عون يؤدّب “نوابه” قبل تفاقم إنشقاقات “تياره”

آية المصري
آية المصري

فيما لبنان يعيش في دوامة الشغور الرئاسي، لا يزال “التيار الوطني الحر” يتخبط داخلياً وسط التبدّل الواضح في آراء نوابه، اذ بعدما تبين أن هناك فئة منهم لم تسمع بتبني التيار مرشح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور، ظهر موقف ثان يدعو الى ترشيح نائب من داخل التكتل ما جعل منسوب التشجنات يرتفع، خصوصاً وأن رئيس التيار جبران باسيل عينه كانت ولا تزال على كرسي بعبدا لأنه إعتاد طيلة سنوات العهد الست أن يكون رئيس الظل للبنان، فمن سيجرؤ على أن يطرح نفسه مرشحاً وباسيل هو الأحق بذلك كما يرى الرئيس السابق ميشال عون؟ صحيح أن إسم النائب إبراهيم كنعان موجود ضمن لائحة أسماء بكركي، ولكن هل يمكنه القيام بهذه الخطوة والوقوف في وجه حلم باسيل، الذي لا يقبل به الشعب اللبناني رئيساً؟

وفي ضوء عدم اتفاق نواب التكتل على رأي واحد، وهذا ما ظهر بعد تداول معلومات عن أن خمسة منهم باتوا جاهزين لترك التكتل نتيجة عدم إقتناعهم بباسيل الذي يهمّش آراءهم، عاد عون الى الواجهة وجمع نواب التكتل في إجتماع واضح المعالم، حذر فيه من أن “أي خلاف في الرأي يجب أن يحصل نقاش داخلي حوله لا في الاعلام ولا في جلسات عامة”. كما استخدم لهجة عالية، معتبراً أن “من يريد ترك التيار فليتركه وحده، والتجربة أثبتت ما هو مصير الذين إنفصلوا عنه، وعلى النواب أن يعوا جيداً أنهم أتوا بأصوات التيار وعليهم أن يعملوا لمصلحته”. وإنطلاقاً من هنا، صار كل نائب يحاول تبرئة نفسه من الموضوع فهم غير قادرين على رفع رؤوسهم في مواجهة عون أو باسيل، وأكبر مثال على ذلك، عدم تمايزهم في المواقف وعدم تمتعهم برأي مختلف، وبالتالي باتوا معتادين على عدم وجود مساحة لرأيهم وإقتصر دورهم فقط على تنفيذ أوامر باسيل ومطالبه من دون التفكير فيها. فمن ينسى أن باسيل أجبر بعض النواب على عدم الظهور عبر وسائل الاعلام لأنه لا يحبذ منطقهم أو حديثهم ويفضل تواجدهم المناطقي من دون الإدلاء بأي تصاريح تتناقض مع مصالحه وأفكاره؟

وبعدما ترأس عون اجتماع التكتل وقام بتأديب نوابه، شدد على أن “النظام الداخلي للتيار يقول بأن من يريد الترشح للرئاسة عليه أن يكون رئيس التيار أولاً، وعليه أن يرشح نفسه لرئاسة التيار”، وبهذا يكون قطع الأمل لدى من يفكر في الترشح، وكلامه بمثابة رسالة مباشرة الى ابراهيم كنعان. وطالما لا يزال عون على رأس هذا التكتل فلن يجرؤ أحد على منافسة صهره. لكن حديث عون يؤشر الى أن باسيل عجز في هذه المرحلة عن ضبط نوابه وهذا ما جعله يستعين بعمه، وليس بعيداً أن يكون هو من كتب له هذا الخطاب خصوصاً وأنه اشتهر بهذه الافعال طيلة فترة عهد جهنم، وبالتالي أراد عون أن يقدم مضبطة بحق كل من يخالف تعاليم باسيل وأوامره، لا سيما أن شرعية التيار أتت من عون، ونوابه لم يتمكنوا من الوصول الى منصبهم بمعزل عن تبنيه لهم من جهة ولأن “حزب الله” شكل رافعة إنتخابية لهم من جهة أخرى.

وفي هذا السياق، رأت أوساط مطلعة عبر موقع “لبنان الكبير” أن “التصاريح الأخيرة لنواب التيار تعكس حقيقة الانقسامات داخله، وحالة التشنج المسيطرة عليه خصوصاً وأن باسيل لا يستخدم أسلوب الحوار أو النقاش مع زملائه ويفضل فرض إملاءات معينة على نوابه فقط، ولا يحق لهم الاعتراض على أوامره، وبالتالي هذا ما جعل التيار يمر اليوم في مرحلة صعبة يهيمن عليها التحدي، ولأن عون تحسس وجود مشكلة حقيقية جمع الكل وتحدث بصراحة وبلغة مباشرة لمنع مخاطر الانشقاقات والتفلتات وتحديداً أن هناك كوادر مهمة غادرت نتيجة أسلوب صهره المقيت”.

واعتبرت مصادر خاصة أن “خطاب عون لنوابه يؤكد إنعدام التماسك داخل التكتل الواحد، فقيادة التيار لا تؤمن بالتعددية والديموقراطية منذ نشأتها لأنها تُركز على أن القيادة من تأخذ وتحسم القرارات والجميع يتوجب عليهم الالتزام بها من دون أي إعتراض، وبالتالي لم يتغير حال التيار لأنه يؤمن بهذه الأفكار منذ القدم وليست لديه مساحة من الديموقراطية خصوصاً بعدما تسلم باسيل الوريث الشرعي هذه القيادة”.

شارك المقال