزياً ومجالس عملات أجنبية بربط عملاتهم بها. والدولار الوسيلة الأرخص للحصول على أدوات الخزانة الأميركية الخالية من المخاطر اسمياً.

أضف إلى ذلك أن بعض “التقلبات” التي نوقشت لتوفير بدائل مغرية للدولار هي العملات المشفرة أو العملات الرقمية للبنك المركزي أو سلة السلع التي تمثل الميزة التنافسية لدولة أو منطقة معينة. أما السيناريو الأخير المحتمل فهو تداول بعض الدول الأفريقية بالعملات المدعومة بألقاب المعادن الأرضية النادرة، وبعض دول أميركا الجنوبية بعملات مدعومة برواسب النحاس، وما إلى ذلك، وهو أمر مثير للاهتمام ولكنه يواجه عقبات كبيرة. ومع ذلك، ركز مؤتمر في نيودلهي الأسبوع الماضي على زيادة التعاون بين البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا وتطرق إلى مثل هذه الخطة. وأُطلق على التغييرات في طلب العملة تسمية”Bretton Woods III” ، وتحمل بعض المقترحات غير المتعلقة بالسلع تشابهاً غريباً مع خطة عملة Facebook التي تم تجاهلها منذ ذلك الحين.

ونظراً الى الدور الذي يلعبه انتشار الدولار في الشهية الدولية لسندات الخزانة الأميركية، قد يترجم أحد الآثار الجانبية للمحاولة طويلة الأجل لانشاء عملات احتياطية بديلة بتقليل الاهتمام بالديون الأميركية القابلة للتداول. وعلى مدى فترات زمنية أقصر، من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى عوائد أعلى ومستويات أعلى من خدمة الدين على الأوراق المالية التي تصدرها وزارة الخزانة الأميركية. ومع الوقت، قد يؤدي هذا التحول إلى خفض إنفاق الحكومة الأميركية. ومن المحتمل أن يبقى الدولار، بشكل ما، موجوداً لفترة طويلة. وقد يكون مصير الدولار باعتباره لغة مشتركة للتجارة العالمية على المدى الطويل مضموناً بالفعل. ومع ذلك، طالما أنه لا يمكن عكس الارادة السياسية التي تحدد السياسات المالية والنقدية للولايات المتحدة، ستستمر موجة التخلي عن الدولرة، مما يتسبب بإفقاد الدولار قوته في الخارج بصورة أبطأ أو أسرع”.

شارك المقال