المصالحات العربية… هل تُخرج لبنان من أزماته؟

سوليكا علاء الدين

اختُتمت يوم الجمعة أعمال دورة القمّة العربية الثانية والثلاثين لرؤساء وملوك وأمراء الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية في مدينة جدّة السعودية. القمّة التي انعقدت في ظل أوضاع سياسيّة وأمنيّة غير مستقرة معطوفة على توازنات وتحالفات جديدة وتغيّرات وتحديات اقتصادية واجتماعية عالمية، خلُصت إلى إصدار بيان ختامي تحت عنوان “إعلان جدة”، تضمّن 12 بنداً تمحورت حول العديد من القضايا العربية المهمة أبرزها القضية الفلسطينية والأزمة السورية والوضع اللبناني والعلاقات مع إيران بالاضافة إلى قضايا الأمن القومي العربي والأمن الغذائي والملفات الاقتصادية والاجتماعية.

على الصعيد اللبناني، لم يكن لبنان وتحديداً سلسلة الأزمات التي تعصف به منذ أكثر من أربع سنوات محور اهتمام غالبية القادة العرب في القمة، حتى البيان الختامي لم تصدر عنه أيّة توصيات جديدة الذكر، بل حثّ مجدّداً السلطات اللبنانية على مُواصلة الجهود لانتخاب رئيس جمهورية للبلاد، وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة. بندٌ وحيد فقط وعبارات قليلة مُختصرة لم تكن على قدر تطلعات لبنان الذي كان يعلّق آمالاً كبيرة على هذه القمة وينتظر مقرراتها وبنودها علّه يحصل على جرعة الدعم العربي المرجوّة لحلّ أزمته ومساعدته على النهوض من ركوده وإعادة وضعه على سكة الانقاذ والتعافي، معوّلاً على تقارب كل من السعودية وإيران من جهة، والسعودية وسوريا من جهة أخرى وما قد يعكسه من تطورات ومستجدات على الساحة اللبنانية الداخليّة.

إذاً، وعلى الرغم من أجواء الهدنة والمُصالحات وعودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية التي يُرجّح أن يكون لها بعض الفوائد والتأثيرات الايجابية الاقتصادية على المنطقة مثل تنفيذ مشروع نقل الغاز المصري عبر الأردن والأراضي السورية وصولاً إلى لبنان، ومشروع الربط الكهربائي بين الأردن ولبنان عبر سوريا، إنتهت القمة العربية من دون أن يحظى لبنان بأي قرار خاص أو مميّز، لتبقى الكرة في ملعب اللبنانيين المسؤولين أولاً وبصورة أساسية عن مساعدة أنفسهم للخروج من أزمتهم عبر حلحلة الجمود الرئاسي والملفات الشائكة المُتعلّقة به. فتسريع انتخاب رئيس للجمهورية سوف يُؤتي ثماره على الوضع الاقتصادي المُتأزم كون المفتاح الأول لحلّ الأزمة سياسي بامتياز، بحيث يشكل الاستقرار السياسي مدخلاً أساسياً وقاعدةً صلبة لأي استقرار اقتصادي ونقدي ومالي.

لا شك في أنّ القمة العربية نجحت في إعادة لمّ شمل الدول العربية المشتّتة، غير أنّ هذا الشمل لم يُثمر بعد أيّة بوادر فرج محتملة في لبنان. فعلى ما يبدو أنّ التسوية الخارجية لم تنضج بعد، والجميع يترقّب ويُعيد تموضعه بانتظار ما ستؤول إليه الاصطفافات الجديدة ومدى قُدرتها على تهيئة الظروف الملائمة لانجاز الاستحقاقات اللبنانية، الأمر الذي يبُقي البلاد غارقة في دائرة الفراغ مع سيطرة إرادة التعطيل واستفحال الاستعصاءات الداخلية التي تحول دون التقدّم قيد أُنملة في مختلف الملفات الرئاسية والاقتصادية والنقدية والاصلاحية العالقة. انتهاء فعاليات القمّة، لا يعني انتهاء المبادرات والمشاورات فقنوات الاتصال والتواصل ستظلّ مفتوحة مع جميع الفرقاء، فهل ستنجح المُصالحات العربية في لمّ شمل العائلة اللبنانية المُتصدّعة وانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة النصف من حزيران وإنقاذ لبنان من أزماته؟

شارك المقال