يصادف 20 حزيران اليوم العالمي للاجئين الذي تحييه الأمم المتحدة هذه السنة تحت شعار “الأمل بعيداً عن الديار… من أجل عالم أكثر شمولاً للاجئين”، وفي هذه المناسبة لا بد من أن نتطرق إلى وضع اللاجئين في العالم عموماً وفي لبنان خصوصاً، وذلك بعد القرارات التي صدرت مؤخراً بترحيل اللاجئين السوريين من لبنان واعادتهم الى بلادهم باعتبار أنّهم يشكلون عبئاً كبيراً عليه وهم أول المستفيدين من الأزمة الاقتصادية، وزادوا نسبة البطالة لدى اللبنانيين نتيجة سيطرتهم على أعمال ومهن كثيرة وقللوا من فرصهم في الحصول على أي مساعدة.
هذا اليوم حددته الأمم المتحدة تكريماً للاجئين في جميع أنحاء العالم، ويهدف الى تسليط الضوء على قوة وشجاعة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم هرباً من الصراعات أو الاضطهاد. كما يعتبر مناسبة لحشد التعاطف والتفهم لمحنتهم والاعتراف بعزيمتهم من أجل اعادة بناء حياتهم.
تحتل سوريا المركز الأول من حيث عدد اللاجئين الذين غادروا بلادهم بحثاً عن مكان آمن، أي أن خمس اللاجئين في العالم هم سوريون ويقدرون بحوالي 6.5 ملايين لاجئ استقبلتهم 131 دولة في العالم.
وأكدت المفوضية العليا للاجئين في تقريرها الأخير، أن 70% من اللاجئين يعيشون في بلدان مجاورة لبلدانهم الأصلية.
اتفاقية 1951
تعتبر حماية اللاجئين الولاية الأساسية للمفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين، والتي أنشئت بهدف رعاية اللاجئين، تحديداً أولئك الذين كانوا ينتظرون العودة إلى ديارهم في أعقاب الحرب العالمية الثانية. ووضعت اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين التي شملت الحقوق الآتية: حظر الطرد إلا تطبيقاً لقرار متخذ وفقا للأصول الاجرائية التي ينص عليها القانون، أن يُتاح للاجئين حق الاعتراض، ألا تفرض الدول على اللاجئين عقوبات جزائية بسبب دخولهم إقليمها أو وجودهم فيه من دون إذن، الحق في العمل، الحق في السكن، الحق في التعليم، الحق في الحصول على ما يُمنح في مجال الاغاثة والمساعدة العامة، الحق في ممارسة الطقوس الدينية، حق التقاضي الحر أمام المحاكم، الحق في حرية التنقل ضمن أراضيها، الحق في الحصول على بطاقات الهوية ووثائق السفر.
تعريفات الأمم المتحدة
وحسب الأمم المتحدة هناك بعض التعريفات لكل من: اللاجئين وهم الأفراد الذين يضطرون الى مغادرة ديارهم حفاظاً على حرياتهم أو انقاذاً لأرواحهم، فهم لا يتمتعون بحماية دولتهم بل غالباً ما تكون حكومتهم هي مصدر تهديدهم بالاضطهاد. ملتمس اللجوء وهو شخص يقول إنه لاجئ، غير أن ادعاءه أو طلبه لا يكون قد تمّ تقويمه أو البت فيه بصورة نهائية. اللاجئون داخلياً وهم أشخاص أجبروا على أو اضطروا إلى الفرار من دون أن يعبروا حدوداً دولية معترفاً بها أو تركها بصفة خاصة بسبب تجنب طائلة صراع مسلح، أو حالات لتفشي العنف، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، أو كوارث طبيعية. ويحتفظ النازحون بكامل حقوقهم، بما في ذلك الحق في الحماية، وفقاً لقوانين حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وغالباً ما يطلق بصورة خاطئة على الأشخاص النازحين داخلياً تسمية “لاجئين”. العائدون وهم لاجئون سابقاً قرروا أن يعودوا، عودة طوعية وآمنة وكريمة، إلى ديارهم التي اضطروا إلى مغادرتها قسراً. ويحتاج الأفراد في هذه الفئة إلى الدعم المستمر لإعادة إدماجهم وضمان توفير المناخ المساعد لهم على بناء حياة جديدة في أوطانهم الأصلية.
أسمر: نطالب بقانون تحديد اللجوء
في هذا السياق، أوضح رئيس “المركز اللبناني لحقوق الانسان” وديع أسمر لـ”لبنان الكبير” أنّ “واقع اللاجئين في العالم صعب والدول تصعّب ذلك. نحن كمنظمات حقوقية لا نفضل فصل اللاجئين، من طالبي اللجوء، من العمال الأجانب والمهاجرين. قانونياً ليست جميع الدول تحترم حق اللجوء، هناك الكثير من الدول ليس لديها قانون يحدد تعريف اللاجئ، حتى الدول الأوروبية تحدد من هو اللاجئ لكن شروط الحصول على اللجوء معقدة”.
وأشار الى أن “الاضطهاد الذي يتعرض له اللاجئون في لبنان هو اضطهاد قانوني لأنه ليس هناك قانون واضح يحدد من هو اللاجئ، وهناك اضطهاد عملي بحيث لا يدرك هذا اللاجئ ما حقوقه وواجباته وهذا غير محق بالطبع لأن هذا الشخص ليس سائحاً بل هرب من وضع أمني أو اقتصادي ضرب بلده”.
أضاف: “هناك لاجئ سياسي ولاجئ اقتصادي ولاجئ مناخي (بسبب المناخ) وهم مضطهدون في كل العالم. يعني في أوروبا ليس الأمر سهلاً بل يحتاج اللاجئ أقله الى سنة أو اثنتين ليحصل على صفة اللاجئ وخلال هذه الفترة لا يحق له العمل وتتشكل عليه الضغوط”.
وعن حصول اللاجئ على حقه في التعليم والعمل والسكن وغيره، قال أسمر: “هذه ليست حقوق اللاجئين وحسب، بل حقوق كل المواطنين والدولة اللبنانية مسؤولة عن تأمين هذه الحقوق للشعب اللبناني. الاشكالية الأساسية في لبنان أنّ المواطنين بدلاً من أن يتوجهوا إلى دولتهم ويطالبوها بحقوقهم يتجهون إلى انتقاد اللاجئ وتحميله المسؤولية. الدولة اللبنانية لا تتحمل مسؤولية اللاجئ، لكن من خلال منظمات الأمم المتحدة تتحملها. كل شخص يقول إنّ الأمم المتحدة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين تموّل اللاجئين فقط هذا غير صحيح، لأنّ مشروع الأسر الأكثر فقراً الذي يوصل المال الى حوالي 700 ألف لبناني مموّل من الأموال التي تأتي للسوريين والمجتمعات المضيفة، حتى أنّ ما يحصل عليه اللاجئ في لبنان لا يكفي”.
وأكد أنّ “90% من اللاجئين يعيشون تحت خط الفقر المدقع. المسؤولية تقع على الدولة اللبنانية هنا وعلى المجتمع الدولي في موضوع اعطاء المساعدات. كما لا يحق للدولة طرد اللاجئين في حال تعسر الوضع الاقتصادي، وفعلياً سوء هذا الوضع ليس حجة لارسال أحدهم إلى الموت”.
وذكر بأن “لبنان موقع على المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب والتي تنص مادتها الثالثة على منع ارسال أي شخص إلى بلده في حال كان هناك احتمال تعرضه للتعذيب أو القتل هناك”، مطالباً بـ “انشاء قانون تحديد اللجوء لأنّه طالما ليس هناك قانون أو محاكم تحدد من هو اللاجئ ومن يمكن ترحيله أو لا، فأي ترحيل سيعتبر ترحيلاً اعتباطياً. ومن الممكن أن يلاحق هذا الشخص الذي نفذ الترحيل حسب المادة الثالثة من هذه المعاهدة”.
لبنان ثانياً عالمياً في عدد اللاجئين
وفي تقرير للمفوضيّة السامية للأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين تبيّن أن لبنان يحتل المرتبة الثانية عالميّاً في عدد اللاجئين نسبة إلى عدد سكانه بمعدّل لاجئ لكل 7 مواطنين. وكشف أن عدد الأشخاص المهجرين بلغ مرة أخرى أعلى مستوى له تاريخيّاً (108.4 ملايين شخص) مع نهاية العام 2022.
وقسّم التقرير عدد المهجرين حول العالم إلى ثلاث فئات رئيسة: أشخاص نازحون داخليّاً (62.5 مليون شخص؛ 60.56%) ولاجئون (35.3 مليون شخص؛ 34.21%) وطالبو لجوء (5.4 ملايين شخص؛ 5.23%).
وأشار إلى أن غالبية اللاجئين أتت من سوريا (6.6 ملايين لاجئ) وأوكرانيا (5.7 ملايين لاجئ) وأفغانستان (5.7 ملايين لاجئ) وفنزويلا (5.5 ملايين لاجئ) وجنوب السودان (2.3 مليون) وميانمار (1.3 مليون).
ويشهد عدد اللاجئين والنازحين في العالم ارتفاعاً مستمراً بسبب الأزمات الانسانية والنزاعات المسلحة في مناطق مختلفة، لا سيما في الشرق الأوسط وأفريقيا. ومن المتوقع أن تؤدي المشكلات البيئية والمناخية إلى ارتفاع عدد الذين سيفرون من مناطقهم الأصلية هرباً من الجفاف وبحثاً عن الغذاء والمياه.