الرئيس التوافقي ووصاية الضاحية

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

منذ الاعلان عن الاتفاق السعودي – الايراني، تتسارع الاتصالات لانتخاب رئيس للجمهورية من دون أن تسفر عن نتائج تدعو إلى التفاؤل بقرب إنجاز هذا الاستحقاق، وسط تسريبات لـ”الممانعة” عن مقايضة تقدم للسعودية تنازلات في اليمن مقابل تقديم تنازلات لايران في لبنان، لكن لا يبدو أن ما يتردد صحيح على أرض الواقع، فالملفات التي لا بد من معالجتها بين الفريقين كثيرة، بدأت بالنقطة الساخنة أي بتبريد حرب اليمن، لا أكثر ولا أقل، وهي تحتاج الى وقت لانهائها. اما عن تأثير الاتفاق على المستوى اللبناني، فاستخدمه الثنائي كالعادة لفرض شروطه والترويج لانتصار جديد بانجاح خطة ايصال الحليف سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة، وهو القادر على تطبيع العلاقات مع النظام السوري والتي تتناسب مع سياسة الانفتاح العربي على بشار الأسد واحتضانه وفقاً لشروط يبقى تنفيذها أسير العلاقة مع ايران التي يجري اختبار نواياها من خلال الالتزام ببنود الاتفاق المعلنة.

من الملاحظ أن الضغط الخارجي لانتخاب رئيس على وتيرته منذ حوالي الأسبوعين، الا أن حال الفرقة والتحدي لا تزال قائمة، فالموالاة تعطي من طرف اللسان حلاوة وتروغ كالثعلب حتى تفرض مرشحها “توافقياً” بتضليل الرأي العام عبر تقديم قراءات للموقف السعودي بطريقة تخدم توجهاتها من بينها الترويج لـ “السين – سين”، بينما المعارضة مشرذمة وتتأخر في تقديم الخيار الثالث والبديل لمرشحها، في ظل كباش على “التيار الوطني الحر” الذي يعتبر نفسه بيضة القبان، ولا يزال يبيع ويشتري كالعادة لتمرير مصالحه.

لكن تبين فيما بعد أن مواقف المملكة على حالها فهي على الحياد وليس لها مرشح في لبنان ولا تدعم مرشحاً معيناً واعتبرت أن الانتخابات شأن سيادي لبناني، وأن كل الكلام عن دعم المبادرة الفرنسية كلام قد طويت صفحته، واليوم يجب على القوى السياسية اللبنانية أن تتحمل مسؤولياتها وانتاج الرئيس المناسب للمرحلة، بعدما تعطلت امكانات ايصال سليمان فرنجية وميشال معوض، والذهاب الى التوافق على رئيس. وكانت دعوة رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله الى العمل على تسهيل التوافق واضحة، وهذا التسهيل يتطلب سحب ترشيح فرنجية وفي المقابل سحب ترشيح معوض، وجرى الترويج بأن المعارضة في طور الاتفاق على مرشح، وهذا الأمر سيؤدي في النهاية الى إلزام الممانعة بالديموقراطية اللبنانية، التي لا تقوم على سياسة الاستعلاء والاستكبار والسلاح وفق ما يراه الفريق السيادي.

من سيناريوهات الحل لاخراج الاستحقاق من المراوحة، التي تركز عليها المعارضة مع التغييريين وتتقاطع في المواقف مع “التيار الوطني الحر” على رفض فرنجية وربما يصل الأمر الى اتفاق على مرشح، عقد جلسات مفتوحة لمجلس النواب حتى انتخاب الرئيس وفقاً للعملية الديموقراطية.

لم يعد ممكناً الاتيان برئيس جمهورية معاكس لارادة المسيحيين ومزاجهم، وهذا ما يجب أن يقتنع به السيد نصر الله اليوم، اذ من غير الممكن أن يأتي رئيس بارادة شيعية ولا يمكن تكريس ذلك في لبنان، فالمسيحيون واللبنانيون الوطنيون لن يقبلوا بوصاية الضاحية بعدما حاربوا وصاية عنجر.

بالطبع، لا يمكن انتخاب رئيس من دون موافقة “حزب الله”، لكن لا يجب أن يكون رئيساً تابعاً له كما كان حال الرئيس ميشال عون الذي أوصل عهده لبنان الى الجحيم، ولكن التفاهم مع الحزب على رئيس يتطلب التخلي عمن اقترحه وليس الجلوس لفرض التوافق عليه، لأن أي رئيس ممانع لن يخرج لبنان من الأزمة، والرئيس الجديد يجب أن يحفظ سيادة لبنان ويعمل وفق برنامج اصلاحي واضح لانقاذ الدولة، من هنا لا يمكن أن يكون الرئيس المقبل تابعاً وملحقاً بطرف سياسي أو ضده.

شارك المقال