الرئاسة بانتظار التسوية ومجلس النواب “تحت الأمر”

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

مع وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان، ينتظر اللبنانيون الفرج وما ستسفر عنه نتائج لقاءاته واتصالاته مع أركان الحكم والقوى السياسية في لبنان لاستطلاع مواقفهم من الاستحقاق الرئاسي وتحريك عجلته، بدل الدخول في حالة من الجمود بعد استعراض القوة الذي جرى بين فريقي الثنائي “أمل” – “حزب الله” وتقاطع المعارضات المختلفة، إثر جلسة الانتخاب الــ 12 التي عطلت كالعادة في دورتها الثانية، ولم يحصل ملء الفراغ في بعبدا، كما كان يأمل اللبنانيون والخارج من أولي الأمر، على الرغم من أن البعض قوّم مشهدها السياسي بقدرة المعارضات على وقف “حزب الله” عند حده بعد أن تفوق مرشحها على مرشحه بثمانية أصوات.

اللبنانيون اليوم يعوّلون على التحرك السعودي – الفرنسي واللجنة الخماسية وما يدور في الكواليس من محاولات قطرية وأخرى مصرية بالتوازي مع الموقف الأميركي لانتخاب رئيس وإخراج لبنان من الدائرة المغلقة، طالما بقيت أبواب الحل داخلياً مقفلة نتيجة تصلب المواقف وتباعد وجهات النظر في كيفية تجاوز الأزمة الرئاسية، وفي غياب أي تصور لكيفية حل المشكلات التي تتراكم وتزيد الوضع تعقيداً لا سيما أمام استحقاقات الفراغات المتتالية في مواقع مؤسسات الدولة الحساسة.

وفي ظل هذه التطورات يطرح السؤال: هل يتجاوب رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الدعوة الى الجلسة الــ 13 لانتخاب رئيس فيكون رقم الشؤم بالنسبة الى العالم نذير خير للبنان وليس نذير نحس؟

لا يبدو من المواقف أن “حزب الله” سيلين فهو متمسك بمرشحه وبالطبع فان أي تنازل منه يستدعي معرفة ما يمكن أن يحصل عليه مع فريقه الممانع لسحب مرشحه والموافقة على الخيار الثالث أي رئيس توافقي، قد يكون قائد الجيش جوزيف عون صاحب الحظ الأوفر، وبالتالي لن يدعو الرئيس بري الى جلسة لانتخاب الرئيس في القريب العاجل، فالأمر يحتاج الى أسابيع لتظهر نتائج الاجتماعات واللقاءات الخارجية، لا سيما في ملف المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران بناء على الوساطة العمانية، عندها سيكون الحزب على بيّنة مما سيقدم له من “ضمانات” تطمئنه الى “حماية ظهره” وفقاً لتعبيراته وسيفرج عن الاستحقاق، والا فان أي جلسة نيابية لانتخاب الرئيس إن عقدت لن يكون السيناريو المكتوب لها مختلفاً عن سيناريوهات سابقاتها أي تطيير النصاب من نواب كتلتي “أمل” و”حزب الله”.

خلال هذا الوقت المستقطع يتطلع البعض الى مواقف المعارضات، فهل ستتمسك بترشيح جهاد أزعور أم أن مواقف فريق الثنائي باعتباره مرشح تحدٍ ومهاجمته اعلامياً وربما تهديده أمنيا كما أشيع، قد يدفعها الى طرح اسم آخر لا سيما وأن لا أمان لمواقف “التيار الوطني الحر” في التصويت، وجبران باسيل بارع في البيع والشراء في السوق السياسية.

صحيح أن زيارة لودريان صاحب الخبرة في الملف اللبناني استكشافية في الدرجة الأولى، لكنها تؤكد أن فرنسا غيّرت خياراتها ولم تعد متمسكة بما طرحته سابقاً من تسوية سليمان فرنجية – نواف سلام، والرهان على تثبيت العلاقات السعودية – الايرانية، انطلاقاً من الحرص على أمن المنطقة واستقرارها ما سيمكن الخارج من ايجاد حل للاستحقاق المستعصي يتلاءم مع الداخل وتوازناته.

لقد أظهرت النتائج في الجلسة الانتخابية الــ 12 أن “حزب الله” لن يستطيع أن يتابع سياسة الاستفراد والاستكبار التي يمارسها منذ سنوات، وتبين أن هناك قوى سياسية قادرة على اتخاذ المبادرة ومواجهة محاولاته للاستئثار بالقرارات والسلطة والسيطرة على زمام الأمور في كل النواحي، وبالتالي صار من الصعب عليه فرض مرشحه ولكن التخلي عنه يتطلب رؤية ما سيأخذه مقابل تراجعه عن فرض رئيس على المسيحيين خصوصاً واللبنانيين عموماً.

تعمل المعارضات على خط تثبيت خيارها بأزعور أقله خلال هذه المرحلة حتى يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود، طالما أن “حزب الله” لن يتراجع عن مرشحه، وهي بالتالي تخوض معركتها السياسية لوضع خطوط حمر للحزب، وتدرك أنه لا بد في النهاية من الذهاب الى تسوية ما تحفظ الوطن من مواجهة كبيرة.

لا شك في أن التخلي الفرنسي عن فرنجية سيسهل امكان الخيار الثالث، وحتى تنضج الظروف وفقاً للاتصالات لن تكون هناك جدوى من عقد جلسة لانتخاب رئيس يتكرر فيها المشهد نفسه خصوصاً وأن الوقت اليوم ليس مناسباً للاستعراضات، وليس من مصلحة الثنائي عقدها طالما أن الأكثرية ليست معه وطالما لم تنجلِ صورة التقارب السعودي – الايراني لبنانياً بعد.

شارك المقال