لم تجد المساعي الداخلية والخارجية الى اليوم، سبيلاً الى الحل في الاستحقاق الرئاسي، بعد 7 أشهر من الشغور، لكن، كل المعلومات، تشير الى أن هناك معطيات مستجدة قد تشكل بريق أمل في انتخاب رئيس للجمهورية خصوصاً في ظل التواصل القائم بين الأحزاب المسيحية الكبرى أي “القوات” و”التيار الوطني الحر” و”الكتائب”، والذي نتجت عنه أجواء ايجابية، وربما أصبحت قاب قوسين من التوافق على اسم، والتصويت له في أول جلسة انتخابية يدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، لكن التكتم يحيط بهذه اللقاءات القائمة على مستوى النواب حتى أن أحدهم رجح لموقع “لبنان الكبير” أن لا يعلن عن الاسم المتفق عليه الا في جلسة الانتخاب، معتبراً أن المطلوب اليوم من رئيس “التيار” النائب جبران باسيل، اعلان موقفه النهائي أي اما أن يضع يده بيد المعارضة أو العودة الى التفاهم مع “حزب الله”. وعلم في هذا السياق، أن باسيل سيلتقي مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، ليطلعه على أجواء تواصله مع الأطراف المسيحية.
في هذا الوقت، تستمر المساعي بين قوى المعارضة وبعض التغييريين والمستقلين والنواب الذين لم يحسموا أمرهم بعد لتجميع أكبر عدد ممكن من الأصوات لصالح الاسم المتفق عليه مع “التيار”، لكن أوساطاً متابعة تؤكد أن الملف الرئاسي سيبقى مجمّداً الى ما بعد القمة العربية التي ستعقد في 19 أيار الجاري في جدة، لأن الملف اللبناني سيكون حاضراً وبقوة على طاولة مباحثات القادة العرب، خصوصاً ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، وقضية اللاجئين السوريين. وبالتالي، تنتظر الأطراف في الداخل، النتائج التي ستظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وسيوضع الاستحقاق الدستوري على نار قوية خصوصاً أن الضغوط الخارجية كبيرة. وهناك قناعة لدى كثيرين بأن النواب اذا لم يتمكنوا من انتخاب الرئيس قبل أواخر حزيران المقبل، فإن فرصة الانتخاب ستتضاءل كثيراً، وسيتجه البلد الى المزيد من الانهيار الذي سيؤدي الى فوضى لا يمكن لأحد ضبطها والسيطرة على تداعياتها.
وفيما يجري الحديث عن أن اللقاء الخماسي سيعقد في قطر قريباً، تتجه الأنظار الى القمة العربية والمقررات التي ستنتج عنها، ومدى امكان تنفيذها بعد الاتفاق السعودي – الايراني، اذ سيمثل لبنان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في حين أن وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب الذي بحث وميقاتي في التحضيرات لمشاركة لبنان في القمة، غادر الى السعودية للمشاركة في اجتماعات وزراء الخارجية العرب قبيل انعقادها.
إذاً، غداً لناظره قريب، ولبنان ينتظر أن تخرج القمة بخريطة طريق تنفيذية تساعده على الخروج من محنته، اذ أن البعض يجزم بأنها ستنعكس ايجاباً ليس على الملف اللبناني وحسب، انما على مختلف مشكلات دول المنطقة خصوصاً أنها تكتسب أهمية خاصة هذه السنة حتى أن هناك من اعتبرها استثنائية في تاريخ القمم العربية، والأكثر أهمية لاعتبارات عدة. في حين، يرى آخرون أن على جدول أعمال القمة الكثير من الأولويات والبنود قبل الوصول الى البند اللبناني.
ويبقى السؤال الأساس عشية انعقاد القمة، هل ستناقش الملف اللبناني كبند أساس، وتقترح الحلول، وتضغط على الأطراف في الداخل نحو الحلحلة أو تناقشه من دون مفاعيل تنفيذية، وتبقى التوصيات والمقررات حبراً على ورق؟
اعتبر الوزير السابق رشيد درباس أن “القمة ستتطرق الى الملف اللبناني بصورة هامشية، وهي على مدى يوم واحد بحيث أن الاجتماعات التحضيرية تعقد قبلها، والبيان الختامي بات جاهزاً”، مرجحاً “أن يصدر عن القمة تمنيات بأن ينتخب النواب اللبنانيون رئيساً، لكن أعتقد أنها ليست مستعدة لاصدار موقف لا يتم تنفيذه أو التقيد به خصوصاً أنها لا تمون على كل الفرقاء الذين يعرقلون الانتخاب في الداخل، وهناك فريق مهم في البلد غير مهتم بتطبيق ما يصدر عن القمة”.
وشدد على أن “المهم اليوم عقد قمة ايرانية – سعودية يمكن أن تشكل العوامل المؤاتية لانتاج حل داخلي، وهذا ما لم نلمسه حالياً. المواقف العربية تتمنى، والتمني لا ينفع بل يتطلب مشروعاً، وهذا لا يبدو موجوداً في القمة العربية”.
ولفت الى أن “القمة تأتي بعد الاتفاق السعودي – الايراني، لكن هذا لا يعني أنها جاهزة لبلورة كل بنود الاتفاق. لم يتم النقاش في كل التفاصيل لا سيما في الملف اللبناني، والسعودية صرّحت مراراً وتكراراً أنها تهتم بشؤون بلادها، واذا كان لبنان صالحاً للاستثمار يمكن أن تستثمر فيه”. وقال: “أنا لا أنتظر من القمة أكثر من تمنيات ونصائح لأن ليس اجتماع القادة العرب الذي يؤدي الى نتيجة، انما على سبيل المثال أن تتفق دول الخليج على مساعدة لبنان، وتعلن سوريا عن جهوزيتها لاعادة اللاجئين الى ديارهم”.
ورأى السفير خليل الخليل أن “لبنان سيكون حاضراً في القمة انما من باب البروتوكول لا أكثر ولا أقل، وأكبر برهان عندما عقد الاجتماع المخصص لدراسة عودة سوريا الى الجامعة العربية، لم تتم دعوة لبنان مع أنه يتأثر بسوريا أكثر من أي دولة عربية أخرى”، سائلاً: “هل الدول الشقيقة ستهتم بشؤوننا اذا كنا نحن غير مهتمين؟ هذا غير منطقي”.
أضاف: “سيتم الحديث عن لبنان، ومن حيث الانتماء العربي، لا بد من التطرق الى الوضع اللبناني، وتكون هناك تمنيات أو دعوة الى تحسين أوضاعه، لكن الاجراءات الجدية والفعلية مستبعدة. سيصدر عن القمة توصيات أو مقررات بشأن لبنان، لكنها لن تأخذ صفة تنفيذية”.
وذكر بأن “مجلس التعاون الخليجي عقد اجتماعاً، وتحدث عن الاصلاحات التي يجب أن تتم في لبنان، ونرى أن كل الدول العربية وخصوصاً الخليجية، تطالب بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، واليوم طالما أن القيمين في لبنان غير مهتمين بالوضع السيء الذي تمر به البلاد، هل يجوز أن ننتظر من القمة العربية أن تحل محل المسؤولين غير المسؤولين، وغير المهتمين بمصير بلدهم؟”، لافتاً الى أن “السعوديين يقولون ان ليس لديهم فيتو على أحد، لكن هذا يعني أنهم ينتظرون الاسم الذي سينتخب، وبناء عليه سيقررون موقفهم من لبنان، ان كانوا سيساعدوننا أم لا”.
وأكد أن “المهم اليوم، التوجه اللبناني. من هو المسؤول المهتم بلبنان؟ لو كان هناك اهتمام لما وصلنا الى ما نحن عليه. اذا كان المعنيون لا يريدون، بماذا ستفيد كل توصيات العالم، وتمنياتهم، وقراراتهم؟”.