“تلغراف”: رسالة لماكرون حول مستقبل الناتو

حسناء بو حرفوش

السباق لاختيار المرشح الجديد لحلف الناتو قد بدأ، وفي الوقت الذي تطرح فيه أسماء عديدة، ركزت قراءة في موقع “تلغراف” الالكتروني على ضرورة وضع مصلحة أوروبا أولاً والاعتبارات السياسية الضيقة لكل بلد ثانياً. واقترحت أن بن والاس هو الخيار الصحيح لرئاسة الناتو، على أساس أنه يمتلك “الخبرة اللازمة للحفاظ على التحالفات الحيوية خصوصاً في ظل الحرب الأوكرانية، بغض النظر عما يعتقده إيمانويل ماكرون”.

وتبقي الأحداث الجارية في أوكرانيا، الأنظار مسمّرة على أمن أوروبا وأهميته حيث “يجب أن تطمح أوروبا الى السلام والاستقرار، حسب القراءة، واستعادة مستويات المعيشة المعقولة النتيجة المرغوبة للغاية. وفي حين أن الاجراءات الفردية التي تتخذها دول لدعم أوكرانيا مهمة حالياً وفي المستقبل، فإن استمرار قدرة الناتو على إعطاء صوت جماعي للغرب يبقى أمراً بالغ الأهمية. لذلك، يكتسب اختيار الأمين العام القادم لحلف الناتو تأثيراً كبيراً على الأمن المستقبلي لأوروبا. ومن الأهمية بمكان أن يتمتع المرشح المختار بخبرة وبسجل حافل وأن يكون فرداً ذا مكانة دولية وقادراً على اكتساب الاحترام من جميع الدول الأعضاء”.

الناتو بمواجهة بوتين

ووفقاً للمقال، “ما لم يكن هناك انهيار روسي دراماتيكي في أوكرانيا، يبقى فلاديمير بوتين القوة التي ستواجه الناتو الآن وربما في المستقبل. فقد شهد هذا العقيد من جهاز المخابرات السوفياتية (KGB) خلال أواخر الثمانينيات انهيار الاتحاد السوفياتي المحبوب وحلف وارسو برعب أمام تضامن الناتو والغرب. وعمل لسنوات عديدة خلال قيادته للاتحاد الروسي، على تدمير تماسك الناتو وتحدي التحالف واختباره من خلال طرح معضلات يأمل في أن تحرك ردوداً متنوعة من الدول الأعضاء.

ومن الأمثلة على ذلك، قيامه باستفزاز دول البلطيق، متوسلاً السؤال: هل الولايات المتحدة مستعدة حقاً لخوض حرب مع روسيا بشأن لاتفيا أو إستونيا؟ لقد انتهز فرصة لتوسيع النفوذ الروسي في سوريا والشرق الأوسط وكان مسروراً لأن الغرب وضع خطوطاً حمراً بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية ثم ابتعد عنها. ومع ذلك، أخطأ بوتين الحسابات بصورة كبيرة في ما يتعلق بأوكرانيا، وبدلاً من أن ينجح في تقسيم الناتو، باتت أوكرانيا المحفز لتماسك أكبر داخل الحلف – على الأقل في الوقت الحالي.

ماكرون وعرقلة ترشيح والاس

وفي هذا السياق الأوسع نطاقاً، تبدو محاولة إيمانويل ماكرون لعرقلة ترشيح وزير الدفاع البريطاني بن والاس “سخيفة” للغاية. يجب أن يكون المرشح الناجح هو الشخص الأفضل والأكثر تأهيلاً، ويجب ألا تصبح عملية الاختيار لعبة سياسية. فالأولوية لا بد وأن تبقى للمسائل الأمنية الأهم بكثير من رغبة فرنسية ضيقة وأبعد من إيذاء المملكة المتحدة أو معاقبتها على خلفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. في مواجهة كل العداوات التاريخية بين فرنسا وبريطانيا، يقف الالتزام طويل الأمد لكلا البلدين فقط لتسجيل النقاط السياسية قصيرة المدى.

لنكون أكثر تحديداً، إذا كان الرئيس الفرنسي يعتقد أن السياسية الدنماركية مته فريدريكسن ستؤدي بصورة أفضل من والاس، فهذا يعني أنه لم يجر بحثه كما يجب. بالطبع، بصفتها رئيسة للوزراء، خاضت الشؤون الدولية، لكن والاس يتمتع بخبرة شخصية في الخدمة العسكرية وكان وزير دفاع ناجحاً للغاية منذ العام 2019. علاوة على ذلك، من خلال تجربته الخاصة في القتال، أكد والاس أن أكبر عقبة أمام النجاح في المعركة هي محاربة خوف الفرد وهو يمتلك فهماً عميقاً لما تتطلبه القيادة في الأزمات والصراعات.

وبالنظر الى المستقبل، سيلعب الأمين العام القادم للناتو دوراً هائلاً في قيادة النقاش داخل الحلف حول مستقبل أوكرانيا. هل ينبغي أن تصبح أوكرانيا عضواً في الناتو، وإن كان الأمر كذلك، فمتى؟ كيف يمكن للغرب إقامة علاقات جديدة مع روسيا؟ هل يجب ألا يؤدي الهجوم المضاد الحالي إلى نتائج حاسمة لصالح كييف؟ فكيف يمكن الحفاظ على تضامن الناتو وتماسكه إذا استمرت هذه الحرب من دون نهاية تلوح في الأفق؟ حرصاً على أمن أوروبا، لا بد من البحث عن رجل المرحلة وليس عن بيدق سياسي”.

شارك المقال