أزعور v/s فرنجية = لا رئيس!

صلاح تقي الدين

بعدما استبق رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل قوى المعارضة بإعلانه التوافق معها على ترشيح وزير المال السابق جهاد أزعور للرئاسة، اجتمعت هذه القوى في دارة النائب ميشال معوض الذي أعلن انسحابه لصالح أزعور، فيما تلا النائب “التغييري” مارك ضو بياناً باسم 32 نائباً معارضاً وتغييرياً أعلن فيه ترشيح أزعور.

على الرغم من أن هذا الاعلان كان متوقعاً، إلا أن وقعه ومفاعيله كانا قاسيين لدى الثنائي الشيعي الذي لا يزال مصراً على أن لا حظوظ لأزعور باعتباره مرشح مواجهة وتحدٍ، وهو بالتالي لا يمكن أن يحوز على ثقته أو الاطمئنان إليه، ما يطرح السؤال الكبير عن موقف كتلة “اللقاء الديموقراطي” التي كانت أول من رشح أزعور من ضمن اللائحة الثلاثية التي اقترحها رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، لكن لطالما عبّر عن موقف صلب وعن قناعة بعدم السير بمرشح يعتبر تحدياً لأي فريق، فما هو الموقف الذي سيتخذه اللقاء من ترشيح أزعور إذا استمر الثنائي على موقفه؟

وبينما حاول أزعور شخصياً الاعلان عن عدم قبوله أن يكون مرشح تحدٍ ومواجهة لفريق الممانعة، وإعلان معوض في بيان انسحابه أن أزعور ليس مرشح المعارضة بل هو مرشح تم التلاقي حوله مع “حليف” رئيس لـ “حزب الله” أي “التيار الوطني الحر”، إلا أن عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله لم يرَ هذا الترشيح من المنظار نفسه.

وقال فضل الله بالعبارة الصريحة من دون أن يسمّي أزعور بالاسم: “إن كل التوصيفات التي أعطيت لمرشحهم المستجد، لا تنطلي على أحد، وهي توصيفات مصدرها الفريق نفسه ولا تعني لنا شيئاً، فهو بالنسبة الينا مرشح مواجهة وتحدٍ قدمه فريق يخاصم غالبية اللبنانيين، ولا يمكن لهذا المرشح أن يحوز على ثقتهم أو يحظى بتأييد الغالبية النيابية المنصوص عليها في الدستور، ولذلك لا أمل لهم ولمرشحهم الجديد في لعبتهم المكشوفة”.

لكن موقف باسيل لدى إعلانه التقاطع مع المعارضة على اسم أزعور حمل في طياته تهديداً مبطناً حين قال: إن التوافق المسيحي لا يمكن أن يكون عابراً ويرفضه مكون لبناني آخر، في إشارة إلى موقف الثنائي الشيعي، ويطرح السؤال الذي لطالما تردد خلال الفراغ الرئاسي، هل يمكن لرئيس أن يحكم البلاد إذا انتخب بمعارضة مسيحية كاملة، أو في المقابل إذا قاطعت انتخابه طائفة رئيسة في لبنان؟

ويعتقد مراقبون حياديون أن الطابة اليوم بعد إعلان المعارضة توافقها على ترشيح أزعور أصبحت في ملعب الثنائي الشيعي وتحديداً في ملعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي ردد موقفاً منذ يومين وكرره بالأمس أنه حين يتواجد مرشحان جديان للرئاسة سوف يتصرف على هذا الأساس، أي أنه سيدعو النواب إلى جلسة انتخابية، خصوصاً بعد تسريب أخبار عن أنه طلب من نواب كتلته عدم السفر في الفترة القريبة كمؤشر ربما على نيته الدعوة إلى جلسة انتخابية قريبة.

لكن ماذا لو لبى النواب دعوة الرئيس بري إلى جلسة انتخابية، فكيف سيكون سيناريو الجلسة؟

وفقاً للمراقبين الحياديين، فإن النواب الذين سيصوّتون لصالح فرنجية لن يتجاوزوا عدد الأصوات التي حاز عليها مرشح المعارضة السابق ميشال معوض، في حين أن الأصوات التي سينالها أزعور ستكون موازية تقريباً للأصوات التي كان يدلي بها فريق الممانعة كأوراق بيض، وبالتالي فإن المرشحين لن ينالا الأكثرية المطلقة في الدورة الأولى.

ويضيف المراقبون أنه إذا استمر النصاب متوافراً في الدورة الثانية خوفاً من العقوبات التي قد تفرض على أي من الفريقين إذا انسحب وعطل النصاب كما أعلنت نائبة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، فإن أزعور وفرنجية لن يستطيعا تجاوز رقم الـ 65 صوتاً المطلوبة للفوز بالرئاسة بسبب جنوح عدد من النواب، من ضمنهم نواب “اللقاء الديموقراطي” إلى الاقتراع بورقة بيضاء تجنيباً لخضة سياسية أو أمنية إذا اعتبر أي فريق أنه سيخرج خاسراً من لعبة الاقتراع، وبالتالي سيعلن بري رفع الجلسة إلى موعد جديد وندخل في دوامة محاولة استقطاب المرشحَين عدداً إضافياً من النواب لتأمين فوز أحدهما.

لن يجد الرئيس بري حرجاً في الدعوة إلى جلسة انتخابية خصوصاً وأنه يدرك حسابياً عدم قدرة أي من المرشحين على نيل الأصوات الكافية لإيصاله إلى بعبدا، لكنه بالتأكيد لن يرضى بأن يخرج خاسراً في هذه المعركة وبالتالي سيستخدم الورقة التي لطالما أحسن استعمالها وهي ورقة رفع الجلسة إلى موعد لاحق.

بالنتيجة، يخلص المراقبون إلى القول بأن استمرار الثنائي الشيعي في اعتبار أزعور مرشح مواجهة، واستمرار الفريق المعارض في اعتبار فرنجية استمراراً لهيمنة “حزب الله” على القرار السياسي في البلد واستكمالاً لعهد عون المشؤوم، فإن مواجهتهما المفترضة لن تنتج رئيساً وسيكون الفراغ طويلاً.

الحوار والتوافق والتسوية، هي الكلمات المفتاح لحل الأزمة الرئاسية في لبنان، ولعل رئيس أساقفة بيروت للموارنة السابق المطران بولس مطر سيتمكن من إقناع القيادات التي سيقوم بجولة عليها بتكليف من البطريرك بشارة الراعي، بضرورة الحوار للتوافق أو الوصول إلى تسوية.

شارك المقال