هل قرّرت واشنطن العودة الى الشرق الأوسط؟ (2/1)

زياد سامي عيتاني

على وقع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران هذا العام، في أعقاب سلسلة من الهجمات ضد القوات الأميركية المتمركزة في سوريا، أعلن الجيش الأميركي يوم السبت الماضي أنه أرسل غواصة بصواريخ موجّهة تعمل بالطاقة النووية إلى الشرق الأوسط.

فآخر استهداف تعرّضت له القوات الأميركية الموجودة في سوريا، كان في آذار الماضي، حين أطلقت الميليشيات في شمال سوريا ما وصفته الولايات المتحدة بأنّه “طائرة مسيّرة هجومية أحادية الاتجاه” على قاعدة تتمركز فيها قواتها والميليشيات الكردية المتحالفة معها، ما أدى إلى إصابة عشرات الأميركيين وقتلت متعاقداً. وقالت واشنطن إنها هجمات نفذتها ميليشيات مدعومة من إيران وتديرها طهران، ما دفعها الى الرد على الفور بقصف المنشآت التي تستخدمها الجماعات التابعة للحرس الثوري الايراني، وفقاً لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن.

كذلك، في تشرين الثاني من العام الماضي، هاجم الحرس الثوري ناقلة النفط التجارية “M / T Pacific Zircon Shahed-136″، حسبما قال الأسطول الخامس الأميركي.

وفي تموز، قتلت طائرة مسيّرة اثنين من البحارة التجاريين على متن الناقلة “ميرسر ستريت”، (وكلتا السفينتين لهما علاقات بشاحنين تجاريين إسرائيليين).

وأكد القائد تيم هوكينز المتحدث باسم القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية: “إن الغواصة يتم نشرُها لدعم الأسطول الأميركي الخامس، الذي يتمركز في البحرين، لضمان الأمن والاستقرار البحري الإقليمي”.

يشار إلى أنّ الأسطول الخامس يقوم بدوريات في مضيق هرمز، وهو المصب الضيّق للخليج العربي الذي يمرّ عبره 20٪ من إجمالي النفط. تشمل منطقته مضيق باب المندب قبالة اليمن، والبحر الأحمر الممتد حتى قناة السويس، وهو الممر المائي المصري الذي يربط الشرق الأوسط بالبحر الأبيض المتوسط.

ورفض هوكينز تقديم مزيد من التفاصيل حول المهمة، أو توقيتها، أو تحديد ما إذا كانت الغواصة متجهة إلى الخليج العربي. فغواصة الصواريخ الموجّهة، التي تعمل بالطاقة النووية (SSGN-722 USS Florida)عبرت يوم الجمعة الماضي قناة السويس في طريقها إلى الخليج العربي، كما أرسلت الولايات المتحدة سرباً من طائرات الدعم الجوي القريبة من طراز (A-10 Warthogs) التابعة للقوات الجوية إلى الشرق الأوسط.

ما لفت الأنظار، هو الخطوة غير المسبوقة، بأن تكشف واشنطن عن مكان إرسال غواصاتها النووية، وهو أمر يتسم بالسريّة التامّة، إذ أنّ معظم عمليات الغواصات أسرار، ما يدفع الى الاعتقاد بأن البنتاغون يسلط الضوء على وجود SSGNs كإجراء رادع، علماً أن القيادة الأوروبية – الأميركية كانت قد نشرت صوراً لـ”فلوريدا”، وهي تدخل نابولي في إيطاليا في آذار، وتعمل مع “فقمات” البحرية في شباط، وتبحر مع الطراد “يو إس إس ليتي جلف” (CG-55) في تشرين من العام الماضي.

وما يجب التوقّف عنده، أنّ هذه التحركات، جاءت بعد تقلّص دور البحرية في الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب في أفغانستان عام 2021.

يذكر أنّ آخر مجموعة برمائية من سلاح مشاة البحرية ووحدة استكشافية بحرية غادرت المنطقة ESSEX ARG و11th MEU، من الأسطول الخامس في كانون الثاني 2022. كما حذر القادة العسكريون الأميركيون من توسيع قدرات إيران الصاروخية وأنشطة تخصيب اليورانيوم، والتهديد الخطير الذي يمثّله ذلك لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

بالعودة إلى الغواصة “أوهايو كلاس” فإنّها تستطيع الإبحار حول العالم من دون أن تطفو على السطح، وهي قادرة على حمل 154 صاروخ كروز، كلّ منها بمدى يصل إلى 2500 كيلومتر، ويتمّ إطلاقها من تحت سطح البحر من دون سابق إنذار. وتعتبر خطيرة لأنّها تطير على مستوى منخفض، تحت أنظمة الرادار، لمسافات طويلة.

يشار إلى أنّ المجموعة الرباعية من الغواصات من فئة “أوهايو”، تمّ تعديلها من دورها الأصلي المتمثّل في حمل صواريخ باليستية نووية إلى توماهوك فريدة للبحرية.

الجدير ذكره في هذا السياق، أنّ إيران لطالما عملت على بناء قدراتها الصاروخية الباليستية وصواريخ كروز ، فضلاً عن أسطول كبير من زوارق الهجوم السريع تحسباً لحدوث صراع محتمل، إمّا مع الولايات المتحدة أو إسرائيل أو كليهما، بحيث أعلنت في شباط عن تطوير صاروخ كروز جديد (بافيه)، بمدى يزيد عن 1650 كيلومتراً.

إزاء هذه التطورات، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أميركيين قولهم إنّ لديهم معلومات إستخبارية تفيد بأنّ إيران تخطّط لمزيد من الهجمات في جميع أنحاء المنطقة على المدى القريب.

فهل الحشود العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، وسط التصعيد الايراني إمّا مباشرة أو عن طريق هجمات وكلائها على القوات الأميركية في المنطقة، هو تحذير لايران، كي تكفّ عن تحرشاتها العسكرية، بعد تعسّر صفقة الاتفاق النووي؟ أم أنّ واشنطن، قرّرت العودة الى الشرق الأوسط، بعد “طحشة” التنين الصيني، الذي تمكّن من إبرام تفاهم بين إيران والمملكة العربية السعودية، أقلق إسرائيل، التي طالما كان يراهن رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو على إستدراج واشنطن عسكرياً للإطاحة ببرنامجها النووي؟

(يتبع)

شارك المقال