الانتخابات التركية: على أوروبا الحذر مما تتمناه!

حسناء بو حرفوش

حذر مقال في موقع “بوليتيكو” الالكتروني المحللين الأوروبيين من ضرورة التنبه الى قراءة الوضع في تركيا. وكتب المحلل في مجموعة أوراسيا، مجتبى الرحمن: “في حال لم تطرأ مفاجأة كبيرة، يبدو أن حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان مستعد لتحقيق النصر في جولة الاعادة المرتقبة في غضون أسبوعين (في 28 أيار)”. فهل تتنفس أوروبا الصعداء أم تزداد الأمور تعقيداً؟

ووفقاً للمقال: “في كل من بروكسل وعواصم الاتحاد الأوروبي الأخرى، يتزايد القلق من أن رئاسة أوغلو قد تعيد تعريف علاقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي. ولن يشمل ذلك تحديث الاتحاد الجمركي الحالي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا والسعي إلى اتفاق بشأن التأشيرات وحسب، ولكنه قد يستلزم أيضاً استئناف مفاوضات انضمام تركيا المجمّدة منذ فترة طويلة.

ومع ذلك، فإن توقيت فوز منافس أردوغان سيكون محرجاً بصورة كبيرة بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي، بحيث يأتي بالتوازي مع النقاش المعقد والآثار العميقة للانضمام المحتمل لأوكرانيا إلى الاتحاد، الذي يتمحور القلق بين كبار مسؤوليه حول رغبة كيليجدار أوغلو في حال فوزه، في إعادة تفعيل مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بشكل يعقد الجدل حول أوكرانيا. ويرجع ذلك إلى أن البعض في بروكسل وفي العديد من عواصم الاتحاد الأوروبي، يرون أن قبول أوكرانيا في الاتحاد يحسم أن تركيا لن تنضم إليه أبداً.

وفي هذا الصدد، علق مسؤول كبير طالباً عدم الكشف عن هويته بالقول: في مرحلة ما، سيتعين علينا أن نوضح أن أوكرانيا ودول البلقان الغربية هي آخر المنضمين الى الاتحاد. من غير المعقول أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من استيعاب كل من تركيا وأوكرانيا.

ويكتسب انضمام أوكرانيا زخماً أكبر بسبب الحرب الروسية. وفي الواقع، حتى ولو تطلب الأمر إطاراً زمنياً ينسحب على عقد أو عقدين، ينظر إلى قبول أوكرانيا في الكتلة على أنها ضرورة جيوسياسية. وأضاف مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي: أوكرانيا تغيّر اللعبة في ما يتعلق بتركيا.

وسيرحب قادة الاتحاد الأوروبي بالطبع بصورة علنية برئاسة كيليجدار أوغلو في حال فاز. كما أنهم سيدعمون أجندته الاصلاحية ويشيرون إلى الرغبة في العمل معه بصورة بناءة. لكن حرب أوكرانيا جعلت من تركيا أولوية أقل، لا بل هي ضحية ليس لتحفظات الاتحاد الأوروبي وتحيزاته طويلة الأمد وحسب، ولكن أيضاً للضرورات الجيوسياسية.

لذلك، في حال فاز كيليجدار أوغلو، من المرجح أن تتدافع الدول الأعضاء وتضع تركيا على جدول الأعمال في قمتها المرتقبة في حزيران من أجل توضيح الاستراتيجية. ولكن نتيجة تلك المناقشة واضحة بالفعل: سيلجأ الاتحاد الأوروبي إلى سياسة “الغموض البناء” التقليدية. وهذا يعني أنه في حالة فوز المعارضة، من المحتمل أن يتم استئناف مفاوضات الانضمام، مع العلم أنها ستظل مفتوحة إلى أمد غير محدد. وبدلاً من الرفض الصريح لتقدم أوغلو، سيركز الجانبان على “أجندة إيجابية” قصيرة المدى. 

ماذا إن فاز أردوغان؟

ولكن في حين أن من الصحيح في حالة فوز أردوغان، سيتم تجنب النقاش المعقد حول سياسة توسع الاتحاد الأوروبي، وستستقر العلاقات مرة أخرى في النمط المألوف للسياسات الودية والغموض التي يعرفها ويفهمها الجانبان، ستظل هناك العديد من التحديات التي قد تزيد حتى.

على المدى القصير للغاية، من المرجح أن تبقى العلاقات هادئة. ستعطي بروكسل الأولوية لتقديم 7 مليارات دولار من المساعدات المالية لمساعدة تركيا على التعافي من الزلازل المدمرة في شباط، بينما من المرجح أن تثبت أنقرة أنها أكثر تقبلاً للضغوط المتزايدة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، للحد من التهرب من العقوبات الروسية. كما ترحب أوروبا بجهود أردوغان لحماية اتفاق الحبوب الأوكرانية في البحر الأسود، وبينما تعاقب الاتحاد الأوروبي على عدم القيام بالمزيد، ستظل أنقرة تعمل مع بروكسل لتأمين مليارات اليورو بشكل مساعدات من أجل 3.5 ملايين لاجئ سوري في تركيا حالياً. ولكن ألن يقوم المرشح المنافس بالمثل؟ في المحصلة، كشفت الانتخابات التركية بوضوح عن عدم وجود سياسة واضحة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.

وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان وتحالف الشعب قد حصل على عكس التوقعات، على الغالبية في البرلمان. وحصل أردوغان حسب استطلاعات الجولة الأولى من التصويت الرئاسي، على قرابة 49.42% مقارنة برئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو، الذي حصل على 44.95% من الأصوات”.

شارك المقال