الملف الرئاسي… إنعطافات قريبة ومفاجآت أواخر حزيران!

هيام طوق
هيام طوق

لا يزال الاستحقاق الرئاسي، العنوان الأبرز على الساحة السياسية، والأكثر تداولاً في اللقاءات والنقاشات بين الفرقاء في الداخل، وبين الأطراف الخارجية المعنية بالملف اللبناني، والتي تحاول تحقيق خرق في هذا الاطار، وبأسرع وقت ممكن لأن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من الشغور. لكن، على الرغم من ذلك، لا يبدو أن هناك تقدماً أو مؤشرات توحي بأن موعد انتخاب رئيس الجمهورية بات قريباً، مع العلم أن كثيرين يقولون ان هناك طبخة رئاسية، تُحضّر في الكواليس بعيداً عن الأضواء، وأصبح هناك شبه اجماع عليها اذا لم يطرأ أي طارئ سلبي يفرملها أو ينسفها من أساسها.

وفيما تكثف قوى المعارضة من لقاءاتها ونقاشاتها بهدف التوصل الى اسم مشترك، والذهاب الى المجلس النيابي للتصويت له، إذ لا يستبعد أحد نواب هذه الجبهة، نجاح هذه الخطوة لأن الامور تبحث في العمق، وبأسماء يمكن أن تشكل تقاطعاً بين الجميع، يجري الحديث اليوم عن مبادرتين خارجيتين متناقضتين: الأولى، تحضّر لإيصال رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة مع تعيين رئيس حكومة ترضى عنه المعارضة، ويتردد في الآونة الأخيرة اسم الرئيس تمام سلام الذي خاض تجربة ناجحة وتعاطى بإيجابية مع الجميع، أي أن المبادرة الفرنسية لا تزال سارية المفعول. والثانية، تقول ان الدول الممثلة في اللجنة الخماسية متوافقة في ما بينها على اسم محدد، والموفد القطري الذي التقى كل الجهات السياسية في لبنان، تمحورت زيارته حول هذا الطرح، لكن تبقى فرنسا وحدها تغرّد خارج سرب التوافق القطري والمصري والسعودي والأميركي، ولا تزال متمسكة بخيار فرنجية، وربما هذا الاختلاف، يبرر سبب تأجيل الاجتماع الخماسي الذي كان من المفترض أن يعقد سابقاً، وسط ترجيحات أن يكون على مستوى وزراء خارجية هذه الدول، وليس على مستوى المستشارين.

إذاً، على ما يبدو، الاختلاف حول اسم الرئيس لا يقتصر على الأطراف في الداخل وحسب، انما انسحب على اللجنة الخماسية إذ تشير المعطيات الى أن إنتخاب الرئيس اذا لم يتم في حزيران المقبل، فإن الشغور سيستمر الى أشهر وربما الى سنة في انتظار تسوية شاملة في المنطقة.

وأشار النائب فيصل الصايغ إلى أن “فرنسا لا تزال تلعب دوراً مهماً بغض النظر عن عدم قبول مبادرتها أي رئيس جمهورية مقابل رئيس حكومة. هذا الطرح لم يثبت نجاحه في المرحلة الماضية، وتعطلت الدولة والحكم. المبادرة الفرنسية لقيت رفضاً واسعاً في الداخل، وعلينا الذهاب نحو صيغة أكثر تطوراً، تراعي الانهيار، ونبني دولة فعلية بعيداً عن الترقيع. اليوم نريد رئيساً للجمهورية مقبولاً من الأكثرية، وترضى عنه الدول العربية خصوصاً الخليجية منها والمملكة العربية السعودية. ليس المهم ملء كرسي الرئاسة انما نريد رئيساً ناجحاً”، معتبراً أن “الرئيس تمام سلام شخصية مرموقة، وعلى علاقة جيدة بالجميع، وفي حال انتخاب رئيس للجمهورية يرضي الأكثرية، يكون النجاح أفضل”.

وقال: “اللجنة الخماسية ربما ستجتمع هذا الشهر، لكن كل الدول لديها مشكلاتها وهمومها، والمسعى الخماسي سيستمر، ويصل الى نتائج إيجابية، ومن اليوم الى أواخر شهر حزيران المقبل، سنشهد خرقاً في الملف الرئاسي. ليس هناك من اسم محدد حالياً، لكن المواصفات أصبحت واضحة، وهناك شبه اجماع عليها، والفرنسي سيقتنع قريباً بالرأي القائل ان مبادرته غير قابلة للنجاح، وسنشهد خلال الفترة القصيرة المقبلة، إنعطافات في هذا الاطار. لاحظنا مؤخراً، التدخل الأميركي الجدي عبر بيان وزارة الخارجية الأميركية ورسالة مجلس الشيوخ الأميركي، بالاضافة الى الحركة الداخلية، وحركة السفير السعودي. الملف الرئاسي وضع على نار حامية”.

وشدد على “أننا اذا لم ننتخب رئيساً قبل تموز المقبل، نكون نرتكب جريمة بحق البلد وأهله، ولا ننسى الاستحقاق الكبير في تموز في حاكمية مصرف لبنان، وبالتالي، لا يمكن تحمّل الفراغ في هذا الموقع في ظل الوضع المالي المنهار”.

ورأى النائب عماد الحوت أن “الأجواء تتجه تدريجاً نحو الحلحلة، من خلال طرح مرشح تتوافق عليه معظم الجهات، وإذا لم يتم التوافق على هذا المرشح، فليس مستبعداً أن نذهب الى جلسة بمرشحين”، لافتاً الى أن “الوسطاء في الخارج، يستمعون الى الأسماء المطروحة من مختلف القوى السياسية، وفرنسا وحدها تطرح اسماً معيناً أما الدول الأخرى لاسيما القطريون ، فكانوا يستمعون الى الأسماء الأكثر قبولاً وصولاً الى اسم، ويبدو أنهم وصلوا الى قناعة بأن هناك اسماً ينال رضا غالبية الأطراف كي لا نقول كلها. لكن، هذا الأمر رهن كما تجري العادة، بمطالب كل فريق بالحصول على ضمانات لمستقبله السياسي. قطر توصلت الى قناعة من خلال اللقاءات، بأن اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون، الأكثر قبولاً، وهو من الأسماء المطروحة بقوة اليوم، مع العلم أنه في بلد مثل لبنان، لا يمكن الحسم في أي موضوع قبل البتّ فيه بصورة نهائية”.

وأكد أن “المبادرة الفرنسية تراجعت كثيراً وبصورة حادة أمام رفض القوى السياسية، لكن التسويات تجعلنا دائماً نترقب المفاجآت”، معتبراً أن “المناخ ملائم جداً اليوم أمام اللبنانيين للتوافق على آلية للخروج من مأزق انتخاب الرئيس نظراً الى التقارب السعودي – الايراني الذي يريح الأجواء على مستوى دول المنطقة، واذا لم يستفد اللبنانيون من هذه الفرصة، فربما يتوتر الوضع لاحقاً، وبالتالي، نكون خسرنا الفرصة”.

وعزا تأخير إجتماع اللجنة الخماسية الى “اصرار فرنسا على مبادرتها لأسباب بات الجميع يدركها، لكن اللقاء لن يتأخر”، موضحاً أن “المخرج يقع على عاتق القوى السياسية أن تجده، وعلى كل من صعد الى الشجرة ولا يعلم كيف ينزل، أن يسير في تسوية منصفة، تأتي برئيس قريب من كل اللبنانيين، والأجواء اليوم التي نسمعها من الفرقاء في الداخل، ومن الوسطاء في الخارج، تؤكد الاصرار على انهاء الاستحقاق الرئاسي قبل أواخر حزيران. الأجواء اليوم أكثر تفاؤلاً من أي وقت سابق”.

شارك المقال