شهدت البلاد تطورات في الأيام الاخيرة، وتحديداً بعد توافق المعارضة و”التيار الوطني الحر” على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وما إن أعلن عن تأييده حتى بدأت الأحداث الداخلية والخارجية تتوالى وفق عقارب الساعة، فبعد دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في 14 الجاري، بدأت عملية “البوانتاج” لكل من المرشح أزعور ومرشح الممانعة الوزير السابق سليمان فرنجية، ما جعل الأنظار تتجه الى الورقة البيضاء لدى الفريق الممانع ليُسارع الرئيس بري ويصرّح بأنهم سيصوّتون لصالح فرنجية.
واللافت في هذه المعادلة حالة التشرذم والضياع المهيمنة على نواب التغيير، وهي ليست جديدة، ففي الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس إنقسموا وبدأ كل منهم يسمّي مرشحاً يختلف عن زميله، وفي العادة يجري التوافق بين التغييريين لأن أهدافهم ومصالحهم تكون مشتركة وتصب في خير البلاد، لكن نواب “الثورة” ليسوا سوى نسخة مصغرّة عن نواب السلطة التي تحكم البلد منذ سنوات، وكلامهم شعبوي وليس سوى حبر على ورق، وهذا ما يترجم في خلافاتهم التي ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام أخيراً، اذ يبدو أن هناك عدداً منهم يمتنع عن التصويت لأزعور وبدأ “غروب الواتساب” لديهم يتقلص عدده بعد مغادرة النائبة حليمة قعقور المجموعة. فهل سنشهد انقساماً أكبر لدى التغييريين في المرحلة المقبلة؟ وما آخر التطورات لديهم؟
مصادر مطلعة وصفت عبر موقع “لبنان الكبير” التغييريين بالقول: “ما بيعجبهن العجب، وهدفهم فقط الاعتراض على أي إسم يجري التوافق عليه، لأنهم محبون لـ show off”. وأكدت أن “كل ما يحكى عن مشكلات بينهم غير صحيحة ويعقدون يومياً إجتماعات مفتوحة مع بعضهم البعض، وبالأمس بعد إنتهاء جلسة اللجان إجتمع ما يقارب الخمسة نواب على حدة”.
وأشارت المصادر الى أن “هناك ستة أسماء من التغييريين بات مضموناً تصويتها لصالح أزعور، ونحن نأمل خيراً لكن هذه المرحلة ليست سهلة وأمدها طويل لن ينتهي سريعاً كما يعتقد الشعب اللبناني، الا أن المضمون أن التصويت لصالح أزعور سيضعف فرنجية أكثر فأكثر ما يجعله خارج المعادلة، والتصريح بأن الثنائي الشيعي سيصوّت له للمرة الأولى يضع الكثير من التساؤلات، اذ من الواضح أنهم إقتنعوا بأن من سابع المستحيلات وصول فرنجية الى سدّة الرئاسة ويريدون برهنة هذا الموضوع في الجلسة المقبلة من خلال حصوله على عدد قليل من الأصوات”.
وأكدت مصادر تابعة للتغييريين أن “النائبة حليمة قعقورغادرت مجموعة الواتساب الخاصة بنا، لكنها ليست بالمشكلة الكبيرة لأن هذا التطبيق مجرد أداة للتواصل، وعلى أرض الواقع لا يزال التواصل قائماً معها ولن يتوقف نتيجة الخروج من الغروب”، موضحة أن “هناك تبايناً في وجهات النظر مع النواب التغييريين الآخرين وتحديداً حول الملف الرئاسي، وبالتالي هناك مجموعة مؤلفة من النواب ملحم خلف، نجاة صليبا، ابراهيم منيمنة، فراس حمدان، بولا يعقوبيان وياسين ياسين على تنسيق تام مع بعضهم البعض وسيكونون سوية بغض النظر عن التوجه”.
واعتبرت المصادر أن “الأمور ذاهبة الى المزيد من التعقيدات ولن نصل الى انتخاب رئيس في المرحلة المقبلة الا في حال ظهر حدث طارئ خارج عن السيطرة، وبالتالي الجلسة المقبلة لن تكون سوى تكرار لسيناريوهات الجلسات الـ11 السابقة”.
ولفت عضو كتلة “تجدد” النائب أديب عبد المسيح الى أن “هناك جهوداً تبذل مع التغييريين والتواصل لم ينقطع معهم لكي يصوّتوا لأزعور، لكن الموضوع صعب لأنهم لا يزالون منقسمين وهناك عدد منهم رافض له”.
أما بالنسبة الى الأطراف الأخرى، فشدد عبد المسيح على أن “هناك عدداً كبيراً سيصوّت لأزعور والأهم أن يفوق أصوات فرنجية، وبالتالي هناك فجوة كبيرة ومن الممكن أن تكون الأصوات لأزعور بين 59 و71 صوتاً وكل هذا متعلق بالتوافقات الأخيرة التي ستحصل قبل الجلسة المقبلة ببضعة أيام وساعات”.
أما النائب التغييري ياسين ياسين فأكد أن “البحث لا يزال قائماً لكن المؤكد أننا لن نصوّت لفرنجية، أما عن أزعور فلا يزال قيد البحث لأننا مؤتمنون وحريصون كل الحرص على إتخاذ القرار المناسب الذي يصب لمصلحة البلد وشعبه من دون أي تحيز”. وقال: “أخذت على عاتقي الشفافية المطلقة منذ البداية وبالتالي ليس هناك أي شيء مخبأ وعندما نقرر الاسم الذي سنختاره سنُعلم الجميع به”.