اللقاء الخماسي قبيل الفطر… والنتائج لسلفه قريبة

هيام طوق
هيام طوق

بات واضحاً لدى الجميع أن باب الاستحقاق الرئاسي مقفل، لكن مفتاحه موجود في جعبة الدول الصديقة والشقيقة المهتمة بالشأن اللبناني، والتي تكثف اتصالاتها وتواصلها في ما بينها من جهة، وبين المسؤولين اللبنانيين من جهة ثانية علّها تتمكن من فتح هذا الباب، ومعه باب القصر الجمهوري قبل منتصف حزيران المقبل أي قبل حصول الفراغ في المراكز المهمة في الدولة. كما أن هذه الدول تدرك تماماً مدى خطورة الوضع الحالي، وامكان الانزلاق الى أحداث أمنية خطيرة يمكن معرفة كيف تبدأ، لكن لا أحد يتوقع كيف تنتهي والى أين تصل، وهذا ما لا تريده أي جهة خارجية في ظل المنحى الايجابي الذي يخيم على المنطقة بعد الاتفاق السعودي – الايراني.

على أي حال، الحركة الرئاسية مجمّدة في الداخل، لكنها لم تهدأ في الخارج خصوصاً خلال الأسابيع القليلة الماضية بحيث يشير كثيرون الى أن الطبق الرئاسي وضع على نار حامية، وهذا ما تؤكده الزيارات الديبلوماسية بين الدول المعنية، فضلاً عن زيارات مسؤولين عرب وأجانب الى بيروت، بعضها حصل والبعض الآخر متوقع حصوله في الأيام المقبلة من دون أن ننسى الزيارات التي تقوم بها شخصيات لبنانية الى باريس بطلب من الأخيرة لمناقشة الملف الرئاسي، منها معلن، ومنها غير معلن، وآخرها زيارة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية. كما من المتوقع أن يلتقي رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل، مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل، الثلاثاء المقبل، في حين أشارت المعلومات الصحافية الى أن الأخير زار المملكة العربية السعودية لاستكمال الحوار والمحادثات حول ملف الشغور الرئاسي في لبنان.

وسط هذه الأجواء، يجري الحديث عن تحضيرات لعقد اجتماع جديد للجنة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر وقطر، قد يحطّ رحاله بعد عيد الفطر إما في الرياض أو في الدوحة، وسيكون الهدف منه تثبيت المواصفات المطلوبة للمرشح الرئاسي والتي أُعلنت في نيويورك، وتكررت في باريس، وهي: أن يلتزم رئيس الجمهورية المقبل باتفاق الطائف والدستور، وبالقرارات الدولية، وبالاصلاحات. مع العلم أن البعض يتوقع أن يشارك في الاجتماع، وزراء خارجية هذه الدول بعدما اقتصر التمثيل سابقاً على المستشارين.

في هذا السياق، لفت الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة الى أن “هناك معلومات تشير الى أن الاجتماع الخماسي يمكن أن يحصل قبل عيد الفطر، لكن ليس على مستوى وزراء الخارجية انما على مستوى مسؤولي الملف اللبناني في هذه الدول أي على المستوى السابق. والسبب أنه حصل حراك مكثف في الأسبوعين الماضيين، اذ استقبلت باريس عدداً من الشخصيات اللبنانية ولا تزال، اضافة الى زيارة الموفد القطري الاستطلاعية الى بيروت كما أن سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو تحركت بكثافة في الأسبوعين الماضيين، الى جانب زيارة دوريل الى المملكة العربية السعودية حيث التقى المسؤولين عن الملف اللبناني فضلاً عن تحركات السفيرة الأميركية. نحن في مرحلة جوجلة الأفكار وحصيلة الزيارات واللقاءات من أجل محاولة ايجاد مخارج للأزمة”.

ورأى أن “العقدة اليوم هي عقدة الترشيح، اذ أن رفض فرنجية لم يقترن بطروح جديدة، والموقف المسيحي لم يقدم البدائل. وبالتالي، العمل اليوم بين الفرنسيين والسعوديين تحديداً بمعية القطريين على ايجاد مخارج أو بدائل لهذه العقدة. اذاً، المشوار طويل، وحتى الآن، لا ننتظر أي تغيير من الاجتماع الخماسي المرتقب خصوصاً أن الاهتمام السعودي منصب حالياً على انجاح قمة الرياض، وحسم مسألة خريطة الطريق للانفتاح على سوريا. وفي الموضع اللبناني ليس هناك أي جديد يستوجب رفع مستوى المشاركين في الاجتماع الخماسي”.

وقال: “لا تزال الأمور عالقة عند المواصفات. ليس هناك من سقوف زمنية لانتخاب الرئيس، والتواريخ غير دقيقة لسبب بسيط أن الشغور يمكن أن يمتد الى أشهرعدة اذا لم تتبلور بدائل ومخارج مقبولة من جميع الأطراف. علينا أن نتذكر أننا أتممنا الشهر السادس من الشغور، ويمكن أن يستمر 6 أشهر اضافية”. واعتبر أن “الاجتماع الخماسي المقبل ربما سيكون شبيهاً بالذي سبقه لأن الأمور لا تزال عند الاستطلاع. وطالما لم يبد حزب الله حتى الآن أي استعداد للبحث في مخارج مختلفة، فإن هذا الأمر يعقد المسائل لأن الأطراف الأخرى غير مستعدة للقبول بمرشحه”.

وأشار الباحث السياسي والاقتصادي بلال علامة الى أن “المفاوضات الحاصلة حالياً بين السعودية وايران، واعادة فتح السفارات بين البلدين، بالاضافة الى التقارب السوري العربي الخليجي عبر بوابة السعودية، يؤثر على الاجتماع الخماسي. فإذا كان كل ما هو متعلق بلبنان ناضج، فالاجتماع سيرتفع الى مستوى وزراء الخارجية، وقد يوسع لضم الطرف الغائب أي ايران. اما اذا لم تنضج الأمور بالتفاهمات والمفاوضات، فسيقتصر الاجتماع على المستوى نفسه، ويكون استمراراً لانضاج الأمور”، معتبراً أن “الكل يعلم أن الشروط الموضوعة تنعكس على الداخل اللبناني، وتؤدي اما الى الحلحلة او استمرار التعقيد، والبقاء في مرحلة المراوحة والشغور”.

وأكد أن “الأطراف تستخدم المفاوضات الثنائية أو ما يحصل من تفاهمات في هذه الاجتماعات لبلورة القضايا العالقة في لبنان. وبالتالي، المواصفات التي يتم الحديث عنها تصبح آلية شكلية علماً أن السعوديين مصرون على اتفاق الطائف + أي على ضمانات ألا ينقلب أطراف لبنانيون على الطائف كما حصل سابقاً. التسوية تحصل دائماً تحت عنوان الالتزام بالطائف، والانقلاب يحصل عليه بعد فترة”.

أضاف: “في حال أنتج اللقاء الخماسي تقدماً في الملف اللبناني، لن يحصل انتخاب الرئيس الا بعد القمة العربية أي في حزيران أو تموز اذ تكون اللقاءات الثنائية والاتفاقات قد نضجت، ونتائجها تقر في القمة. التسويات والمفاوضات الثنائية هدفها اعادة لم الشمل مع تذليل مسببات خروج بعض الدول العربية عن محيطها العربي. القمة العربية ستكون خلاصة العودة الى الحضن العربي لكل الدول التي غرّدت خارج السرب. وبالتالي، اذا نضجت هذه التسويات، فستقر في القمة العربية، وسيكون هناك انتخاب لرئيس الجمهورية لاحقاً أي عودة لبنان الى تطبيق اتفاق الطائف، وتنفيذ المواعيد الدستورية في توقيتها”. وأوضح أن “من شروط التسوية المطروحة، المطالبة بقانون انتخابي مختلف عن الذي اتبع سابقاً أي الخروج من المذهبية أو الفكر التقسيمي”.

شارك المقال