مؤتمر بروكسل للاجئين 2023… تمثيل وزاري واستراتيجية موحّدة

هيام طوق
هيام طوق

منذ سنوات، تعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، مؤتمرات لجمع الدعم المالي لصالح سوريا والدول التي تستضيف اللاجئين السوريين. وكان المانحون الدوليون، تعهّدوا في مؤتمر بروكسل الخامس بتقديم 4.4 مليارات دولار كمساعدات إنسانية للسوريين المقيمين داخل بلادهم، وللاجئين منهم والمجتمعات المضيفة في المناطق المجاورة. وهذه السنة، سيعقد مؤتمر بروكسل في 15 حزيران المقبل لبحث ملف النزوح وسيمثّل لبنان فيه وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب ووزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار الذي يعتبر أن “الحوار السياسي مع نظام الأسد سيساعد على حلحلة الأزمة السورية في لبنان”. إلا أن مصدراً معنياً أكد لموقع “لبنان الكبير” أن “الوفد اللبناني لم يتم اختياره بعد لأن هناك مؤتمراً آخر في جنيف حول الحماية الاجتماعية بالتزامن مع مؤتمر بروكسل، لذلك، سيقرر قريباً من هم الوزراء الذين سيشاركون في هذا المؤتمر أو ذاك”، مشيراً الى أن “مؤتمر بروكسل هذا العام، يكتسب أهمية خاصة لأن لبنان سيقدم رؤية موحّدة في ملف اللاجئين، إذ لم يعد هناك من تباين بين أركان الدولة التي سيقدم الوزراء المشاركون باسمها، استراتيجية موحدة وطنية، تبنتها كل الجهات اللبنانية، وتبنتها اللجنة الوزارية المشتركة التي يرأسها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والتي تتضمن بنوداً إنسانية وأمنية وتقنية وبنداً متعلقاً بالاتفاقات الدولية”.

إذاً، انها المرة الأولى التي سيشارك فيها لبنان على مستوى رفيع بحيث سيطالب الاتحاد الأوروبي، الرافض عودة السوريين الى بلادهم، بالمساعدة والتعويضات عن استضافتهم لمدة تزيد عن 12 سنة، لكن الى جانب الشق الانساني، سيطلب دعم مؤسسات الدولة اللبنانية التي تعاني من تداعيات أزمة اللاجئين، مع العلم أن هناك مذكرة تفاهم موقعة بين الأمن العام اللبناني ومفوّضية اللاجئين منذ العام 2003 إثر أزمة لجوء عدد من العراقيين إلى لبنان بسبب احتلال العراق حينها، تشير في مقدمتها الى أن لبنان لا يحتمل أن يكون بلداً للتوطين، وتنص حرفياً على أنّ لبنان بلد غير مهيّأ ليكون بلد لجوء بالنظر الى اعتبارات اجتماعية واقتصادية وديموغرافية. والحلّ، في إعادة توطين اللاجئين المعترف بهم من مكتب المفوضية في بلد آخر، وعبارة طالب لجوء تعني طالب لجوء إلى بلد آخر غير لبنان.

ووفق مصدر مطلع، فإنه حتى اللحظة، لم تتشكل اللجنة الوزارية للذهاب إلى سوريا، لمناقشة ملف النزوح مع الحكومة السورية، لكنها قيد المتابعة والدراسة، وفي صدد التشكيل، في حين يتم التعويل على لجنة الاتصال الخماسية العربية التي انبثقت عن مؤتمر القمة العربية الذي عقد منذ أيام بحيث أن إعلان جدة الأخير، صوَّب على أهمية عودة اللاجئين والنازحين. وهذه اللجنة مؤلفة من لبنان والأردن والعراق ومصر والسعودية، وسيتم عبرها التفاوض مع الدولة السورية لاعادة اللاجئين الى ديارهم، والى المناطق الآمنة، والأجواء على هذا الصعيد ايجابية اذ من المتوقع أن تترجم عودة سوريا الى الحضن العربي على أكثر من صعيد.

وفي وقت قيل ان إجتماع عمان على مستوى وزراء خارجية الأردن وسوريا ومصر والعراق والسعودية، لمواصلة المشاورات بشأن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والذي تغيّب عنه لبنان، طالب بتعهّدات سورية لاعادة اللاجئين الى ديارهم مقابل اقرار التطبيع والاعمار، فإن العمل جارٍ على أكثر من مستوى وفي أكثر من اتجاه لاعادة اللاجئين الى بلدهم مع العلم أن الوفد اللبناني الى مؤتمر بروكسل لن يكتفي بالحديث عن الجانب الانساني وحسب، انما سيتحدث عن توجيه المساعدات في المرحلة المقبلة، اذ سيقدم ورقة عمل تتضمن رؤية وخطة قابلة للتنفيذ على مراحل أي على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وفق ما أوضح المصدر المعني الذي كشف أن الورقة التي سيقدمها لبنان في مؤتمر بروكسل، تتضمن 4 بنود أو مراحل: المرحلة الأولى، مرحلة المساعدات الانسانية، وتقويمها عبر السنوات، والمطالبة بالمساعدات للمجتمعات المضيفة. ثانياً، الجانب الأمني، وخطورته على الاستقرار والسلم. ثالثاً، الاتفاقات الدولية التي تتحدث عن أن لبنان ليس بلد لجوء انما بلد عبور. ورابعاً، الجانب الاداري والتقني لضبط الحدود وادارة المرافق العامة.

وفي هذا السياق، اعتبر المدير التنفيذي لـ”ملتقى التأثير المدني” زياد الصائغ أن “مؤتمر بروكسل الذي عادة ما يطلّ على القضايا الانسانية، لا يقارب المسبّبات السياسية للأزمة السورية، ومنها قضية اللاجئين والنازحين، وبالتالي، من الملح، ذهاب لبنان بسياسة عامة متكاملة الى المؤتمر، يضع فيها تصوراً واضحاً لديبلوماسية العودة، بعيداً عن الارتجال أو النفس المؤامراتي أو التبسيط أو التسوّل. لكن، في تقديري في ظل انعدام حوكمة رشيدة تأخذ في الاعتبار مصلحة لبنان العليا، سنبقى في مستنقع، ملتبس يقضي على ما تبقى من خيارات عقلانية أساسها حقوق الشعب اللبناني وحقوق اللاجئين في العودة، والقوى المجتمعية الحيّة، معنيّة باستمرار النضال السلمي من أجل هذه الحقوق”.

وقال: “من الواضح أن المجتمع الدولي، فشل حتى الآن في الدفع باتجاه تنفيذ حلّ سياسي في سوريا بناء على قرارات مجلس الأمن الدولي، وهذا يجعل من قضية عودة اللاجئين، بحكم المؤجلة لثلاثة أسباب: أولها، قيام أمر واقع ديموغرافي في سوريا ضمن أجندة خبيثة. ثانيها، عدم امكان توفير أموال إعادة الاعمار بسبب غياب العدالة ما حتّم استمرار العقوبات. ثالثها، عدم وضوح عودة اللاجئين ضمن مسار يوفر لهم ضمانات أمنية وقانونية واقتصادية واجتماعية. وسط كل هذا، المجتمعات المضيفة خصوصاً لبنان، لا تزال ترزح تحت أعباء هائلة تبلغ حد الخطر الوجودي على الهوية كما يواجه اللاجئون خطر تفتيت هويتهم. من هنا، لا بد من استعادة زمام مبادرة إنجاز سياسة عودة، تتعاون فيها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ولبنان للأسف غائب عن أي ديبلوماسية مبادرة”.

شارك المقال