بالانتظار!

لينا دوغان
لينا دوغان

يعيش لبنان أيام الصوم الكبير وشهر رمضان المبارك وما يرافقها تباعاً من أعياد، والناس لولا إيمانها لما تحملت صعوبة مسلتزمات الصيام لما لحقها من ارتفاع في الأسعار، لا سيما أن الصومَ صومان، فأصبحت الأسعار أضعاف الأضعاف، ولولا فضل الله ورحمته لما استطاعت الناس الصيام في بلد لم تعد فيه أي عائلة قادرة على تحضير سوى ما يلزم من الأساسيات ونسيت نهائياً الكماليات وباتت الهموم المتعلقة بوضع البلد وأزماته صحنها اليومي.

صحيح أن ما حصل في الجنوب قبل أيام عقب الاعتداءات الاسرائيلية في الأقصى أقلق المواطنين، لكنهم باتوا ينظرون الى هذه الأمور على أنها مناوشات مقارنة مع ما يعيشونه في يومياتهم بحيث أن لا ملف يطرح له حل، وهم باتوا على يقين بأن الملفات كلها في زمن الصوم أو من دونه، في الأعياد أو من غير الأعياد، باتت مع الأسف في الثلاجة.

بات القاصي والداني يعرف عدد الملفات المتراكمة المطروحة على طاولة الحلول، ولكن أياً من هذه الملفات لن يتحرك على هذه الطاولة ما لم يرأسها أحد وهنا بيت القصيد، ونعود الى النقطة الأولى والأساسية ألا وهي ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية لتحريك عجلة البلاد الراكدة والمتدهورة في آن.

اذاً، يبقى الملف الرئاسي على رأس الأولويات، وإن تحرك يبقى في إطار طرح إسم من هنا وإسم من هناك ليس إلا، وما مسألة الأسماء هذه سوى تمرير للوقت إن لم يكن لحرقها.

يمكن القول إن زيارة سليمان فرنجية الى باريس حرّكت الملف الرئاسي نوعاً ما لجهة أن العاصمة الفرنسية كانت تسعى من خلال تحركها الى عملية مقايضة اذا صح التعبير مع السعودية أي رئيس جمهورية – رئيس حكومة لكن الاعتراض السعودي عليها حال دون تحقيق أي اختراق في هذا الملف، وبالتالي حتى لو كان فرنجية مقتنعاً بأن باب الحوار مع المملكة لا يزال مفتوحاً فليس بالضرورة أن يمكنه ذلك من دخول القصر.

في الواقع بيّن العديد من الاتصالات بين فرنجية وحلفائه أن أفق الرئاسة مقفل لعدة أسباب منها الموقف السعودي والموقف الداخلي وتحديداً المسيحي أي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، وعلى الرغم من أن الثنائي الشيعي سمّاه إلا أن فرنجية يتريث في إعلان ترشحه لادراكه جيداً أن الظروف واللعبة تغيرت هذه المرة عن سابقاتها ولخوفه من أن تكون التسمية فقط لمجرد التسمية.

وفيما تصر باريس على قيادة المبادرة الهادفة إلى نزع الألغام أمام إنجاز الاستحقاق والعمل على استنهاض الوضع الداخلي وهو مستعجل لمنع الانهيار وملء الفراغ، وقد طرحت هذه المبادرات على أساس أن “حزب الله” براغماتي ومرن لكن ذلك لم يحصل، تؤكد مصادر أخرى أن الرياض لن تعطي باريس ورقة فرنجية في لبنان.

سيكون لبنان في هذه الأيام على موعد مع العديد من الوفود القادمة لاستطلاع الملف الرئاسي كما شهدنا مع الوفد القطري الذي كانت له جولة على كل المرجعيات السياسية، وهذه الزيارة تندرج في اطار تثبيت الدور القطري في الملف اللبناني، خصوصاً مع دخول أكثر من طرف على الخط ومؤخراً المصري، وتأتي أيضاً بالتنسيق مع السعودية التي تحاول وبعد فترة طويلة من عدم الاكتراث، العودة الى الساحة اللبنانية ومن الباب الواسع.

وفيما يشار أيضاً الى أن الملف الرئاسي اللبناني سيطرح قريباً في لقاء خماسي في باريس على مستوى وزراء الخارجية لكل من فرنسا والسعودية وقطر ومصر والولايات المتحدة، يتم الحديث عن أن الموضوع الرئاسي وضع على نار حامية وهو موضع اهتمام شديد قبل انعقاد القمة العربية في الرياض الشهر المقبل.

بالانتظار، هل فعلاً أصبح الاهتمام بالوضع اللبناني ضرورة لا بد منها؟ الناس في وضع لا يحسدون عليه والأمور أصبحت فعلاً خارج السيطرة، وأصبحنا ساحة مفتوحة وسنكون كل الوقت صناديق بريد اذا لم يتم انقاذ الوضع المتأزم وردم النار التي تحت الرماد! وبالإنتظار… هل سيدخل لبنان الى القمة العربية برئيس للجمهورية؟

شارك المقال