مسلسل “التيار الوطني الحر” في مواجهة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يستتبع دائماً بفصول جديدة إستفزازية خالية من الصدقية والمسؤولية، فهذه الحكومة هي نفسها من واجهت عهد جهنم بأدق تفاصيله رافضةً تدوير الزوايا، والرئيس السابق ميشال عون قام يومها بسابقة في تاريخ لبنان لم يتوقعها أحد بتوقيعه على مرسوم استقالة حكومة تصريف الأعمال الحالية مرفقاً ذلك برسالة الى مجلس النواب لسحب التكليف من الرئيس ميقاتي ولم تكن سوى لزوم ما لا يلزم. وهذه الحكومة هي نفسها من إنتقدها رئيس التيار جبران باسيل على مدار الأشهر السابقة، معتبراً أنها تتعدى على صلاحيات رئيس الجمهورية عندما تتعارض مع مصالحه الشخصية، رافضاً إنعقادها للبحث في الأمور التي تسيّر أوضاع هذا الشعب الموجوع والمظلوم نتيجة فساد مسؤوليه وقلة مسؤوليتهم.
فالصهر المدلل بعدما إكتشف أنه خارج اللعبة السياسية، ولم يعد رئيس الظل الذي يحكم البلد ولا مالكاً لأي نفوذ حقيقي داخل السلطة جن جنونه، يحاول مع وزرائه الخاصعين له تعطيل الجلسات الحكومية، لا بل إتهام الرئيس ميقاتي بأنه وافق على دفع المساعدات المالية المخصصة للاجئين السوريين بالدولار الأميركي بناءً على طلب المفوضية العليا للاجئين، والصحيح أن هذه الأموال في الأساس يتم تحويلها بالدولار، منذ أيام الحكومات السابقة، وليس لرئاسة الحكومة أي سلطة في هذا الموضوع خصوصاً وأن هذا الشق متعلق بالمصرف المركزي من جهة وبالمنظمات الدولية من جهة أخرى. لكن من الواضح أن بالونات التيار ليست سوى فقاعة اعلامية هدفها ترويج الشائعات بأسلوب تحريضي رخيص لا يمت الى الواقع بصلة، وهذا بديهي طالما أن رئيس التيار ووزراءه يعانون حالة إنفصام تام عن الواقع، ويحاولون تبرئة أنفسهم من كل أزمات عهدهم التي أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم.
في هذا السياق، إستغربت أوساط معنيّة عبر موقع “لبنان الكبير”، حملة التيار الأخيرة، معتبرة أنه “يتوجب عليهم مساءلة وزير الشؤون الاجتماعية المنتمي اليهم هيكتور حجار لماذا كان وراء الطلب الأساس بدفع الأموال للاجئين بالدولار الأميركي وليس بالليرة اللبنانية، فهو من حرّك الموضوع من خلال الاتصالات مع المعنيين والبيان المشترك الذي صدر عن المنظمات الدولية والذي أكدوا من خلاله أنه تم التواصل مع المراجع الوزارية والحكومية ولم يستروا عن الموضوع، وبالتالي لا علاقة لهذا الشق بالرئيس ميقاتي ولتتم مساءلة الوزير حجار خصوصاً وأن كل تواصله موثق لدى المنظمات الدولية”.
ورأى النائب السابق علي درويش أن “من البديهي أن يلقي التيار كل هذه التهم على الرئيس ميقاتي خصوصاً وأنه بات اليوم يستخدم وسيلة لالهاء الشعب عن الأزمة الحقيقية في البلاد والمتعلقة بالفراغ الرئاسي المهيمن علينا لا سيما أنهم من المساهمين في عملية عدم الانتخاب”، معتبراً أن “الرئيس ميقاتي أوضح بالتفاصيل ما حصل وأجاب عن كل النقاط المطروحة”.
أما المحلل السياسي غسان ريفي فقال: “بات واضحاً الاستهداف المباشر من التيار للرئيس ميقاتي، فباسيل لم يعد قادراً على استيعاب أنه بات خارج الحكم ولا يملك أي نفوذ حقيقي، بحيث لا يكفيه تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية بل يسعى الى تعطيل الحكومة، ومن هنا رأينا أنه يرفض حتى هذه اللحظة جعل وزرائه يحضرون الجلسات الحكومية وفي الوقت نفسه يحاول منع الحكومة من الانعقاد ويحمّل الحكومة مسؤولية تقصيره. وهذا قمة السلبية والاجرام بحق الشعب اللبناني لكنه يريد ابقاء المؤسسات على حالها علّ الفوضى تعم البلاد وعلّه يستفيد منها لكي يحصل على فرصة رئاسية جديدة وفرصه مدعومة”.
وأشار الى أن “لا علاقة للحكومة بدولرة المساعدات المالية النقدية للاجئين السوريين، فهذه المساعدات تدفع بالدولار الأميركي بناء على طلب المفوضية العليا للاجئين ومنذ أيام الحكومات السابقة وليس للرئيس ميقاتي أي سلطة”، مؤكداً أن “وزراء التيار يحضرون الاجتماعات المتعلقة بملف اللاجئين وهم على دراية بكل التفاصيل، والأجدى أن يسأل التيار وزراءه في هذه الأمور خصوصاً أن الملف معقد جداً. وبما أن التيار لا يريد أن يسجل للحكومة أي انجاز نراه يسارع في كل مرة الى الاستهداف والافتراء في كل القضايا التي تهم المواطنين وهو يعمل مع هذه الحكومة على القطعة، اذ يعتبرها فاقدة للشرعية والميثاقية من جهة وفي الوقت نفسه نرى أن باسيل في مجلس النواب ناقش الحكومة وتعاطى معها في موضوع تأجيل الانتخابات البلدية وأثنى عليها من جهة أخرى”.
أضاف: “باسيل يطلب من رئيس الحكومة أن يوقع على مرسوم التجنيس وهو ملف يعتريه الكثير من الشبهات حول استفادات مختلفة له تحديداً، فهل في حال وقعّ رئيس الحكومة تصبح الحكومة ميثاقية وشرعية ودستورية وفي الوقت عينه عندما تجتمع الحكومة نفسها لاقرار اعتمادات الأدوية السرطانية والمستشفيات تصبح فاقدة الشرعية؟ كل هذا التناقض الكبير في التعاطي السياسي والحكومي يوضح حجم التخبط والارباك الذي يعيشه باسيل شخصياً”.
ووصف ريفي وزراء التيار بأنهم “أدوات لتيارهم السياسي”، لافتاً الى أن “هناك تعبئة عامة ضمن التيار ضد الرئيس ميقاتي تترجم يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر التغريدات ومن بعض الوزراء، خصوصاً أننا رأينا كيف حضر الوزير حجار في الجلسة الأولى للحكومة التي جرت خلافاً لرغبة باسيل وكيف شاغب لتعطيلها لكنه فشل، وكل ما ينتج عن هؤلاء الوزراء موحى به من باسيل الذي لم يعد لديه أي حليف نتيجة سلوكه السياسي الاستفزازي”.