ما بعد القمة… هل من رئيس يعبر الى بعبدا؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

ينتظر اللبنانيون فرجاً قد يأتي من القمة العربية التي تنعقد في جدة اليوم، مع أن واقع الحال يؤشر إلى أن أزمة لبنان لن تكون على جدول الأعمال بل ان البحث فيها سيتم في الكواليس من خلال اللقاءات الثنائية، ومع ذلك، الجميع في لبنان ينتظرون البيان الختامي ليبنوا عليه تحليلاتهم ورؤيتهم للتعامل، فهل سيخرج أرنب ما أم أن البلد سيبقى أسير المناورات المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر من دون أن يرشح باب حل أو تحسم المواقف لصالح ملء فراغ بعبدا برئيس توافقي انقاذي منفتح على العالم العربي ويحظى بثقة الدول لا سيما المعنية بنهوض لبنان؟

لا يمكن الرهان على أن لبنان الابن المدلل الذي كان للدول العربية سينال الاهتمام الذي سيخرج انتخابات رئاسة الجمهورية من عنق الزجاجة، فلدى العرب هموم تكفيهم ومصالح بلادهم وتطورها في المقدمة، اضافة الى وقف الحروب العبثية التي تنبت وتترك تأثيرها على أرض الواقع، في وقت يبدو أن التعامل مع النظام السوري ضبابي لأنه يتطلب رصداً لمواقف لا تكون انشائية وانما تجد سبيلاً للتنفيذ ومنها على سبيل المثال التعامل مع مشكلة تصدير المخدرات واللاجئين وغيرها من الأمور الحساسة، كما أن تطبيق الاتفاق الايراني – السعودي سيكون في موقع الرصد واختبار النوايا الايرانية في تحقيق سلام في منطقة الخليج وتطوير الوضع الاقتصادي.

بالطبع، لن تنتج القمة العربية حلاً رئاسياً في لبنان، لكن الكل ينتظر البيان الختامي وسط تحليلات تؤشر الى أن جلّ ما سيرشح هو تحفيز اللبنانيين على انتخاب رئيس، وعليه سيكون هناك مزيد من الضغوط المحلية والدولية لانجاز مهمة المجلس النيابي من دون مناورات، ومن هذه الضغوط فرض العقوبات التي جرى الحديث عنها في اللجنة الخماسية في باريس في شباط الماضي وأعاد سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري التذكير بها منذ أيام، اذ أن تحديد مواصفات الرئيس المقبل لم يكن كافياً لدفع اللبنانيين الى خيار توافقي، بل استمر منطق التحديات وتشبث كل فريق بمواقفه والمناورة لتحسين مواقعه أو المساومة على ما يحفظ مصالحه، وهو ما بدا واضحاً من خلال التمترس وراء كليشيهات أو الاصرار على فرض مرشح معين وتعطيل اللعبة الديموقراطية في المجلس النيابي.

لقد استُعرضت أسماء مرشحين كثر للرئاسة وجرى التركيز على المواصفات التي لم تكن تنطبق على مرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي تبنته فرنسا في طرحها للتسوية فيما أبلغت المملكة المعنيين أنها لا تضع فيتو على أي مرشح ولا تطلب من أي جهة سياسية التصويت لفلان ضد علان، بل تركز على مواصفات، ومع ذلك فان تضعضع المعارضة وعدم تقديمها اسم مرشح على الرغم من الكلام عن اتفاق على جهاد أزعور، واستمرار رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في لعب “كشاتبين”، اذ لا يرفض ولا يقبل وينتظر اتفاقه مع “حزب الله” وبالطبع مصالحه في المقدمة، أبقى الصورة ضبابية، الى حين حسم الموقف المسيحي، علماً أن الأمور اذا تطورت وعقدت جلسة انتخاب في 15 حزيران كما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري وأخذاً في الاعتبار انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الصادرة بحقه مذكرة توقيف دولية والتي فسرت بأنها خطوة فرنسية من أجل الضغط لانجاز انتخابات الرئاسة، فسيكون الجميع أمام خيار التصويت بقرار خارجي وفرض تسوية خارجية، لن تكون ايران بعيدة عنها لا سيما وأن هناك من يتحدث عن بحث في الملف اللبناني سيجري بين السعودية وايران على الرغم من موقفهما الحيادي من أسماء المرشحين وتحميلهما اللبنانيين مسؤولية الاختيار، ولكن قد تأتي كلمة سر خارجية عنوانها “امشوا بفرنجية” لتكشف كذلك أن معارضة الولايات المتحدة لن تكون سوى براغماتية.

والواضح حتى الآن أن “حزب الله” لن يتخلى عن مرشحه، كما أن أزعور الذي التقى “حزب الله” لا يبدو أنه يريد أن يكون مرشح تحدٍ ويرفض أن يكون مرشح مواجهة، فمن هو المرشح الذي سيكون مقبولاً للتلاقي عليه؟

مهمة انتخاب الرئيس اليوم تعني زوال لبنان أو بقاءه لأن الفراغ لن يقتصر على بعبدا وحدها، بل ستتوالى الفراغات في حاكمية مصرف لبنان وفي قيادة الجيش وفي المرافق العامة وفي المواقع الادارية الحساسة التي تؤشر الى بقايا دولة وإن تآكلت بحكم الدويلة وعهد جهنم.

شارك المقال