“فرنجيو لبنان” مرتاحون لـ”بيان جدة”

رواند بو ضرغم

انتهت أعمال قمّة جدة على التّوافق والاجماع الايجابي تماشياً مع سياسة الدّولة المستضيفة ووليّ عهدها، وما زال الرّكود السّياسي سيّد الموقف في الداخل اللبناني، فلم يحرّك السّاسة ساكناً رئاسيّاً بانتظار انعكاسات مقرّرات القمة ولقاءاتها على الواقع المأزوم، ليبني كل طرف على المسار العربي مقتضاه.

رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وداعموه المحلّيّون ينظرون بارتياح الى الانفتاح السعودي على سوريا، وإلى الفقرة اللّبنانيّة من البيان الختامي للقمّة. ويعوّل مصدر قيادي على اللقاء الذي جمع الرئيس بشار الأسد بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، باعتباره فرصة لتمرير الانتخابات الرئاسيّة لصالح زعيم “المردة.”

وتنطلق هذه المصادر من اهتمام المملكة العربية السعودية بإعادة إعمار سوريا، وتطوير التّنسيق بين البلدين، الّذي يصب حتماً في مصلحة المرشح الحليف لسوريا و”حزب الله” والمتميّز بنفسه العروبي بين أقرانه من الزّعماء الموارنة، والّذي يحمل في تاريخه السّياسي إرث العلاقة العائليّة مع العائلة الملكيّة السّعوديّة.

في المقابل، تعيش قوى المعارضة أسوأ حالات التّخبّط والانقسام، وقد عملت جاهدة على التّفاهم على اسم يقطع طريق بعبدا على سليمان فرنجيّة، لكنها منيت بضربة قاسية إن لم نقل قاصمة مع ضيق المهلة الّتي حدّدها الرئيس نبيه برّي لإنهاء الشّغور الرّئاسي بحلول 15 حزيران المقبل، مترافقاً مع تلويح السّفير السّعودي وليد بخاري بالعقوبات على المعطّلين والمعرقلين.

فهل يتغيّر المشهد مطلع الأسبوع المقبل؟

القيادة السورية تضع الملف الرئاسي في عهدة حليفها “حزب الله”، ولكن إذا بقي الانقسام الداخلي والمراوحة على حالهما، فلا تستبعد المصادر دخول سوريا على خط الحلول، بدفع سعودي وغطاء عربي من أجل تسهيل مهمة الانتخاب وتسريعها.

كما تتوقع المصادر أن تقدم المملكة الملف اللبناني عربون “الانفتاح واستعادة الثقة” الى سوريا، وخصوصاً أن صديق الأسد، سليمان فرنجية، لا فيتو من السعودية عليه، ولا تعترض على وصوله الى سدة الرئاسة، لا بل انفتحت عليه استباقياً، واستقبله السفير بخاري في دارته في اليرزة في لقاء وُصف بـ”الودي والممتاز”.

في السّياق، لم تخرج جامعة الدول العربية في توصياتها لبنانياً عن إطار حثّ الأطراف اللبنانية على التحاور من أجل انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام المؤسسات الدستورية وإقرار الاصلاحات المطلوبة منه. موقف عربي لا يفكك تعنت الكتل السياسية واختلافاتها وتشرذمها، في وقت تحكم الانقسامات الداخلية علاقات الفريق السياسي الواحد. ففريق المعارضة لم يستطع حتى اللحظة الاتفاق على مرشح موحد، و”التيار الوطني الحر” يغرّد خارج سرب مار مخايل ويحاول التقرب من “القوات اللبنانية”، أما “الثنائي الشيعي” فمستمر على مرشحه من غير ضمان نصاب الجلسة، و”اللقاء الديموقراطي” يمضي في مساره الحيادي.

هذه الخريطة البرلمانية المبعثرة بحاجة الى دفعة خارجية من أجل إعادة ترتيبها، إن بالتهديد بالعقوبات أو بالضغط على الحلفاء اللبنانيين لعدم مقاطعة الجلسة الانتخابية. فلن يكون لبنان شاذاً عن قاعدة التفاهمات العربية والأجواء التوافقية بما يخدم استقرار المنطقة. لذلك، فإن الأطراف اللبنانية في امتحان قدرتها على تحمل المسؤولية قبل أن تُفرض عليها التسوية المعلبة من الخارج.

لذلك، فإن الرئيس بري يتمهل في دعوته الى جلسة انتخابية لإعطاء فرصة للتوافق على المرشحين والسير في العملية الديموقراطية. فإما تكون الرئاسة مسألة وقت أو تتحول المؤسسات الدستورية الى واحات شغور وفوضى ادارية، على عتبة انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وعن هذا الموضوع تقول المصادر إن سلامة لن يقدم استقالته، ولن تعزله الحكومة، وسينهي ولايته ليتسلم بعدها نائبه الأول وسيم منصوري.

شارك المقال