“حزب الله” ولعبة التخويف

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

بدأت الانتقادات توجه الى داعمي ترشيح جهاد أزعور كما حصل مع داعمي الثنائي الشيعي في ترشيح سليمان فرنجية، فهناك من استعجل في تقويمه بالاشارة الى أن ازعور لم يقدم أي برنامج سيعمل على تحقيقه، وهو كما يبدو لا يهتم الا بالشأن الاقتصادي ويرمي كرة النار السياسية أي سلاح “حزب الله” والدويلة خارج الملعب السياسي، ولم يظهر حركة سياسية تبين جدية في الترشح عبر التواصل مع كل الفرقاء وتقديم نفسه كرئيس للجميع وطرح أفكاره، وفي هذه الحال لا يختلف عن المرشح فرنجية الذي اكتفى بتقديم أوراق اعتماده الى القوى المؤثرة، ولم يقم بأي حركة علنية باتجاه الطرف الآخر أو يحاول استمالة النواب المستقلين اذ يكتفي في هذا المجال بالمناورات التي يقوم به من سمّاه لفرضه رئيساً، وهذا ما يظهر من الدعم اللامحدود الذي يتلقاه من حزب السلاح ومن الرئيس نبيه بري عبر تعطيل جلسات مجلس النواب ومحاولات فرض حوار كنوع من الفولكلور اللبناني الذي إن حدث لا ينتج ولا يلزم أحداً.

ومع ردود الفعل العنيفة التي أبداها “حزب الله” ازاء وفاق المعارضات على ترشيح أزعور وبدء خطة الاتصالات لجمع الأصوات له، علماً أن بري لن يكون متحمساً للدعوة الى جلسة انتخاب ديموقراطية يفوز فيها من يحصل على أكثرية نيابية، يعتبر الحزب أن أزعور مرشح تحدٍ ومرفوض، وغير مقتنع بأنه مرشح على مسافة من الفريقين ولن يعطي في الاقتصاد كما في السياسة، بل يريد الهيمنة على كل القرارات ولن يكون مرتاحاً الا باخضاع الجميع الى ارادته وتوجهاته، فهو قد يقدم تنازلات الى حليفه المسيحي “التيار الوطني الحر” اذا استمر في تأمين تغطية له في الشارع المسيحي مقابل وعود بتعزيز مواقعه في الدولة، وليستفد منها “الشاطر الفاسد” وهي سياسة دأب “حزب الله” على اعتمادها مع حلفائه لا سيما حركة “أمل”، وجرى اتقانها خلال مرحلة الوصاية السورية.

أمام رغبة الثنائي الشيعي في فرض مرشحه وإن صدق جبران باسيل في خيار السير مع المعارضة بالمرشح أزعور، ستكون المرحلة المقبلة فيها الكثير من الأخذ والرد لاحداث تغيير في موطئ القدم لا سيما بالنسبة الى نواب مستقلين لم يحسموا موقعهم، الا أن الصورة ستتضح من خلال الموقف المسيحي إن توحد على رفض سابقة هيمنة الثنائي الشيعي على رئاسة الجمهورية، ومن هنا أرسل “حزب الله” رسائله الى باسيل كونه استفاد وحصل على ما يريده في عهد الجحيم ونال دعماً ساعده على منافسة الزعماء المسيحيين.

الواضح أن “حزب الله” مستاء اليوم، ولا يمكن تفسير موقفه من ترشيح المعارضة لأزعور، وهو الذي دعا سابقاً عبر موقف لأمينه العام حسن نصر الله ونائبه نعيم قاسم الى تسمية مرشح لمواجهة فرنجية، وهذا ما عكسته مواقف قياداته ونوابه الذين شنوا هجوماً على أزعور من دون تسميته بهدف اخافته لعدم اعلان ترشحه أو القيام بأي خطوات تدعم وجهة ترشحه عند أصحاب القرار داخلياً وخارجياً، وبالتالي الانسحاب والتراجع كونه مرشحاً توافقياً وهو لا يسعى الى تحدي “حزب الله” ومواجهته متسلحاً ربما بمواقف نواب “الاعتدال الوطني” والنواب المستقلين الذين يهابون الصدام مع الحزب وبالتالي لن يستطيع الفوز في المواجهة بتأمين الــ 65 صوتاً.

“فرنجية أو لا أحد” هذا هو شعار “حزب الله” اليوم، علماً أن ترشيح أزعور حرّك عجلات الملف الرئاسي، وهي مرحلة لن تكون الأمور فيها سهلة خصوصاً وأن أبعادها تتخطى الحدود اللبنانية والسقوف المتعارف عليها في اللعبة السياسية لا سيما بعد الاتفاق الايراني – السعودي، وقد تلجأ القوى المتضررة منه الى تعطيل مفاعيله في الداخل اللبناني.

شارك المقال