تصعيد إسرائيلي… والجبهة الجنوبية رهن “العقلانية”

هيام طوق
هيام طوق

كلما يحصل تصعيد من الاسرائيليين ضد الفلسطينيين في فلسطين المحتلة، تتجه الأنظار الى الجنوب اللبناني، وتسود أجواء القلق والخوف من فتح جبهة هناك انطلاقاً من وحدة الساحات، وتقوم “اليونيفيل” والجيش اللبناني بتسيير دوريات على الحدود لمنع توتر الأوضاع خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي تطلق فيها الصواريخ من الجنوب باتجاه اسرائيل، إذ فوجئ الاسرائيليون في نيسان الماضي بإطلاق عشرات الصواريخ من محيط مدينة صور باتجاه بلدات في شمال اسرائيل، في تصعيد اعتبر الأكبر من نوعه منذ العام 2006، رداً على اقتحام الشرطة الاسرائيلية المسجد الأقصى. وقيل حينها إن مجموعات من الفصائل الفلسطينية في مخيمات جنوب لبنان هي التي أطلقت هذه الصواريخ، وإن لم تعلن ذلك رسمياً، وردت اسرائيل بغارات جوية على مواقع ونقاط محددة، ولم تتجه الأمور نحو السلبية أو التدهور خصوصاً أن قوات “اليونيفيل” عملت على التهدئة.

بالأمس، عاد التصعيد الى قطاع غزة بعدما نفذ الجيش الاسرائيلي ضربة استهدفت عناصر من حركة “الجهاد الاسلامي” في موقع لاطلاق الصواريخ في القطاع، فيما ذكر شهود أن إنفجارات حدثت في منطقة خان يونس في المنطقة الجنوبية منه، وذلك، غداة شن طائرات إسرائيلية، سلسلة ضربات على قطاع غزة، استهدفت قادة في “الجهاد الإسلامي”.

في هذا الوقت، تداولت معلومات عن عثور الجيش اللبناني على منصات إطلاق صواريخ جاهزة للانطلاق باتجاه فلسطين المحتلة في منطقة صور وصيدا إلا أن مصادر أمنية، نفت العثور على منصات صواريخ في منطقة القليلة، ولكن في حال استمرّ الاعتداء الاسرائيلي على قطاع غزة وغيرها من المناطق، هل تفتح الجبهة من البوابة الجنوبية أو أن ذلك مستبعد خصوصاً أن لبنان وقّع اتفاق الترسيم البحري مع اسرائيل؟ وهل الجيش والقوى الأمنية و”اليونيفيل” قادرون على كبح أي خرق أو أي محاولة لتوريط لبنان في حرب لا يمكن أن يتحملها في ظل أوضاعه الصعبة؟

أكد النائب السابق العميد وهبي قاطيشا أن “هناك تخوفاً من التصعيد على الجبهة الجنوبية لأننا نفتقد الى وجود الدولة، وما حصل سابقاً يمكن أن يتكرر اليوم. ونحن سمعنا حركة الجهاد الاسلامي تتحدث عن الرد العنيف من مختلف الساحات، وبالتالي، لبنان ساحة مفتوحة”، مشيراً الى أن “ما ينطبق على ملف الترسيم البحري لا ينطبق على ما يجري في البر، وهذه حجة لفتح الساحة أمام كل السيناريوهات، وبصورة مستمرة”.

واعتبر أن “الجيش أو اليونيفيل لا يمكنهما منع الصواريخ التي تنطلق من لبنان أو تفكيكها، لأن الدولة هيبة، والهيبة مفقودة اليوم، ومن يطلق هذه الصواريخ ليس خائفاً من الدولة”، متسائلاً: “هل وصلنا الى أي نتيجة في شأن اطلاق الصواريخ الأخيرة من الجنوب منذ أسابيع؟ وهل عرفنا هوية المطلقين؟”.

وأوضح أن “اسرائيل ترد على الصواريخ في حال اطلاقها من لبنان حسب حجم الأضرار التي تتسبب بها داخل أراضيها. اذا جاءت الأضرار في الداخل الاسرائيلي خفيفة، فيكون الرد خفيفاً أما اذا كانت الأضرار كبيرة، ونتج عنها قتلى، فيكون الرد عنيفاً وقاسياً”.

أما العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر فقال: “بعد ما حصل من إطلاق للصواريخ منذ أسابيع، يمكن أن نتوقع أي أمر، لكن القرار لن يكون من دون موافقة حزب الله. علينا أن نرى مدى قابلية الحزب في هذا الاطار إضافة الى الجو الايراني الجديد، اذ أن كلام وزير خارجية ايران حين زار لبنان كان متفهماً وفيه نوع من الاعتدال، لكن هل هذا الكلام سيترجم باعتدال وتهدئة على الأرض أو أن الجبهات والمصالح تتقدم على مصلحة لبنان؟ اذا حصل الربط بين ما يجري في غزة والجبهة اللبنانية، فنكون دخلنا في مرحلة جديدة من المواجهة مع اسرائيل، وبإرادة ايرانية أي هناك استراتيجية ايرانية تتبنى وحدة الجبهات، والتصعيد مقابل التصعيد الى أن يتوصل الطرفان الى تفاهمات جديدة”.

ورأى أن “استمرار الهدوء على الجبهة الجنوبية يعني أن كلام وزير الخارجية الايراني حقيقة، واذا حصل العكس، فنكون نتحضّر لصيف ساخن. القرار ايراني مئة في المئة”، سائلاً: “هل التصعيد يفيد الاستراتيجية الايرانية الجديدة التي نتجت عن الاتفاق السعودي – الايراني؟ ليس من مصلحة ايران التصعيد والا ستظهر بمظهر من يوقع على الاتفاقات ويتنكر لها؟ وهل يمكن أن نذهب نحو التصعيد مع خطر الانزلاق نحو مواجهة واسعة مع اسرائيل؟ وفي حال حصلت المواجهة، ماذا سيكون موقف البيئة الراعية للحزب ومشروعه؟ ومن سيعوض عليهم؟ ومن سيتولى اعادة الاعمار في وقت أن لبنان لا يمكنه انتظار أي مساعدات لا أجنبية ولا عربية ، وهو يفتقر الى أدنى المقومات سواء في المالية او الاقتصاد؟”.

ورجّح “عدم التصعيد كي لا تظهر ايران بمظهر المخرّب للاتفاق مع السعودية الذي لا يزال في بداياته”، لافتاً الى أن “علينا أن نرى مدى عقلانية صانعي القرار في ايران، ومدى عقلانية الحزب في المصاعب التي تواجه لبنان”.

ورأى عبد القادر أن “هناك عطفاً دولياً على وضع لبنان، والرد الاسرائيلي المحدود عند اطلاق الصواريخ من الجنوب، كان نتيجة الاتصالات الديبلوماسية الكثيفة، لكن اذا تكرر سيناريو الصواريخ فسيكون من الصعب جداً ضبط ردود الفعل الاسرائيلية، وقساوة الرد في غزة اليوم خير دليل. لا يمكن مع من هم في السلطة في اسرائيل، توقع ردود متوسطة أو خفيفة”.

شارك المقال