تنجيم!

صلاح تقي الدين

حتى كتابة هذه الأسطر، لم تثبت حقيقة المعلومات التي يتم الترويج لها حول موافقة “التيار الوطني الحر” وتحديداً رئيسه النائب جبران باسيل على اسم الوزير السابق جهاد أزعور كمرشح مشترك مع المعارضة لمواجهة مرشح الثنائي الشيعي الوزير السابق ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ما يجعل الموعد الذي حدده رئيس مجلس النواب نبيه بري في 15 حزيران المقبل لانتخاب رئيس صعب التحقّق.

وعدم ثبوت هذه المعلومات هو بكل بساطة عدم الاعلان عن التوافق على أزعور الذي يعمل على تحقيقه كل من حزب “الكتائب” عبر النائب الياس حنكش، والنائبين فادي كرم عن “القوات اللبنانية” وجورج عطا الله عن “التيار الوطني الحر” والنائب المستقل الدكتور غسان سكاف الذي يتولى التواصل مع ما يسمّى بـ “نواب التغيير”.

لكن العقبة أمام أزعور ليست عند تردد باسيل بل في ما أعلنه أمس رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد بأن مجرد طرح اسم أزعور كمرشح للمعارضة في وجه فرنجية، “هو مرشح مناورة مهمته مواجهة ترشيح من دعمناه وإسقاطه”.

وأضاف رعد: “آسف لوجود أصوات ترتفع لترشح مثل هؤلاء ليصلوا الى قصر بعبدا. اننا نريد تفاهماً وطنياً وشراكة حقيقية تحفظ البلد الذي نحرص عليه لا مرشحي بدل ضائع”.

قد يكون كلام رعد رسالة موجهة أولاً وأخيراً إلى حليفهم “السابق” باسيل لتنبيهه إلى أن اختياره السير بأزعور معناه قطع جميع الخطوط مع “حزب الله”، وهو أمر ليس من مصلحة باسيل وبالتأكيد يحشر الحزب إذ يفقد الحليف المسيحي الوحيد الذي أمّن الغطاء له ولسلاحه منذ العام 2006.

في المقابل، كشف النائب أديب عبد المسيح عن تقدم المفاوضات للاتفاق على مرشح للمعارضة يحظى بتأييد “التيار الوطني الحر” وتحديداً أزعور، وهو أعلن ذلك أمس مبشّراً بقرب التوصل إلى جمع 65 نائباً يصوّتون ضد فرنجية.

وأشار عبد المسيح في حديث إلى محطة “أم تي في” إلى أنّ “الاتفاق مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مبدئي، بانتظار توافق الجميع عليه، واقتربنا من الوصول إلى 65 صوتاً ومن دون هذا العدد لن ننزل إلى المجلس النيابي لإيصال مرشّحنا”.

وشدّد عبد المسيح على أن “التقدمي معنا وجهاد أزعور هو الأكثر حظًّاً وتواصلنا مع البطريرك الراعي في هذا الخصوص وهو سيطلب من فرنسا وقف التدخّل في الاستحقاق الرئاسي، كما أنّ الفرنسيّين أكّدوا أصلاً أنّهم لا يتدخّلون ولا فيتو من قبلهم على أحد”.

غير أن عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن كان قد شدّد أمس في حديث إلى محطة “الجديد” على أن اللقاء لن يسير بمرشح تحدٍ، فإذا كان “حزب الله” يعتبر أزعور مرشح تحدٍ فبالتأكيد أن رهان عبد المسيح ليس في مكانه.

وقال أبو الحسن: “إن موقف اللقاء الديموقراطي واضح وموحد قرار واحد وصوت واحد ولن نسير بمرشح تحدٍ”.

من الواضح أن تصريحات فريق المعارضة تأتي في إطار التمني أو التبصير، إذ كما كان الاختلاف قائماً بين أعضاء هذا الفريق أثناء السير بترشيح رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوض، وعجزهم عن حشد الأصوات الكافية له لكي يستمر في خوض المنافسة، فإن اعتبارهم التوافق على اسم جهاد أزعور لا يصب إلا في خانة التبصير أو التنجيم.

من المؤكد أن لكل فريق في المعارضة حساباته، لكن التوافق بين الكتل المسيحية الكبرى يبقى الأمل المنشود لتتحد المعارضة في مواجهة فرنجية، وغير ذلك فإن الانتظار سيطول ويطول ولن نشهد انتخابات رئاسية في حزيران، وفي أفضل الأحوال سترحّل إلى ما بعد الخريف المقبل.

لكن في المقابل، فإن “حزب الله” يجتهد ومعه الفرنسيون في تأمين التوافق على اسم فرنجية ليكون الرئيس العتيد الممهدة له الطريق إلى قصر بعبدا. ويبقى أن البطريرك بشارة الراعي الذي حدد له الأليزيه موعداً مع الرئيس ايمانويل ماكرون غداً الثلاثاء، وفقاً لتسريبات غير مؤكدة، يحمل معه اسم مرشح سيحاول إقناع الفرنسيين به على قاعدة “لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم”، أي مرشح مقبول من الجميع لتجنيب البلاد خضة سيتسبب بها استمرار الثنائي الشيعي وفرنسا في التمسك بفرنجية.

ليس من عادة الرئيس بري إعطاء مواعيد “عرقوبية” وعلى أمل أن يتحقق الانذار الذي وجهه الى النواب بضرورة انتخاب رئيس قبل الخامس عشر من حزيران المقبل، يبقى أن الانتخابات الرئاسية معلقة على خيط رفيع حان الوقت لاجتيازه وعدم قطعه.

شارك المقال