في “العجقة الرئاسية”… التوافق بين المعارضة و”التيار” قريب؟

هيام طوق
هيام طوق

من يراقب الحراك السياسي الداخلي والخارجي المتعلق بالاستحقاق الرئاسي، يدرك أن الملف، وضع على نار حامية، وهذا ما تؤكده جهات عدة لأن الجميع يعلم مدى خطورة الاستمرار في حالة الشغور حتى أن كثيرين يعتبرون أن نتائج هذه “العجقة الرئاسية” ستظهر أواخر حزيران المقبل، وإن لم تكن هناك اليوم أي مؤشرات فعلية تدل على ذلك خصوصاً أن “الثنائي الشيعي” لا يزال متمسكاً بمرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، لكن الأمور تنقلب رأساً على عقب بين ليلة وضحاها، وهذا ما تعودنا عليه في لبنان.

اليوم، هناك مبادرات داخلية وأخرى خارجية، إذ تتزامن زيارات نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب إلى المسؤولين مع عودة الولايات المتحدة الأميركية لتولي إهتماماً بالملف الرئاسي بعد أن سلمته الى فرنسا التي عجزت عن تحقيق أي خرق في هذا الاطار بعد مرور 7 أشهر على الشغور، ولم تتمكن من تنفيذ مبادرتها التي لاقت رفضاً داخلياً خصوصاً من الجانب المسيحي على اعتبار أن طرح المقايضة في الحكم لم ينجح، والمرشح الذي دعمته هو مرشح فريق، كما لم تجد تجاوباً من الدول العربية ما دفعها الى التراجع الذي بدأ يظهر من خلال النشاط الملحوظ للسفيرة الأميركية في اتجاه المسؤولين مروراً بالرسالة التي وجهها الكونغرس الى الرئيس جو بايدن بخصوص الوضع في لبنان وصولاً الى البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية الداعي الى إنتخاب عاجل لرئيس الجمهورية، إذ لفت المتحدث باسم الخارجية ماتيو ميلر في بيان إلى أن “الولايات المتحدة تدعو القيادات السياسية في لبنان الى التحرك في شكل عاجل لانتخاب رئيس لتوحيد البلاد واقرار الاصلاحات المطلوبة. لبنان يحتاج الى رئيس متحرر من الفساد وقادر على توحيد البلاد”.

في ظل هذا النشاط، تبرز أيضاً اللقاءات التي تحصل بين نواب من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” في محاولة للاتفاق على اسم للرئاسة الأولى في وقت يتم الحديث عن إمكان التلاقي حول مرشح. وبالتوازي، يجري النقاش بين أطراف المعارضة على أسماء محدودة على أمل الوصول الى التوافق خصوصاً أن القاسم المشترك بين هذه القوى، هو منع وصول مرشّح محور الممانعة إلى سدّة الرئاسة.

على أي حال، وفي ظل التحركات الداخلية والخارجية، لا بد من التساؤل: هل من علاقة بين الزيارات التي يقوم بها بو صعب المقرب من الأميركيين، الى المسؤولين لتقريب وجهات النظر وبين العودة الأميركية على الساحة الداخلية؟ وهل المشاورات بين “التيار” و”القوات” يمكن أن تصل الى نتيجة إيجابية، وبالتالي، الذهاب الى البرلمان بإسم واحد؟ وهل تتفق المعارضة في ما بينها على اسم يتقاطع أيضاً مع خيار “التيار”؟

أشار النائب فادي كرم في تصريح لموقع “لبنان الكبير” الى أن “هناك نقاشاً جدياً بين نواب من التيار ونواب من القوات، ونحن متفقون على عدم السماح بإيصال مرشح الممانعة الى رئاسة الجمهورية. ومن هذا المنطلق، هناك أجواء تشير الى أن المسافات تضيق شيئاً فشيئاً بيننا نحو الوصول الى اتفاق على مرشح. ويمكن القول ان النقاش يجري اليوم حول إسمين، لكن لن ندخل في التسمية. القنوات مفتوحة والنية موجودة، وعلينا أن نتحمل المسؤولية لأن البلد أصبح في وضع كارثي، وكل فريق يشعر بخطورة الشغور”.

وشدد على أن “اللقاءات تحصل على صعيد النواب، وحدودها رئاسة الجمهورية، ليس أكثر من ذلك أي لا اتفاق ولا تفاهمات بين الكتلتين أو بين الحزب والتيار. لا يمكن تحديد الوقت الذي نحتاجه للوصول الى التوافق على اسم إذ ربما يتطلب الأمر يومين أو أسبوعين، لأن ذلك لا يرتبط بالتيار والقوات وحسب، انما بالفرقاء التغييريين والمستقلين”، موضحاً أن “الأسماء التي يمكن الاتفاق عليها ليست أسماء مطروحة من القوات أو التيار انما من نواب مستقلين”.

وأكد أن “التواصل بين فرقاء المعارضة والمستقلين وبين التيار والقوات يمكن أن ينتج عنه توافق بين هذه القوى، ونعمل على أن يشكل الاسم المطروح نقطة التقاء بين هذه القوى مجتمعة. هناك بوادر ايجابية، واذا استمرت هذه الايجابية، فسنرى النتائج قريباً”.

ورأى أن “ليس هناك ارتباط بين تحرك بو صعب وعودة الأميركيين الى الساحة فهم لا يتدخلون في الأسماء، ولا في اللعبة الرئاسية انما يطلبون من اللبنانيين انتخاب الرئيس في أسرع وقت. اليوم هناك اصرار من فرقاء خارجيين وأصدقاء لبنان، على الدفع نحو التفاهم الرئاسي. بو صعب يقوم بمبادرة ذاتية بالتنسيق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهذا ما أعلن عنه هو”، معتبراً أنه “لا يمكن تحديد الوقت لانتخاب الرئيس لأن الأمر مرتبط بالظروف والتطورات”.

وقال النائب ملحم خلف: “نحن لدينا 3 أو 4 أسماء (ناصيف حتي وصلاح حنين وزياد بارود)، عرضناها على الكتل النيابية، ونحن منفتحون على الطروح الأخرى. التواصل دائم بين مختلف القوى في المجلس النيابي، لكن لا شيء جديد، ولسنا على علم أن النقاش وصل الى مرحلة متقدمة أي الى مرحلة غربلة الأسماء التي بقي منها اسمان على الرغم من أن الجهد يبذل في هذا السياق”. وشدد على أن “خياراتنا إنقاذية، ونعمل على ايصال رئيس إنقاذي، يجمع بين الأطراف كافة، ونحن منفتحون على انتخاب رئيس وفق المواصفات التي وضعناها”.

وسأل: “أليس من واجب النواب انتخاب الرئيس؟ نحن لا نقبل أن يكون غيرنا يتعاطى بانتخاب الرئيس، على أهمية المسعى، ومشكورة الدول التي تحاول تسهيل الأمور، لكن أين هي الكرامة الوطنية؟ وكأن الأمر اختزال للنواب وللمجلس. هذا الواقع الذي لا يجوز أن نقبل به”.

وجدد الوزير السابق آلان حكيم التأكيد أن “التواصل مع كل فرقاء المعارضة قائم للتوصل الى حل في الاستحقاق الرئاسي. التسوية تنضج شيئاً فشيئاً، لكن على نار خفيفة. من الواضح أن التوصل الى حل وسطي هو الحل الوحيد في هذه المرحلة القاسية”، مشيراً الى أن “هناك ضغوطاً اقليمية ودولية للحث على انتخاب رئيس وسطي. ما يهمنا اليوم أن التواصل مستمر بين الفرقاء، للوصول الى مرشح توافقي وعدم السماح لوصول مرشح الممانعة الى سدة الرئاسة، وهذا ما تتفق عليه قوى المعارضة. نحن أمام معضلة الرئاسة: اما مرشح توافقي أو مواجهة سياسية مفتوحة. الخيار اليوم، بين أطراف المعارضة خيار المرشح التوافقي. وغربلة الأسماء مستمرة وصولاً الى التوافق على اسم، والتواصل مع التيار يمكن أن يؤدي الى نتيجة في وقت ما”.

ولفت الى أن “المسعى مستمر من أصدقاء لبنان، وموقف أميركا واضح في الاستحقاق الرئاسي، وتساهم في الوصول الى توازن بين المبادرة الفرنسية ومطالب السياديين”.

شارك المقال