الخيار الثالث… متى يستديرون؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

عطلة عيد الأضحى ستمر من دون جديد في الملف الرئاسي، بانتظار ما ستسفر عنه نتائج محاولة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان العائد في تموز، لايجاد منفذ يُخرج الاستحقاق الرئاسي من أزمته، سواء عبر الخيار الثالث بعدما بدا واضحاً أن استبعاد مرشحي الفريقين لا بد منه عقب تحديات الجلسة الــ12 لانتخاب الرئيس، أو ربما استشفاف طريق نحو الحوار اذا كان ذلك ممكناً للتوافق، وهو ما لا تحبذه قوى المعارضة ومعها مؤيدوها في الخارج، كما هو حال الثنائي ومعه الموالاة، الذي يعطي من طرف اللسان حلاوة ويروغ… كما يقال. وسط هذه الصورة يتقدم اسم قائد الجيش جوزيف عون بقوة، كخيار للمرحلة، ريثما تنجلي صورة تأثير الاتفاقات التي تجري في المنطقة لاحقاً على ميزان القوى الداخلي، وبالطبع على التوجهات المستقبلية للقوى السياسية في البلاد.

اذاً، الملف الرئاسي اليوم يدخل مرحلة سياسية جديدة، ففرنسا غير قادرة على احياء مبادرتها التي قامت على معادلة سليمان فرنجية مقابل نواف سلام، وهي ضمناً عندما قررت ارسال لودريان في مهمته الاستطلاعية الى بيروت اعترفت بذلك، والآن تريد فقط اظهار قوتها التأثيرية بعد الانتقادات التي تعرضت لها من حلفائها تاريخياً أي المسيحيون في لبنان والذين كانوا يعتبرون أنها تشكل حماية لوجودهم، ولذلك اقتنعت باستبعاد فرنجية تمهيداً للطريق الثالث.

تلتقي معظم الآراء على أن المطلوب من الرئيس المقبل أن تكون له رؤية واضحة وعلى مسافة من جميع الفرقاء ولا يعمل وفقاً لأهواء بعض القوى السياسية في تعطيل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية وأن لا يكون محسوباً على كتلة أو حليفاً لطرف، ولا أسير مواقف اتفاقات ثنائية من هنا وهناك، لكن التوافق وفقاً لبعض أحزاب الممانعة يكون على الاسم وليس على التوجهات، وما الدعوات الى حوار للاتفاق الا لجعل الرئيس المقبل مقيداً بأغلال ما يسميه “حزب الله” مقاومة وحماية الظهر، وطالما لن يكون هناك حل سياسي جذري واتفاق على طرق معالجة الأزمات لا سيما المالية والاقتصادية، فالحوار بحسب فريق الممانعة هو من يقرر خطوات الرئيس التوافقي، ومن هنا لن يرضى “حزب الله” بانتخاب رئيس والافراج عن جلسات مجلس النواب لهذه الغاية الا بعد حصوله على ضمانات لسلاحه ما يعني رفض الدخول الى الدولة والالتزام بقراراتها وعدم التغريد خارج سربها.

بالطبع كما يبدو واضحاً أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا كما قطر ومصر الأعضاء في اللجنة الخماسية لا يعارضون وصول قائد الجيش، لا سيما وأن الوضع السياسي والاجتماعي وحال الفراغ والمراوغة وتحكم مافيات الفساد بما تبقى من جسم الدولة والمؤسسات يوحي بأن الانفجار الاجتماعي – المعيشي لن يطول، وعليه فان اعطاء مسكنات عن طريق تقديم مساعدات لن يكون مثمراً على المدى الطويل.

قد يعود لودريان بعد مشاوراته مع قطر والسعودية والرئيس الفرنسي واللجنة الخماسية بمبادرة جديدة لانتخاب رئيس مع أنه لمس في بيروت تباعد مواقف الفرقاء وعدم القدرة على اجتراح التقارب المطلوب، حول شخصية قائد الجيش الأكثر موضوعية، خصوصاً وأن كل الاحتمالات واردة في الشهرين المقبلين داخلياً لا سيما اذا بقيت حالة التوتر قائمة بين فريق الممانعة وفريق تقاطع المعارضات في السلطة القائمة، وبالتالي ستكون هناك حالة من الترقب ثقيلة خلال الفترة الصيفية اذا لم ينوجد الحل المناسب، وبالتالي يمكن أن يستدير الفرقاء نحو اتخاذ توجهات منطقية والتوافق على الخيار الثالث وفي السلة أسماء طرحت لا بد من غربلتها، ولعل اسم قائد الجيش أكثرها بروزاً لكونه خياراً وطنياً جامعاً وليس خيار مواجهة، فهو ابن المؤسسة العسكرية التي يمكن أن يلتقي حولها الجميع كما أنه لا يشكل استفزازاً لا سيما لحركة “أمل” وإن كان لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل اعتراض عليه فهو لا يلزم أعضاء تكتله الذي صوّت قسم منهم لفرنجية ولم يلتزموا قرار التصويت لمرشح تقاطع المعارضة جهاد أزعور في جلسة 14 حزيران، ثم أنه لم يعد مجدياً للثنائي اليوم الترويج لفرنجية كونه حامياً للدويلة وسلاحها ولمشروعها الاقليمي.

شارك المقال