زيارة عبد اللهيان… استعراضية أم استثمارية؟

هيام طوق
هيام طوق

جال وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان على عدد من المسؤولين مشجعاً “جميع الجهات في لبنان على تسريع العملية الانتخابية، ودعم أي انتخاب أو اتفاق يحصل بينهم في شأن رئيس الجمهورية”.

وفيما ينتظر أن يعقد عبد اللهيان مؤتمراً صحافياً اليوم قبل أن يتوجه الى سوريا، لفتت الدعوة التي وجهتها السفارة الايرانية لـ 25 نائباً من مختلف الطوائف والمناطق إلى لقاء حواري مع الوزير الايراني في مبنى السفارة حيث لبّى البعض الدعوة فيما اعتذر آخرون عن الحضور اذ اعتبروا أن ليس هناك من نتيجة للاجتماع، ولا برنامج عمل، والغاية منه الصورة التي ستلتقط في الختام، وتظهر عبد اللهيان محاطاً بنواب ليسوا من الحلفاء كما جرت العادة، وكأنه أراد ايصال رسالة الى المجتمع الدولي من خلال النواب، أن ايران تتواصل مع الجميع في لبنان، وتستمع الى كل الأطراف والطوائف، ولا تفرض رأيها، وان لديها حصة وازنة يجب ان تؤخذ في الاعتبار في أي استحقاق وفق ما أشار أحد النواب لموقع “لبنان الكبير”.

أما الزيارة التي أتت قبل اجتماع اللجنة الخماسية المتوقع قريباً، وهي الأولى لمسؤول ايراني بعد الاتفاق السعودي – الايراني، فتعددت القراءات حولها وحول مضمونها وغاياتها، اذ رأى البعض أنها فارغة المضمون، وتصب في الاطار الاستعراضي، فيما اعتبر آخرون أنها تهدف الى ايصال رسائل الى الخارج خصوصاً الى الدول المعنية بالملف اللبناني، وكأن ايران تبدي بطريقة غير مباشرة، استعدادها لتكون لاعباً في معادلة الحل أو التركيبة التي يتم التحضير لها، وتطمح الى أن تنضم الى اللجنة الخماسية التي تتابع الشأن الداخلي كما تريد أن تقول انها جاهزة للحوار والنقاش، لكن من موقع القوة والنفوذ.

في هذا الاطار، أشار الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين الى أن “زيارات وزير الخارجية الايرانية متكررة الى لبنان، لكن إلى جانب كونها روتينية، تأتي بعد الاتفاق السعودي – الايراني. الزيارة تتخذ بعداً استعراضياً بمعنى أن ايران تقول انها موجودة وأساسية في المعادلة السياسية في لبنان”.

وقال: “هناك عدة رسائل من الزيارة: أولاً، إيران تريد أن تذكر اللجنة الخماسية، بوجودها، وتوجه رسالة الى الخارج أي الى الدول المتابعة للشأن اللبناني أكثر منها الى القوى السياسية الداخلية. ايران تبدي استعداداً بطريقة غير مباشرة لأن تكون لاعباً في معادلة الحل في لبنان على مستوى الاتصالات الدولية والاقليمية من خلال اللجنة الخماسية. وما يصرح به عبد اللهيان، والزيارات التي قام بها، واللقاء مع النواب، يدل على اشارات ايرانية للتحرك في اتجاه الأزمة اللبنانية، وليس مستبعداً أن يكون هناك طموح لايران الى أن تصبح ضمن الدائرة الدولية والاقليمية بصورة رسمية، وبالتالي، تتحول اللجنة الخماسية الى سداسية. ثانياً، تذكر الزيارة بإمكان عقد اتفاق أو تفاهم ما حول الوضع اللبناني انطلاقاً من أن ايران لها حصة أساسية في لبنان، وبالتالي، يجب النظر اليها من هذه الزاوية لأن موضوع انتخاب الرئيس هو رأس جبل الجليد أي اأنه ليس هو المعضلة الأساسية، انما الموضوع الأهم هو على أي أساس سينتخب الرئيس؟ ايران معنية أكثر بالاتفاق الذي سيعقد بشأن لبنان الذي يعاني من الانهيار والتردي على المستويات كافة، ويحتاج الى نهضة معينة، وحين يتم الحديث عن اصلاح وتغييرات مطلوبة، هناك أسئلة تواجه المحور الايراني: ما هو موقع حزب االله من المعادلة، بمعنى ما هو دور سلاحه ودور ايران في لبنان في المرحلة المقبلة؟ وأي اتفاق يجب أن يراعي مصالح محور الممانعة؟ ثالثاً، الزيارة تخاطب بطريقة غير مباشرة، الأطراف المؤثرة في لبنان سواء الأميركيون أو السعوديون، بأن ايران جاهزة للحوار والنقاش، لكن من موقع القوة والنفوذ. رابعاً، انها محاولة استدراج للأطراف المعنية بالشأن اللبناني، للتباحث حول لبنان لأنه الى اليوم لا يبدو أن هناك موقفاً واضحاً من الدول المعنية من أجل معالجة الأزمة إن كان في انتخاب الرئيس أو في الشؤون الاصلاحية”.

ورأى أن “ما تضمنته الزيارة من العناوين السياسية العامة، تشير الى أن ليس هناك من اتفاق أو تفاهم على الوضع اللبناني على الرغم من أن العلاقة السعودية – الايرانية، تحسنت”.

واعتبر أن “دعوة النواب لها علاقة بالأزمة أي بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية اذ كان يمكن أن يدعو الأحزاب. الأهم أنه دعا الأطراف التي ليست حليفة وليست مؤيدة لسياسة ايران كي يقول انها قادرة على التواصل مع مختلف الأطراف، وليست علاقاتها حكراً على الجهات المؤيدة. هذه الدعوة ترمز في مكان ما الى رغبة ايران في إنجاز تسوية، واستعدادها للمساعدة على انجازها. هذا في الشكل، لكن في المضمون، كيف سيترجم هذا الأمر؟ فلننتظر. السؤال الذي يبقى: أي نوع من التسوية ستطرح؟”.

وأكد الأمين أن “دعوة النواب فيها بعد استعراضي أيضاً. مهما تم التداول في الأفكار والطروح، فإن الصورة هي التي ستختصر هذا الاجتماع، وستظهر أن وزير الخارجية الايرانية جمع 25 نائباً. وبالتالي، يصبح العدد الأهم وليس الأسماء، لكن لا بد من الاشارة هنا الى أن وزير الخارجية الايرانية لم يدل بأي موقف يشير الى أن هناك تغييراً قد حصل”.

أما الصحافي والمحلل السياسي بشارة خير الله فوصف الزيارة بأنها “في الشكل استعراضية، وفي المضمون فارغة”، موضحاً أن “أهميتها في الشكل أنها الزيارة الأولى بعد الاتفاق السعودي – الايراني، لكن لا أهمية لها في المضمون خصوصاً أن بنود الاتفاق المتعلقة بالشأن اللبناني، بدأ تنفيذ المرحلة الأولى منها من خلال توقيف المحطات الاعلامية التابعة لايران التي كانت تبث الحقد والكراهية ضد المملكة العربية السعودية من بيروت. أما الشق الثاني المتعلق بالاستحقاقات الدستورية من انتخاب رئيس الجمهورية الى تكليف رئيس حكومة ثم تشكيل الحكومة ثم التعيينات في المراكز المهمة في الدولة، قد تكون من احدى الرسائل التي أراد وزير الخارجية الايرانية ابلاغها الى حزب الله لناحية التسهيل، والنزول عن شجرة الاستمرار في ترشيح سليمان فرنجية على قاعدة اما مرشحنا أو الشغور”.

وأشار الى أنها “زيارة لمحاولة تحسين الشروط الايرانية مع الدول المعنية بالملف اللبناني كما وتحسين شروط الحزب داخل التركيبة الجديدة التي يتم تحضيرها. تحاول ايران الاستثمار كي تقبض الثمن في أي استحقاق إن كان دستورياً أو غير دستوري، واحدى الاستثمارات حصتها في انتخاب الرئيس وما يليه من استحقاقات”، مشدداً على أن “الايجابيات لن تظهر قبل تراجع حزب الله الى خط الوسط، والتنازل عن مرشحه”.

ورأى خير الله أن “من يجتمع مع الايرانيين أو يلبي الدعوة الى الاجتماع، يكون حكماً منحازاً الى هذا الطرف، ويكون من المحور أو يريد الاستثمار من خلال الحضور. الدعوة تأتي في اطار الاستعراض وعرض العضلات”.

شارك المقال