تحوّل ديموغرافي هائل مع تجاوز الهند للصين في عدد السكان

لبنان الكبير
الهند

ستتجاوز الهند الصين لتصبح الدولة الأكثر سكانا في العالم بحلول منتصف العام 2023، وفق توقعات صادرة عن الأمم المتحدة الأربعاء، تتويجا لاتّجاهات بدأت قبل عقود فيما يرجّح بأن تحافظ الدولة الواقعة في جنوب آسيا على هذا الموقع على مدى قرون.

إنه تغيّر تاريخي إذ لطالما اعتُبرت الصين الدولة الأكثر سكانا منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية، على الرغم من أن الهند البريطانية قبل التقسيم قد تكون تجاوزتها لفترة معيّنة.

في ما يلي لمحة عن الأسباب والتأثيرات:

تحرّكت الصين بشكل حازم للحد من النمو السكاني لديها في ثمانينيات القرن الماضي، ففرضت سياسة الطفل الواحد التي طبّقتها بقسوة أحيانا على شعبها.

وباتت أكثر ازدهارا في العقود الأخيرة، وهي ظاهرة تم ربطها بشكل ثابت بتقليص حجم العائلات، لكنها تواجه حاليا عاصفة ديموغرافية مع شيخوخة السكان وتراجع أعدادهم.

وأطلقت الهند أيضا حملات تعقيم وتنظيم أسر تشمل جهودا لم تحظ بأي شعبية لاستهداف الرجال في سبعينيات القرن الماضي.
وتركّز حاليا على النساء إذ بات تعقيم النساء أسلوب منع الحمل الأكثر شعبية على الإطلاق، على الرغم من المخاطر الصحية المرتبطة به.

لكن معدلات الخصوبة في الهند أعلى بشكل ثابت منها في جارتها الشمالية، ليصبح عدد سكانها أكثر شبابا بكثير، والآن أكبر من الصين، إذ أن أعمار حوالى 650 مليون هندي لا تتجاوز 25 عاما.

وتتنافس نيودلهي وبكين على النفوذ الجيوسياسي ومن شأن التحوّل في لقب “الأكثر سكانا” أن يعزز وضع الهند كقوة صاعدة يتقرّب منها الغرب على حساب بكين.

كما أنه سيدعم مطلب نيودلهي نيل مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي. وإضافة إلى تجاوز سكانها عدد سكان الصين، فإن عدد سكان الهند يعد أكبر من إجمالي سكان الدول الأربع الأخرى التي تتمتع بحق النقض.

وتشكّل تلبية احتياجات هذا العدد الكبير من السكان تحديات كبرى بيئية واقتصادية.

لكن امتلاك قوة عاملة كبيرة وشابة يعود أيضا بفوائد اقتصادية إذ أن الهند تعد القوة الاقتصادية الكبرى الأسرع نموا في العالم وحلّت العام الماضي مكان القوة الاستعمارية السابقة بريطانيا في المرتبة الخامسة في تصنيفات إجمالي الناتج الداخلي العالمي.

تقدّر الأمم المتحدة بأن عدد سكان الهند سيصل إلى 1,429 مليار نسمة بحلول الأول من تموز/يوليو، أي أكثر بثلاثة ملايين نسمة من الصين التي ستعد 1,426 مليارا.

لكن حساب الأرقام الفعلية لبلدان عملاقة كهذه تكتنفه صعوبات.

يصدر مكتب الإحصاءات الوطني الصيني رقما بشأن عدد السكان كل عام وذكر في كانون الثاني/يناير أن البر الرئيسي كان يعد 1,412 مليار نسمة أواخر العام 2022.

وشكّل ذلك أول تراجع في عدد السكان منذ الكارثة لتي تمخّضت عن سياسة “الوثبة العظيمة” التي وضعها ماو تسي تونغ مطلع ستينيات القرن الماضي.

لكن الهند لم تصدر إحصاء رسميا للسكان منذ آخر تعداد عام 2011، عندما سجّلت 1,21 مليار نسمة.

لم تصبح شهادات الولادة إلزامية في الهند حتى العام 1969 وتأجّل تعداد للسكان كان مقررا عام 2021 نتيجة كوفيد قبل أن يتعطّل تنظيمه نتيجة صعوبات لوجيستية.

يعتبر التعداد عملية عملاقة يشارك فيها جيش من الموظفين المتخصصين الذين يتوجّهون من منزل لآخر من أجل جمع بيانات تشمل الديانة واللغة الأم والمستوى التعليمي.

ويتّهم معارضون السلطات بالتهرّب من تنظيم التعداد من أجل تجنّب طرح قضايا جدلية مثل معدلات البطالة قبل انتخابات العام المقبل.

تسعى حكومة حزب بهاراتيا جاناتا القومية الهندوسية عادة للترويج لإنجازات الهند، لكنها بدت متحفظة على غير العادة حيال إمكانية انتزاع لقب الدولة الأكثر سكانا في العالم من الصين.

ولم تعلّق وزارة الصحة الأربعاء على الأرقام التي نشرتها الأمم المتحدة، علما بأنه تم إخفاء عدة ساعات سكانية رسمية كانت معروضة في أماكن عامة خلال السنوات الأخيرة.

وفي خطابه لمناسبة عيد الاستقلال العام الماضي، تمسّك رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالإشارة إلى أن الهند بلد الـ1,3 مليار نسمة، وهي عتبة يؤكد خبراء أنها تجاوزتها منذ عدة سنوات.

شارك المقال