تحميل السوريين مسؤولية الانهيار “شماعة” لتعليق الفشل السياسي

راما الجراح

دعت منظمة العفو الدولية منذ أيام السلطات اللبنانية إلى أن تكف فوراً عن ترحيل اللاجئين السوريين قسراً إلى سوريا خشية أن يتعرضوا لتعذيب أو اضطهاد من الحكومة السورية عند عودتهم إلى بلادهم التي لا تزال غير آمنة. وجاءت هذه الدعوة بعد قيام السلطات اللبنانية بترحيل حوالي ٥٠ لاجئاً سورياً في نيسان وسط تصاعد المشاعر المعادية للسوريين والتي تفاقمت بسبب الأزمة الاقتصادية.

وقد داهم الجيش اللبناني الأسبوع الماضي بعض المنازل التي تسكنها عائلات سورية في مواقع مختلفة في لبنان، بما في ذلك برج حمود في بيروت، ورحَّل إلى سوريا عشرات اللاجئين الذين دخلوا البلاد بصورة غير نظامية أو يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية.

وفي حديث مع شقيق أحد اللاجئين الذين رحّلهم الجيش اللبناني، أوضح لموقع “لبنان الكبير” أنه تمكن من الاتصال بشقيقه، الذي أبلغه بأنَّ الجيش اللبناني سلّم اللاجئين مباشرة إلى الحدود ومن ثم إلى الجيش السوري، وأنَّ العديد منهم مُسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

الحشيمي: خطاب التحريض يؤجج الوضع

واستغرب النائب بلال الحشيمي الحملة العنصرية الممنهجة ضد اللاجئين السوريين في هذا التوقيت بالذات، معتبراً أن “أصل المشكلة في لبنان ليس في وجود اللاجئين السوريين بل في سياسة الفساد والنهب والسرقات”، من دون أن ينفي الحاجة إلى “تنظيم ملف اللاجئين بعيداً من خطابات التحريض والكراهية التي من شأنها تأجيج الوضع في لبنان وفتح أبواب الفتن الموصدة”.

وقال الحشيمي لموقع “لبنان الكبير”: “ان تحميل اللاجئين السوريين مسؤولية الأزمة الاقتصادية في لبنان أشبه بشماعة وجدها المسؤولون عن هذا الانهيار الاقتصادي، حلاً لتعليق فشلهم عليها. قد يكون اللجوء السوري ألقى ببعض ظلاله السلبية على لبنان، لكنه في الوقت عينه حمل معه فوائد اقتصادية للمجتمع اللبناني مثبتة بالمعطيات والأرقام من خلال مردود إيجارات المحال والبيوت التي يشغلها السوريون والتي كانت بمعظمها فارغة من المستثمرين إضافة إلى توظيف العديد من الأساتذة والمعلمين في تعليم السوريين وغيرها من الأمور التي لا متسع لذكرها هنا”. وتساءل “أين التنسيق بين الدولة والأجهزة الأمنية؟ ولماذا تأخذ بعض الأجهزة حل أزمة اللاجئين على عاتقها دون غيرها؟”، معتبراً أن “تسليم اللاجئين الى النظام السوري يتحمّل عواقبه المسؤولون في لبنان”.

ياسين: العودة الآمنة ضرورية

أما عضو كتلة “التغيير” النائب ياسين ياسين فقال: “نحن أول مَن استقبلهم، وما يحصل اليوم سببه الأول الانهيار الكبير في مؤسسات الدولة التي لا تقوم بواجباتها، ووصلنا إلى مرحلة الحاجة الماسة الى إدارة الأزمة السورية جدّياً، ويجب التعاطي في هذا الشأن بصورة طارئة، ورأيي الشخصي أن الوقت حان لأن يجتمعوا كمسؤولين عن البلد ويحلوها. هناك أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين ليسوا لاجئين، إنما موجودون بسبب مشكلة اقتصاديّة في سوريا، وطبعاً نحن تأخرنا جداً في معالجة هذا الملف والحديث عنه كأي ملف آخر يحتاج إلى المعالجة السريعة”.

ولفت الى أن “هناك عدة مناطق بقاعية أصبحت أعداد السوريين فيها تفوق أعداد سكان المنطقة، ففي منطقتي غزة هناك ما يقارب ٢٠ إلى ٢٥ ألف لاجئ بينما سكان القرية عددهم التقريبي ٥ آلاف نسمة فقط، ومن ناحية البنى التحتية لم نعد نستطيع تحمل هذا العبء من دون أي تنظيم، وهناك ضرورة لمعالجة هذا الملف بكل مسؤولية. هناك لاجئون لا يجب إعادتهم إلى سوريا بسبب مشكلات أمنية وسنعرض حياتهم للخطر ويجب إدراك هذا الأمر”، متوقعاً “إنفجاراً شعبياً قريباً في حال لم يعالج الموضوع”.

وأشار الى أن “هناك اتفاقات بيننا وبين الأمم المتحدة ويجب الالتزام بها واحترامها، وأن نقوم بعملنا كدولة، مَن يحق له الدخول كلاجئ ومن يجب منعه من الدخول، وهناك مسؤولية إنسانية بالدق وحياة الناس ليست لعبة ويجب الأخذ في الاعتبار هذه النقطة ولا يجب التعامل معهم بعشوائية”، مؤيداً “العودة الآمنة للاجئين إلى سوريا الذين ليس هناك خطر على حياتهم وهم في لبنان لأسباب اقتصادية وليست أمنية، ويذهبون إلى سوريا كل فترة من دون أي إشكالية، ومنهم صوّت لبشار الأسد في الانتخابات، هؤلاء لا سبب لإبقائهم في لبنان”.

ماروني: مع كل إجراء ينعش الحياة اللبنانية

واعتبر الوزير السابق إيلي ماروني أن “معظم دول العالم استقبلت من اللاجئين أعداداً تستطيع تحمل مسؤولياتها، وفي لبنان إنسانياً قلوبنا معهم، أما عملياً فنحن وطن صغير، وأرض صغيرة، ونمر بأزمات مالية واقتصادية وسياسية صعبة، ونحن في قعر الهاوية وبالتالي البلد لم يعد قادراً على هذا الحمل، والمنظمات الدولية تقدم مساعدات للسوريين فقط، سواء كانوا لاجئين أم لا، في الوقت نفسه العائلات اللبنانية تموت من الجوع”، معتبراً أنه “كان يجب أن تكون هناك دراسة سابقة قبل إدخالهم إلى لبنان عن مدى استيعابه أعداداً محددة، من دون أي يفرض علينا لا الأوروبي ولا الأميركي في بلد مساحته ١٠ آلاف كيلومتر مربع إستقبال أعداد هائلة أصبحت أكثر من نصف سكان لبنان، وأن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً”.

وقال: “في البقاع، هناك استهلاك يومي ٤٠ ألف ربطة خبز من أحد الأفران للاجئين في الوقت الذي يستهلك اللبناني الوقود للبحث عن ربطة خبز. وقد شاركت في عدة ندوات في الأردن وبعض الدول الأخرى حول هذا الموضوع وسألت فعاليات عن المساعدات، وتبين أنها تأتي عادة للدولة المضيفة واللاجئين إلا في لبنان الدولة المضيفة تدفع الكهرباء، الماء، التلوث، وحتى الأمراض مثل الكوليرا بسبب مجارير المخيمات التي تصب في الأنهار اللبنانية، وعليه نحن مع كل إجراء يعطي انتعاشاً للحياة اللبنانية مع الأخذ في الاعتبار الوضع الانساني، فهناك حوالي ٣٠ ألف سوري لديهم وضع أمني خاص في سوريا، بينما هناك مليونان آخران يدخلون ويخرجون على مزاجهم إلى سوريا وفي الأعياد وهذا بحسب احصاءات الأمن العام اللبناني، وينتخبون بشار الأسد رئيساً، يعني يمكنهم العودة إلى بلادهم وهم مؤيدون للنظام، وبالتالي يمكننا أن نقول لهم أهلاً وسهلاً انتهت فترة الضيافة!”.

شارك المقال