“حزب الله” بعد زيارة عبد اللهيان… تغيير موقف أم تقاسم أدوار؟

ياسين شبلي
ياسين شبلي

جاءت زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان الى لبنان الأسبوع الماضي، وهي الأولى بعد الاتفاق السعودي – الإيراني لتلقي حجراً في المياه اللبنانية الراكدة خصوصاً في الشق الداخلي منها، بحيث يسيطر الجمود على الوضع وسط عجز المنظومة الحاكمة وفشلها كما “المعارضات” في الوصول إلى تفاهم أو حل وسط يؤدي إلى إنتخاب رئيس جمهورية جديد، قد يساهم أو يكون نقطة إنطلاق نحو إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

كان اللافت في هذه الزيارة هو دعوة عدد من النواب ومن كتل نيابية مختلفة إلى إجتماع في السفارة الإيرانية لتبادل وجهات النظر مع الوزير الايراني، لا سيما وأن المعروف بأن الملف اللبناني في طهران هو في يد المرشد الأعلى وجهات عسكرية وأمنية إيرانية ولبنانية وليس في يد وزارة الخارجية، وهو ما جعل من هذا الاجتماع سابقة هي الأولى من نوعها سواء من حيث عدد النواب المدعوين، أو شمولية الدعوة – بغض النظر عن الحضور من عدمه – التي خرقها إستثناء “القوات اللبنانية” كفريق سياسي وطائفي أساس في لبنان، ما أدى – حسب رأيي – الى تخلف البعض من النواب المسيحيين عن الحضور نظراً الى ما يمثله هذا الموضوع من حساسية في الشارع المسيحي.

لكن اللافت أكثر وهو الأمر الأساس الذي يُعوَّل عليه فعلاً بعيداً عن اللياقات الديبلوماسية والسياسية، هو موقف “حزب الله” من الاستحقاق الرئاسي الذي لا يمكن أن نجزم بأنه تغيَّر، ولكن الأكيد أن النبرة التي كانت قبل الزيارة لم تعد هي نفسها بعدها. ففي حين كانت نبرة الشيخ نعيم قاسم قبل الزيارة عالية جداً من تصريحه الأول بأن مرشح “حزب الله” هو فرنجية أولاً وثانياً وثالثاً، إلى تصريحه الأخير الذي كان قبل يوم أو يومين من الزيارة وجزم فيه بأن لا رئيس غير سليمان فرنجية، وخيَّر اللبنانيين – على طريقة ريتشارد مورفي في أواخر الثمانينيات – بين فرنجية أو إطالة أمد الفراغ، جاءت تصريحات رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” الحاج محمد رعد – وهو الأجدر بصفته النيابية أن يتناول هذا الملف – لتخفف من حدة تصريحات قاسم بتأكيده أن الحزب لم يغلق الباب أمام التوافق على شخصية الرئيس واسمه، مضيفاً أن “إنجاز الاستحقاق لن يتحقق إلا بتفاهم متبادل بين اللبنانيين، وإذا فكرنا بطريقة سليمة وبطريقة تتجاوز مصالحنا الخاصة نستطيع أن نتفاهم، والتفاهم يحتاج إلى تنازلات وهذا ما ندعو إليه ونأمل به”.

ترك تصريح رعد إنطباعاً عند البعض بأن زيارة الوزير الايراني قد حملت رسالة ما أو “كلمة سر” أَمْلت هذا التغيير في النبرة إن لم يكن في الموقف، وبأن الزيارة ربما تهدف الى تهيئة الأرضية للموفد القطري لطرح مبادرة توافقية جديدة، بينما يرى البعض الآخر أن الأمر لا يعدو كونه تقاسم أدوار بين مسؤولي الحزب على طريقة “هبة باردة وهبة ساخنة” بانتظار إنتهاء مهلة الشهرين المحددين لاختبار الاتفاق السعودي – الايراني ليُبنَى على الشيء مقتضاه، وهو تقاسم لا يضير الحزب بشيء بل يمكن أن يكسبه بعض الوقت، لاستكمال تسويق مرشحه خصوصاً في ظل الدعم أو لنقل التفهم الفرنسي لهذا الترشيح، ما دام يلعب وحيداً على الساحة ولا يجد من يقارعه بمرشح واحد جدي، بعد إستهلاك المعارضة مرشحها ميشال معوض والعجز عن إيجاد البديل الذي يمكن أن يشكل صلة وصل بين أطرافها، ليبقى السؤال مطروحاً عن الرأي الأقرب الى الواقع اللبناني والاقليمي، هل هو القائل ببداية تغيير في موقف “حزب الله”، أم القائل بأن الأمر لا يعدو كونه تبادل أدوار وهي لعبة يتقنها الحزب جيداً، حتى تقضي التطورات أمراً كان مفعولا؟

تساؤلات قد تجيب عنها الأيام أو الأسابيع المقبلة في ظل الحراك الاقليمي والعربي سواء بالنسبة الى الاتفاق السعودي – الايراني، أم بالنسبة الى الملف السوري الذي بدأ يتحرك بصورة لافتة، خصوصاً وأن هذه التحركات تأتي على أبواب إنعقاد القمة العربية في الرياض، فلننتظر ونرَ، وإن غداً لناظره قريب.

شارك المقال