ماذا وراء الـ51؟

عاصم عبد الرحمن

ما بين الـ43 والـ49 تأرجحت بورصة الأصوات التي كان من المتوقع أن ينالها سليمان فرنجية، إلا أن مفاوضات الليل محت توقعات النهار التي تخطاها بصوتين كحد أقصى. وبعيداً من لغة الهزائم والانتصارات التي تحدث بها فريقا المرشحَيْن سليمان فرنجية وجهاد أزعور، لا شك أن هناك رسالة ذات أثير 51 على موجة “حزب الله”، فهل وصلت تردداتها إلى المستمعين؟

من الواضح جداً أن مفاعيل جلسة انتخاب الرئيس الـ 12 شكلت نواة الجولة الاستكشافية التي أجراها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان حول أزمة شغور موقع رئاسة الجمهورية واستفحال الأزمة السياسية ونتائجها الاقتصادية الكارثية الشاملة في لبنان، فالأصوات التي حصدها كل من المرشحين الرئاسيين سليمان فرنجية وجهاد أزعور أسقطت واقعاً جديداً على المناقشات الرئاسية الدائرة بين القوى السياسية المتفقة والمتقاطعة والمقاطِعة.

نال أزعور 59 صوتاً في مقابل 51 صوتاً لفرنجية وهو الرقم الأقصى الذي تمكن “حزب الله” ونبيه بري من حشده. في سياق متصل ووفق مراقبين يسود رأيان حول ذهاب الثنائي الشيعي باتجاه تظهير الحجم الحقيقي لمرشحه الرئاسي بعدما عكف طيلة 11 جلسة انتخابية على التلطي خلف الورقة البيضاء التي كان يختلط فيها حابل واضعها بنابل وجهتها، فقد كان بإمكان الحزب تطيير نصاب الجلسة الانتخابية الأولى.

– الرأي الأول يقول بأن “حزب الله” ومعه حركة “أمل” والفريق المؤيد لترشيح فرنجية أرادوا ترسيم حدود الكتلة الناخبة المتماسكة التي يمتلكها هذا التحالف وبالتالي الانطلاق من هذا الرقم نحو تزخيم التفاوض لاستقطاب المزيد من المؤيدين وفق مفاعيل الواقع السياسي الجديد الذي أرساه التقارب السعودي – الايراني والعربي – السوري، وفي هذا الاطار يعوّل الثنائي على ضغط سعودي يُمارس على القوى السنية التي لا تزال تخيّم خارج أي اصطفافٍ سياسي، كذلك إمكان ممارسة الرئيس السوري بشار الأسد ضغطاً ما على “التيار الوطني الحر” خصوصاً بعد زيارة الرئيس السابق ميشال عون إلى سوريا على اعتبار أن فرنجية ينتمي استراتيجياً إلى منظومة محور الممانعة في المنطقة.

– الرأي الثاني يذهب باتجاه اعتبار أن “حزب الله” أراد القول لفرنجية إن الـ51 صوتاً هو الرقم الأقصى الذي يمكن أن يحققه مهما طال الانتظار وإن ظروف انتخاب ميشال عون لم تعد صالحة اليوم، فلا الحزب يمتلك أكثرية نيابية ولا فرنجية تمكن من عقد تفاهمات أو تسويات مع قوى حزبية من خارج الخط السياسي الذي ينتمي إليه على غرار اتفاق معراب.

من هنا يفتح “حزب الله” نافذة للتفاوض على خيار رئاسي ثالث وهو ما أشار إليه فرنجية نفسه في خطاب 13 حزيران، تفاوضٌ يفضي إلى تحقيق مكتسبات سياسية أو تعهدات دستورية لم تتظهر معالمها بعد لكن من المرجح أنه تمَّ التطرق إليها في زيارة وزير الخارجية السعودي إلى إيران مؤخراً والتي لا بد أن تترجم ليونة تفاوضية من الثنائي الشيعي في القادم من الأيام التسووية.

لطالما رست قاعدة “لا غالب ولا مغلوب” على الصورة الختامية لإنهاء أي أزمة سياسية عرفها لبنان، من هنا يُنتظر نضوج حل سياسي يتم إسقاطه على القوى السياسية التي تعجز حتى عن التحاور في ما بينها، فهل اقتربت التسوية اللبنانية أم للقوى الاقليمية والدولية اهتمامات أخرى؟

شارك المقال