القمة العربية تبلور ملف اللاجئين… هل يزور ميقاتي سوريا؟

هيام طوق
هيام طوق

منذ أسابيع قليلة، تصدّر ملف اللاجئين السوريين مجدداً واجهة المشهد اللبناني مع تصاعد المواقف المطالبة بعودتهم، إذ رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إجتماعين في السرايا لبحث هذا الملف، خلص الأول الى مقررات مهمة أبرزها اسقاط صفة النازح عن كل من يتوجه الى سوريا، ويتخذ الجيش والأجهزة الأمنية التدابير والاجراءات بحق المخالفين خصوصاً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية، وصدر العديد من البيانات عن الأمن العام اللبناني، التي تطالب اللاجئين بتسوية أوضاعهم. وبالتزامن، لفت تصريح وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، الذي أشار فيه إلى أنّ “الأجهزة الأمنية والعسكرية، ستتخذ كل التدابير الضرورية أمام مخيمات النازحين السوريين. ومن الواجب احترام القانون اللبناني وحفظ النظام، وعلى النازح السوري أن يلتزم بالقانون”. كما اتخذ قراراً، بمنع التظاهرة التي كان سينفذها لاجئون سوريون، وأخرى مضادة لهم اأمام مفوضية شؤون اللاجئين في الجناح.

وفي هذا السياق، تتجه الأنظار الى القمة العربية التي ستعقد في المملكة العربية السعودية، الأسبوع المقبل، إذ يعتبر كثيرون أن ملف اللاجئين في الدول المضيفة (لبنان والأردن والعراق وتركيا) سيكون بنداً أساساً على طاولة النقاش، وأن البيان الختامي للقمة سيتضمن قرارات مهمة في هذا الشأن حتى أن كثيرين يرون أن معالجة ملف اللاجئين، وبتّ سوريا فيه، والعمل الجدي على إعادتهم مع ضمان سلامتهم، من الشروط المهمة التي وضعت لعودة سوريا الى موقعها في الجامعة العربية بعد 11 سنة من تعليق نشاطها.

وتتجه حكومة تصريف الأعمال إلى رفع مستوى التعاطي والتنسيق مع سوريا في ملف اللاجئين السوريين من المستوى الأمني إلى الأمني السياسي المشترك، إذ اتخذ هذا القرار بعد اجتماع تشاوري وزاري موسع عقد يوم الاثنين الماضي في السرايا، كما أشارت المعلومات الصحافية الى أنه تم الاتفاق على التواصل مع الدول العربية المشاركة في قمة جدة في 19 الجاري، للضغط على النظام السوري لاعادة اللاجئين إلى المناطق الآمنة، ولم يستبعد وزير الخارجية عبد الله بو حبيب أن يلتقي ميقاتي الرئيس السوري بشار الأسد على هامش القمة. في حين كشف وزير المهجّرين عصام شرف الدين أن ميقاتي لم يتردد في إعلان استعداده لزيارة دمشق، عندما اقترح عدد من الوزراء في الاجتماع الوزاري الأخير، التواصل المباشر مع الدولة السورية، وضرورة تشكيل لجنة وزارية لهذا الغرض. كما كشف أن “ورقة التفاهم جاهزة وحاضرة”.

في ظل كل ما تقدم، هل سيزور ميقاتي سوريا للبتّ في قضية اللاجئين أو أن التعاطي مع الملف سيكون على مستوى الوزراء؟ وهل اللقاءات مع الجانب السوري ستكون بعد القمة التي ستضع الخطوط العريضة والأطر الصحيحة للعودة؟ وهل يمكن أن تصل هذه الاجتماعات الى نتائج ايجابية خصوصاً أن كثيرين يعتبرون أن ملف اللجوء أصبح أممياً؟

قال النائب السابق علي درويش في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “لنترك الأمور تأخذ المجرى التدريجي. الرئيس ميقاتي سبق وأبدى استعداده للقيام بأي أمر يمكن أن يساعد على حلحلة الأمور في لبنان، وهو يعمل وفق صيغة الانفتاح على كل الفرقاء، وعلى كل ما يخدم البلد. ليس هناك من تفاصيل دقيقة حالياً إن كانت ستحصل الزيارة الى سوريا أم لا، وحين تنضج الأمور أو يتخذ القرار، يعلن هو عن ذلك”.

واعتبر أن “القمة العربية بحدّ ذاتها أمر جيد لأنها تعني اعادة التقارب العربي الذي يفيد كل العرب، والنقاش على مستوى القمة في موضوع عودة اللاجئين، يريح المنطقة. لا بد من أن ملف اللجوء، سيبحث في القمة العربية حيث سيتبلور أكثر، ونتمنى اتخاذ خطوات فعلية تريح الجميع خصوصاً أن لبنان الأكثر تأثراً وإرهاقاً”، مشدداً على أن “الاطار العربي كلما كان حاضناً لهذا الملف كلما كانت الأمور تسير بصورة أفضل، وربما نشهد خطوات عملية في مرحلة لاحقة، والرئيس ميقاتي سيبذل كل جهد في هذا السياق”.

وأكد أن “لبنان ناقش بعمق ملف اللاجئين السوريين، والزيارات الى سوريا للبحث في الملف، لم تنقطع، لكن التفعيل في المرحلة المقبلة، وارد جداً”، مشيراً الى أن “هناك سلطة في سوريا ولا تزال لديها سيطرة على جزء كبير من أراضيها، بالاضافة الى أن السلطة التنفيذية قادرة على القيام بالاجراءات المطلوبة الى جانب الأمم المتحدة التي يجب أن تلعب دوراً أساسياً في مساعدة السوريين على الأراضي السورية وليس على الاراضي اللبنانية فقط. واذا كان هناك من توجه على المستوى العربي لمعالجة الملف بشكل يتّخذ صفة رسمية عربية، يكون رافعة له، ويعطيه زخماً، وستكون له صفة تنفيذية في المرحلة المقبلة. لا يجوز أن نستبق الأمور لأن هناك الكثير من التعقيدات والملفات الشائكة في المنطقة، والمهم وضع الملف على السكة الصحيحة”.

ورأى الوزير السابق مروان شربل أن “كل ما يتم الحديث عنه حالياً لا ينفع لأن هناك ثلاثة مسارات يجب أن تتأمن لمعالجة ملف اللاجئين: أولاً، انتخاب رئيس جمهورية وتأليف حكومة، تتولى التواصل مع الحكومة السورية، ويمكن في هذه المرحلة، اعادة بعض اللاجئين الذين يقبل بهم النظام السوري كما حصل سابقاً. ثانياً، يجب إقناع الدول خصوصاً المانحة منها أن تقدم المساعدات المالية والعينية للاجئين في سوريا وليس في لبنان بحيث يمكن حينها أن يعود حوالي نصف مليون لاجئ خلال شهرين. ثالثاً، وهو الأهم، تغيير النظام في سوريا وتعديل الدستور كما حصل في لبنان في اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية. في حال تحققت هذه المسارات، يعود اللاجئون الى بلدهم، وغير ذلك، لن تحصل العودة الحقيقية”.

ولفت الى أن “لبنان متروك، واذا وضعت القمة العربية، الاطار الصحيح لعودة لاجئي الأردن وتركيا، فهذا لن يسري على لاجئي لبنان لاعتبارات عدة”.

شارك المقال