عودة سوريا الى الجامعة العربية… هل تنعكس على الملفات اللبنانية؟

هيام طوق
هيام طوق

منذ يومين، تسلم الرئيس السوري بشار الأسد من سفير السعودية في الأردن نايف السديري، دعوة رسمية من الرياض للمشاركة في القمة العربية التي تعقد في التاسع عشر من الشهر الحالي في جدة، وهي أول دعوة تتلقاها دمشق منذ اندلاع النزاع السوري في العام 2011، بعد قرار وزراء الخارجية العرب الذين وافقوا في اجتماعهم في القاهرة، الأحد الماضي، على استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات الجامعة، بعد تعليق أنشطتها لمدة دامت أكثر من 11 عاماً، مع العلم أن متحدثاً باسم الخارجية القطرية، أكد أن موقف بلاده بشأن تطبيع العلاقات مع سوريا “لم يتغير”، وأنها “لا تزال ترفض تطبيع العلاقات” معها، لكن الدوحة، على الرغم من ذلك، “لن تكون عائقاً أمام الإجماع العربي”.

وفي أول ردّ على قرار العودة، أكدت وزارة الخارجية السورية على أهمية “التعاون العربي المشترك”، لافتة الى أن سوريا “تابعت التوجهات والتفاعلات الإيجابية التي تجري حالياً في المنطقة العربية، وتلقت باهتمام قرار الجامعة، التي تعدّ سوريا عضواً مؤسساً فيها”.

كما تسلّم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، دعوة من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، للمشاركة في الدورة العادية الثانية والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.

إذاً، القمة العربية المقبلة التي وصفت بالاستثنائية خصوصاً أنها تأتي بعد الاتفاق السعودي – الايراني، وأجواء التهدئة والتقارب والمصالحة الحاصلة في المنطقة، مع توقعات أن تصدر عنها قرارات مهمة تتعلق بمختلف الدول العربية، كيف يقرأ اللبنانيون عودة سوريا اليها بعد هذه السنوات؟ وكيف ستنعكس على الداخل اللبناني، وعلى الملفات العالقة لا سيما أن وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب أشار إلى إمكان اجتماع ميقاتي مع الرئيس السوري في القمة؟ وما هي الملفات التي يجب البتّ فيها مع سوريا لعودة العلاقة الى طبيعتها بين البلدين؟

رأى النائب مروان حمادة أن “عودة سوريا الى الجامعة العربية، صفحة سوداء في تاريخ الجامعة لأنها ليست عودة لسوريا الوطن. انها عودة مبتورة لحاكم تلوّثت يداه بدماء شعبه، هدم بلده، وحوّله الى أشلاء دولة اذ أن جزءاً منها مع الأتراك وجزءاً مع الروس وجزءاً مع ايران وجزءاً مع أميركا وجزءاً مع اسرائيل. ليست سوريا التي عادت الى الجامعة، ولا سوريا المؤسسة للجامعة”.

وقال: “العودة ستنعكس على الوضع اللبناني، وعلى الملفات اللبنانية أقل بكثير مما يقال لأن النفوذ السوري في لبنان الذي كان قوياً جداً الى حدود الهيمنة، تقلّص، ولن يعود لا كما كان ولا أقل مما كان لأن النفوذ مرآة لدولة قائمة متجانسة، قادرة، وهذه صفات مفقودة اليوم. لا قلق لدي من عودة النفوذ السوري انما القلق من استمرار الاحتلال الايراني”.

أضاف: “لا يستطيع هذا النظام التابع لدولة إقليمية، ولا يسيطر على أرضه وعلى مؤسساته، اتخاذ القرارات في حال حصل النقاش معه. وهنا نسأل: حول أي ملف يمكن البحث مع سوريا؟ حول إعادة السجناء اللبنانيين التي لا تقبل الحديث عنهم؟ حول عودة اللاجئين الذين لا تريد عودتهم؟ حول العودة الحقيقية الى الحضن العربي لأن العودة الحالية لفظية فقط؟ ماذا بقي من السلطة السورية كي نتحدث عن دور لها، وعن عودة العلاقات الى طبيعتها؟.”

وأكد النائب الياس اسطفان أن “عودة سوريا الى الجامعة العربية، لن تكون من دون ثمن خصوصاً بعد هذه الفترة الطويلة من تعليق أنشطتها في الجامعة. يهم سوريا اليوم، العودة الى لعب دورها على هذا الصعيد، لكن أعتقد أن ملف اللاجئين سيكون من أبرز الملفات التي ستطرح في القمة الأسبوع المقبل، وهو من النقاط التي ساهمت في العودة السورية”، مشدداً على “ضرورة أن يلعب لبنان دوراً في اقتراح الحلول وليس الاكتفاء بتلقيها”. ولفت الى أن “لبنان استقبل أكبر عدد من النازحين في كل أنحاء العالم، وتحول النزوح الى قنبلة موقوتة، ولا نتحدث من منطلق عنصري انما من منطلق إنساني، ومع عودة سوريا الى الجامعة يعني اعتبارها، بلداً آمناً”.

واعتبر أنه “لا يجوز أن يكون هناك أي تدخل لسوريا في لبنان لا من قريب ولا من بعيد”، موضحاً أن “العلاقات لكي تعود طبيعية بين البلدين، يجب احترام سيادة لبنان على كل المستويات كما يجب ترسيم الحدود البحرية والبرية، وضبطها، واعادة المساجين من السجون السورية، والأهم اعادة اللاجئين الى وطنهم. لذلك، نشدد على ألا يكون لبنان في عزلة دولية، وعلى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، يكون سيادياً وإنقاذياً وإصلاحياً، يعيد العلاقات مع الخارج الى سابق عهدها، وبالتالي، يصبح لبنان مقرراً في الاجتماعات المصيرية. حينها، يصبح لدينا قوام دولة، تستطيع اتخاذ القرارات المهمة والبتّ فيها لمصلحة لبنان”.

وأشار النائب السابق محمد الحجار الى أن “سوريا بلد عربي شقيق، تمّ أسره من المشروع الايراني في المنطقة، ونتمنى أن نصل الى يوم تتحرر فيه سوريا من هذا الأسر، وتعود عضواً فاعلاً في الجامعة وفي الوطن العربي”، قائلاً: “طالما لم يتم الحل السياسي الذي هو المدخل لعودة الاستقرار الى سوريا، مهما كابر النظام، ستبقى سوريا دولة ناقصة العضوية والحضور في الجامعة وفي الأمة العربية”.

ورأى وجوب “أن تقوم سوريا بتأدية الدور المطلوب منها لتعوّض النقص الحاصل لحضورها، وطالما أن الحل السياسي لم ينجز بعد، سينعكس الوضع في سوريا سلبياً على لبنان، ولعل مشكلة النازحين السوريين أبلغ دليل على ذلك”، لافتاً الى أن “ما صدر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، لم يكن واضحاً لناحية ملف النازحين السوريين وعودتهم الآمنة إلى بلداتهم وأرضهم والذي نعتبره مشكلة أساسية، ومن دون ذلك لن تنعم سوريا بالاستقرار، وينعم شعبها بالحياة الكريمة”.

وشدد على أن “العلاقات كي تعود الى طبيعتها بين لبنان وسوريا، على سوريا أولاً، الاعتراف والتصرف على أساس أن لبنان بلد عربي سيّد مستقل، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وغير ذلك، ينعكس سلباً على العلاقة، وثانياً، إيجاد حل لمسألة النازحين وتأمين عودة سالمة آمنة إلى بلادهم”.

شارك المقال