أوكرانيا: الصين تتحرك حيث تعجز واشنطن

حسناء بو حرفوش

لا يقتصر التدخل الصيني في أوكرانيا على مساعدة فلاديمير بوتين وحسب، وإنما ينطوي على شيء أعمق من ذلك بكثير، حسب ما كتب المحلل الأميركي جون ليونز في مقال بموقع “أي بي سي”.

ووفقاً للمقال، “بعد متابعة الحرب باهتمام بالغ لمدة 14 شهراً، وإظهار الدعم والصداقة بصورة متكررة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بخطوته. وبقي شي، منذ اندلاع الحرب في شباط الماضي، واحداً من زعماء العالم الرئيسيين القلائل الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء إجراء محادثة مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي. وبدلاً من ذلك، لم يفوّت فرصة لالتقاط الصور مع بوتين، حتى عندما بدا من الواضح للعالم أن روسيا تضرب المباني السكنية في أوكرانيا بالصواريخ والمسيرات بلا هوادة. كما عقد الرئيسان شي وبوتين اجتماعاً في أولمبياد بكين قبل ثلاثة أسابيع من قرار بوتين غزو أوكرانيا في شباط من العام الماضي. لذلك، يصعب التصديق أن الرجلين لم يناقشا خطة بوتين الموضوعة جيداً لغزو جاره خلال محادثاتهما التي تزامنت مع حشد موسكو الجنود على طول الحدود الأوكرانية. لذلك، تعتبر المكالمة الهاتفية التي سجلت في 26 نيسان مهمة للغاية.

ومن الواضح من محتوى المحادثة التي نشرها الجانبان بعد ذلك أن شي قدم شيئاً يعرف أن الولايات المتحدة لا تستطيع تقديمه. وبناء على تصريحات الطرفين، تضمنت المحادثة جزأين: الجزء الأول نموذجي كأي تواصل بين زعماء العالم مع التركيز على بعض التفاصيل الديبلوماسية، والجزء الثاني يركز على تعبير الجانبين عن رغبتهما في تعميق العلاقات الثنائية. ومع استعداد روسيا وأوكرانيا لما يُرجح أن تكون المرحلة الأكثر عنفاً وحسماً في هذه الحرب، قدم ثلاثة من كبار الخبراء الروس الأستراليين تقويماتهم لكيفية تطورها في العام المقبل.

لكن الأهمية الحقيقية للمكالمة بين الرئيسين تكمن في ما قاله شي في النهاية، فقد ذكر، كأنما بصورة عابرة، أنه يريد إرسال مبعوث ديبلوماسي إلى كل من كييف وموسكو لمحاولة إنهاء الحرب. ولم يقصد بذلك أي مبعوث فقط، بل سفير الصين السابق في موسكو، لي هوي. من الواضح أن لي سيجري اتصالات مهمة في الكرملين قد تقود الى محادثات سلام مع القيادة الأوكرانية. وبمجرد أن طرح شي الفكرة، قبل زيلينسكي بها. كان شي يعلم أنه يعرض شيئاً لا تستطيع الولايات المتحدة تقديمه ببساطة. لن تكون واشنطن قادرة على إيصال بوتين إلى طاولة المفاوضات. والأكثر إثارة بعد هو الرد الأميركي على لسان سفير أميركي أيد قيام الصين بدور الوسيط.

ويظهر العالم الجيوسياسي سريع التغير بصورة صارخة في الحرب في أوكرانيا، في ظل استخدام الصين نفوذها المعزز حديثاً. روسيا من أقرب حلفاء الصين وإيران من أقرب حلفاء روسيا. وتتحرك إيران في أوكرانيا تماماً مثل روسيا، حيث يترجم دعمها باستخدام المسيرات.

لماذا تتوسط الصين في حرب روسيا مع أوكرانيا؟

وقال الزعيم الصيني إن بكين سترسل مبعوثاً إلى أوكرانيا لمناقشة “تسوية سياسية” محتملة للحرب الروسية مع البلاد. يتألف جزء من آلة القتال الأوكرانية الجديدة من 230 دبابة من أفضل الدبابات المتاحة و1550 مركبة قتال. وفوق كل ذلك، تمتلك أوكرانيا واحداً من أفضل أنظمة الدفاع الجوي في العالم، بحيث تم تشكيلها بخبرة 15 شهراً وهي مدعومة بأحدث التقنيات مثل نظام الدفاع الجوي باتريوت الأميركي الصنع.

علاوة على ذلك، يدير الناتو والولايات المتحدة نظاماً متطوراً قائماً على الأقمار الصناعية من بولندا المجاورة ينبه أوكرانيا في اللحظة التي يتم فيها تحميل طائرات ميغ الروسية بالصواريخ وتستعد للإقلاع من روسيا أو بيلاروسيا. هذا يعني أن أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية قد تمتلك في بعض المناسبات، إشعاراً مدته ساعة بحد أقصى للنيران المحتملة للصواريخ والمسيرات.

وبصرف النظر عن الرغبة في استبدال واشنطن بصفتها صانع صفقات دولية، تدرك الصين أن روسيا تعمل على تعميق المشكلات العسكرية وتريد مساعدة حليفتها. وليس من المستبعد أن يكون بوتين قد طلب من شي محاولة جلب الأطراف إلى طاولة في ضوء مشكلاته، لكن لا الصين ولا روسيا تعبّران عن ذلك. الا أن الأمر الذي لا جدال فيه هو أن الصين تقوم بتحركها في أوكرانيا ونصب عينها أجندتان: محاولة التغلب على الولايات المتحدة ومحاولة مساعدة روسيا”.

شارك المقال