أهالي دير عمار يرفضون مشروع “السمّ”: طوّقونا من كلّ الجهات!

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يتردّد أهالي بلدة دير عمار ولو للحظة في رفض احتمال إنشاء مطمر للنفايات في منطقتهم التابعة لاتحاد بلديات المنية الذي يشهد أزمة نفايات غير مسبوقة، لكنّه في الوقت عينه يرفض رفضاً تاماً أيّة حلول لا تصبّ في مصلحة هذه المناطق التي واجهت الأمرّين في هذا الملف الذي لا تجد له الدّولة مخرجاً قانونياً وبيئياً سليماً وصالحاً للمواطنين.

ليست المرّة الأولى التي يُخطّط فيها بعض المعنيين لانشاء مكب نفايات بديل عن المكب الموجود في مدينة طرابلس (التي تُواجه أيضاً كارثة بيئية مع مكبّيها الأوّل والثاني)، فيقع الاختيار دائماً “سراً وعلانية” على دير عمار التي كانت رفضت هذه الاستراتيجية التي تسمح لنفايات الكثير من البلديات الشمالية بالوصول إليها لرميها على أراضيها، الأمر الذي دفع هذه البلدية أخيراً إلى إعلان رفضها القاطع لأيّ مشروع قد يُؤدّي إلى إحداث ضرر لها ولأهلها عبر بيان صدر بعد زيارة وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين منذ فترة إلى البلدة لمعاينة موقع مطمر النفايات المزمع إنشاؤه فيها، كما بعد الكتاب الموجه من وزارة الداخلية والبلديات المتضمن الموافقة أو الرفض على إنشاء المطمر في دير عمار.

وحسب معطيات “لبنان الكبير”، فإنّ “بلدية طرابلس كانت تواصلت مع وزارة البيئة أخيراً لتنفيذ مشروع صحي للنفايات على أحد الأراضي التابعة لمراكز طمر النفايات في دير عمار، وكانت تحتاج إلى مساحة ضئيلة منه”، في حين يُؤكّد البعض أنّ “هذا المشروع يحتاج إلى دعم من النواب الطرابلسيين أوّلاً، وموافقة مجلس الوزراء عليه ثانياً”.

وكان بيان بلدية دير عمار جدد “رفضه القاطع لاستحداث مطمر للنفايات لكلّ مناطق الشّمال في النطاق الجغرافي التابع لها”، مؤكّداً أنّ البلدية وبمتابعة من رئيسها ورئيس اتحاد بلديات المنية خالد الدهيبي، وبمشاركة أعضاء الاتحاد، سعت إلى تأمين مكان لطمر العوادم الصادرة عن معمل فرز النفايات في المنية ولكن كلّ المحاولات باءت بالفشل، “وبالتالي لن تكون دير عمار مكسر عصا لأحد”. ودعا الجميع إلى “تشكيل جبهة صمود وضغط وبالطرق السلمية، لرفض هذا المشروع وعدم تسييس هذا الموضوع لمحاولة تحقيق مكاسب سياسية من ورائه، لأن هذا الأمر يهمّ جميع الأطراف في البلدة من دون استثناء”.

ويعود الحديث إلى إنشاء مطمر من جديد على هذا النطاق الجغرافي (الذي كان يُمكن أن يستثمر سياحياً وبيئياً بسبب المقوّمات الجاذبة التي يتمتّع بها)، بعد مخطّطات تستهدف اختيار بقعة مناسبة لإنشاء مطمر فيها ضمن الاتحاد، فبعد تخطيطهم منذ أعوام لإنشاء مطمرٍ في منطقة تربل الشماليّة وفشله بعد معارضة الأهالي، قيل إنّهم انتقلوا إلى التخطيط لتأسيس آخر في الجهة الغربية منه لكنّه فشل أيضاً، أمّا عن دير عمار فقد عرض عليها هذا الموضوع مرّات عدّة، لكنّه قوبل بالرفض بلدياً وشعبياً، فيما تلفت معطيات إلى زيارة سرّية قام بها الوزير ياسين والنائب كريم كبارة في أواخر العام 2022 لرصد هذه المنطقة وقيل حينها إنّها جرت بغياب فعاليات دير عمار ومرجعياتها. ومنذ أيّام سُلّط الضوء من جديد على هذا الموضوع الذي يُقال أيضاً إنّه “أسقط نواباً ترشحوا في الانتخابات النيابية السابقة مع رفضهم تمرير هذه المشاريع على حساب الاتحاد”.

إنّ ما يُحاك في هذا الملف، يرى أبناء المنطقة أنّه يُجهّزها لمشروع “سمّ قاتل” في حال تمّت الموافقة عليه، وكأنّه لا يكفيها معمل الكهرباء، منشآت النفط القريبة منها، نادي الرتباء ومعسكر عرمان وغيرها من المشاريع التي باتت تطوّق البلدة التي تبلغ مساحتها 3.4 كلم متر مربّع، مع عدد سكان يصل إلى 20 ألف نسمة، ولا نغفل عن عدد اللاجئين السوريين الذي يصل إلى 5 آلاف، ما يُشير إلى خطورة إنشاء مطمر غير مدروس وغير مقبول أساساً، لأنّه سيكون مشروعاً إضافياً يُضيّق الخناق على الأهالي لا سيما وأنّها تبقى منطقة مكتظة بالسكان بمساحتها المحدودة، كما سيُشكّل خطراً على صحة أبناء المنطقة، وقد ينعكس مباشرة على المياه الجوفية “ما يزيد الطين بلّة”.

من هنا، تواصل “لبنان الكبير” مع رئيس البلدية خالد الدهيبي للتحدّث عن تفاصيل هذه الأزمة، فاعتبر أنّ “أرضنا من سوء حظنا فيها مقالع تُريحهم من أعمال الحفر وهذا ما يجذبهم إليها حقيقة، لا سيما إلى العقار الذي فيه مقالع وتبلغ مساحته 422 ألف متر، أيّ أنّ مساحته تبلغ نسبة 17 بالمئة من مساحة البلدة”.

وبعد الحديث عن مشكلة النفايات الواضحة في المنية، أكّد أنّ “الاتحاد يملك معمل فرز عمل لمدّة 6 أعوام أيّ منذ العام 2013 إلى 2019، وكانت تُرمى النفايات في مكب عدوة (مكب نفايات المنية – الضنية) الذي أقفل فيما بعد، ما أدّى إلى إبطال عمل معمل الفرز وذلك نظراً الى حاجتنا إلى إيجاد مطمر لرمي العوادم، من هنا نحتاج إلى مكب لرمي نفايات اتحادنا فيه، أمّا عن قرارنا برفض أيّ نفايات خارجة عن هذا الاتحاد فسيبقى مستمرّاً ونافذاً”.

ومن الشروط التي لا بدّ من أخذها في الاعتبار لايجاد مطمر مناسب ضمن الاتحاد، شدّد الدهيبي على نقطة رئيسة تكمن في أهمّية تقويم الأثر البيئي للموقع وهو عمل مرتبط بوزارة البيئة، أمّا عن التمويل، فلم يُبدِ أيّ مشكلة معه “بسبب الجهات المانحة التي تتقبّل التمويل لكن بشرط أن يكون هذا المطمر بمستوى صحي ودولي”.

وتمنّى من الدّولة “إيجاد حلّ صحي مناسب لأزمة النفايات على أن يكون جذرياً، فدير عمار تبقى بيتنا ولا نسمح لأحد بأن يُدخل نفاياته إليها، فليجدوا أراضٍ في مناطق أخرى تبتعد عن هذه البلدة التي لا يُمكننا الضغط عليها أو تدمير أبنائها صحياً”.

شارك المقال