مسارات الضفة… عودة العمليات الاستشهادية؟

زاهر أبو حمدة

تتدحرج الأمور في الضفة الغربية وفقاً لمسارين: المواجهة العسكرية المباشرة أو عمليات فدائية فلسطينية مقابل عمليات أمنية إسرائيلية. في المسار الأول، تتردد حكومة الاحتلال في ذلك على الرغم من الدعوات الكثيرة في اليمين المتطرف والمعارضة الاسرائيلية الى ضرورة عملية “سور واقي” جديدة. هذا التردد مرده الى “عدم اليقين” من النجاح في انهاء المقاومة الفلسطينية في شمال الضفة المحتلة، إضافة الى اتساع رقعتها الى جنوبها وانضمام جبهات أخرى في القتال لا سيما وأن عدد الشهداء والجرحى سيكون مرتفعاً. والأهم أن خسائر الاحتلال ستكون كبيرة وما حصل في جنين ووقوع المركبات الاسرائيلية في حقل من العبوات الناسفة رسالة واضحة أن ما ينتظرهم من مفاجآت كبير جداً. ومعروف أن حصار شمال الضفة واجتياحه لا سيما جنين ومخيمها يحتاج الى وقت وتحضير، وهذا في السياسة غير متوافر حالياً لحكومة بنيامين نتنياهو، لأن الضغط الدولي وعدم نيل الضوء الأخضر الأميركي يضع إسرائيل تحت الضغط الاعلامي والديبلوماسي.

أمام ذلك، يبدو مسار الاحتلال متجهاً على الرغم من تفوقه العسكري والتكنولوجي، إلى العمليات الأمنية على مستوى الأجهزة مع مساعدة المستوطنين في الهجوم على القرى والمدن الفلسطينية. يتضح ذلك من الاقتحامات المتكررة واغتيال الفدائيين بتدخل سلاح الجو وهجمات المستوطنين على عوريف وترمسعيا وحوارة وجالود وغيرها لإحراق السيارات والأراضي الزراعية والبيوت. لكن كل ذلك لن يستطيع وقف العمليات الفدائية الفلسطينية لأنها رد فعل على الجرائم المستمرة، وبالتالي النار تواجه بالنار والدم يجر الدم. ونحن هنا أمام مواجهة مفتوحة بين خلايا فدائية وأجهزة أمنية وعسكرية وجيش من المستوطنين. وعليه لن يكون أمام الفلسطينيين سوى الاستمرار في المعركة على الرغم من كل التكاليف البشرية والمادية.

وهنا يمكن أن تعيد الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية أو بمبادرات فردية أسلوب العمليات الاستشهادية التفجيرية، التي توقفت بعد الانتفاضة الثانية بقرار فصائلي. وهذه المرة ستكون أكثر قوة في العمق الإسرائيلي، بحيث أن تطور عمل المقاومة في تصنيع الكتل التفجيرية أصبح أكثر تمكناً وهذا واضح من خلال تصنيع العبوات الناسفة. واذا كان الاحتلال يهدف الى السيطرة التامة على الأرض من خلال الاستيطان المكثف واقتلاع الفلسطينيين بالقتل أو التهجير، فالشعب الفلسطيني سيضع كل أوراقه بما فيها القنابل البشرية الموقوتة ليحمي نفسه ويدافع عما تبقى من أرض وهوية.

شارك المقال