نقابة الأطباء من “الأغنى” في لبنان… والهيمنة العونية تمنع الاصلاح!

تالا الحريري

غالبية الصراعات الحالية في أي مؤسسة سببها الرئيس قيمة الرواتب وتدنيها في ظل التدهور الحاد في سعر العملة الوطنية وفي الوقت نفسه دولرة كل القطاعات. وكأي مؤسسة، تواجه نقابة الأطباء اليوم مشكلات عديدة انتشرت مؤخراً وتتعلق بموضوع زيادة الرواتب والفروق الكبيرة بين رواتب الموظفين إلى جانب سيطرة العمل الحزبي على عملها فيما تتم المطالبة برفع معاش الطبيب التقاعدي. فماذا يحصل داخل نقابة الأطباء؟

عمل حزبي وفوارق في الرواتب

أشارت مصادر خاصة من نقابة الأطباء لـ”لبنان الكبير” الى “الهيمنة العونية المسيطرة داخل النقابة مع رفض الاقتراح بإعادة تقويم الرواتب ودرسها، إذ أنّ مجلس النقابة مؤلف من كل الأطراف السياسية الموجودة في البلد ويترأسه نقيب مسيحي عوني. منذ ولاية النقيب شرف أبو شرف وهناك فوارق كبيرة في الرواتب بين موظف يتقاضى 3 ملايين وآخر 15 مليوناً ومنذ الأزمة الاقتصادية لم تتم زيادة الرواتب”.

وقالت المصادر: “عندما طرحت الزودة في المجلس النيابي ظهر اضراب موظفي النقابة فجأة، ليحل نقيب الأطباء هذا الموضوع بعد ذلك ويعطي زودة. المشكلة اليوم ليست في الزودة أو الاضراب بل في الفروق الموجودة ومن يتقاضى أضعاف غيره وهو موظف في الدرجة نفسها، فالهيمنة العونية هي التي تمنع الاصلاح في النقابة، كما أنّهم يحركونها كيفما يريدون مثلما حركوا البلد لسنوات وبات العمل حزبياً داخل النقابة هذا عدا عن المشكلات الادارية وادارة النقابة”.

أضافت: “عندما تكون هناك أزمة في البلد، أي مؤسسة تقوم بالتقشف وتخفيف المصاريف الزائدة وتنظر إلى الرواتب وتقوّمها، لكن هناك من يتقاضى 5000 دولار وهذا ظلم، يعني هؤلاء الموظفون يتقاضون من صندوق النقابة وهذا الصندوق للأطباء أي أن هذا المبلغ يضيع من حقهم. نحن نتكلم عن سوء إدارة النقابة وهذا ينعكس حكماً على الأطباء بمعنى آخر افلاس النقابة أي إفلاس الأطباء”. 

التوظيف “فقاعة اعلامية انتخابية”

أما رئيس اللجنة الاعلامية في نقابة الأطباء الطبيب ساري عبد الله فأشار لـ”لبنان الكبير” الى “أنّنا منذ تسلمنا العمل النقابي في نقابة الأطباء، استلمنا تركة كبيرة لها علاقة أولاً بصندوق نقابي أدنى من الافلاس، وذلك بسبب تدهور العملة النقدية. والأهم من ذلك، كانت مردودات النقابة (التي ستنعكس فيما بعد ايجاباً على موضوع التوظيف والمعاش التقاعدي) على سعر 1500، تلك التي تعتمد بنسبة عالية جداً على ما يسمى بالضرائب، على المعدات الطبية والأدوية”.

وقال: “للأسف على مر النقابة السابقة أي على مدى سنتين وفي ظل التدهور الحاد في موضوع سعر الصرف من 1500 الى 40 ألف ليرة، لا يزال الأطباء يتقاضون الرسوم على الـ1500. من هنا تحركنا كنقابة وقمنا بسلسلة تحركات تجاه المعنيين في هذا الملف، وأقرت زيادة ضريبية وعند اقراراها على سعر الصرف زاد صندوق النقابة من 3 مليارات الى 22 ملياراً وأكثر شهرياً وصارت هناك زودة على صندوق النقابة 20 مرة وأُنقذت النقابة من شفير الافلاس”.

وأكد عبد الله “أننا كنقابة أطباء نعتبر من أغنى نقابات لبنان، منذ اللحظات الأولى عندما بدأ هذا المردود المالي يدخل على النقابة، لاحظ الموظفون ذلك وأول صرخة أطلقوها كانت منذ 6 أشهر طالبوا فيها بزودة على الرواتب واتجهوا الى الاضراب، وآنذاك رضخت هيئة المكتب في نقابة الأطباء لهم ثم قمنا برد قرار الزودة وقلنا انها لن تكون الا ضمن المقبول وضمن ما يسمح بأن تكون للموظف حياة كريمة”، لافتاً إلى أنّ “هناك 45 موظفاً تقريباً 80% منهم كانوا يتقاضون أتعاباً 150 دولاراً شهرياً، لذلك كانت صرخة الموظفين محقة لأنّ الفرق في الأرقام كان شاسعاً”.

ورأى أن “موضوع الفروق في الرواتب تتحمل وزره النقابات السابقة تحديداً الولاية السابقة التي قامت بزودة عشوائية على بعض الرواتب، وهذا الموضوع يعالج الآن بالاتفاق، ورتبنا الأمور بطريقة علمية ومنطقية، مع العلم أنّ هذا قد يستفز جمهوراً كبيراً من الأطباء الذين يقومون بمقارنة بين موظف في النقابة وطبيب متقاعد. نحن قمنا بزودة مثل بقية النقابات أي دولرنا 15% من الراتب. واذا كان هناك فرق بين الموظفين على مستوى الرواتب فهو الفرق بين 3 وظائف فقط لا غير وهي المدير الطبي والمدير المالي والمدير الاداري، وبقية الموظفين تقريباً تتقاضى الرواتب نفسها. وبالنسبة الى الطبيب المتقاعد راتبه التقاعدي 6 ملايين ليرة ونحن نتجه الى رفعه إلى 100 و200 دولار انطلاقاً من الملاءة المالية التي أقريناها”.

وأوضح أن “الموظفين يتقاضون 3 مليارات في الوقت الذي يدخل فيه 30 ملياراً على النقابة، لذلك موضوع التوظيف يشكل 0.1% من المشكلات الحاصلة للأطباء الا أنّ هناك مفارقة باطلاق السهام على المجلس الموحد، ففي تعاقب النقابات لطالما كان هناك إسقاط سياسي على العمل النقابي وكانت المجالس في تناحر دائم لكن الآن يتم تحييد النقابة بعيداً عن الصراع السياسي، ونعتبر أنّها منزهة والأطباء تجمعهم الرسالة الانسانية والطبية والخدمة العامة النقابية”.

واعتبر عبد الله موضوع التوظيف “فقاعة اعلامية انتخابية تتزامن مع اقتراب الانتخابات، وفي موضوع الموظفين العاديين بخصوص الرواتب لا شكوى حالياً. كانت هناك فروق واضحة في الرواتب لكن عندما اتخذنا معياراً واضحاً تغيرت الأمور. ومن ضمن سلسلة الاتفاق في موضوع الرواتب الوظيفية اتجهنا إلى ما يسمى بإعادة ترتيب العمل الوظيفي وصرف الوظائف العشوائية التي تمت في النقابات السابقة بالمحاصصة السياسية”.

وكان تجمع الأطباء في لبنان رحب في بيان، بـ”زيادة رواتب موظفي النقابة الذين يعانون، كباقي المواطنين من تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية”، داعياً الى “رفع المعاش التقاعدي للطبيب وربطه تصاعدياً بغلاء المعيشة وتدهور سعر الليرة اللبنانية، نسبة الى الدولار”.

وأشار إلى “استمرار مسلسل هدر المال العام في النقابة، والتخبط الاداري العشوائي الذي يتحكم به نهج المحسوبيات والمحاصصة، السياسية الفئوية والطائفية، اذ يواصل مجلس النقابة، السياسة المالية الفاشلة نفسها، من دون الأخذ في الاعتبار، أن موازنات أعوام سابقة عدة لم تقر قانونياً حتى اليوم، من قبل الجمعيات العمومية للنقابة”.

وطالب “القوى النقابية الديموقراطية المستقلة بتوحيد جهودها لمواجهة السلطة النقابية الفاسدة، من أجل فرض وقف الهدر المالي، والتوظيف وضبط النفقات”.

شارك المقال