هذا ما حدث في بشري

عاصم عبد الرحمن

ليلٌ ساخن خيَّم على سماء بشري على الرغم من برودة الطقس الذي تتميز به، فوجئ البشراويون بخبر مقتل شاب برصاص مجهولين ليلحق به آخر لاحقاً. حالٌ من الهرج والذعر والغضب سادت الأجواء ليختلط حابل الصراع على هوية القرنة السوداء بين بشري والضنية بنابل الخلافات الفردية والسلاح المتفلت، فما هي حقيقة الحدث والحديث البشراويَيْن؟

رواياتٌ عديدة انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الحدث الذي شهدته بشري ليل أول من أمس، إلا أن هناك رواية واحدة توقف عندها مراقبون سياسيون وعسكريون، وبناءً عليه استطلع “لبنان الكبير” مصادر عدة في قضاء بشري تقاطعت حول صحتها نفصلها وفقاً للشكل الآتي:

“ثلاثة شبان يصلون في سيارتهم إلى طوارئ مستشفى بشري الحكومي يحملون جثة الشاب هيثم طوق، يسألهم الأطباء المناوبون إن كانوا معه عند مقتله فينفون ذلك ويؤكدون إيجاده على طريق القرنة السوداء وذلك بحسب الطبيب المناوب ابراهيم المقدسي، على الفور يستدعي الأطباءُ الجيش والقوى الأمنية والأدلة الجنائية بالاضافة إلى الطبيب الشرعي الذي يطلب إجراء صورة شعاعية للصدر على أثر إيجاد رصاصة قد دخلت من تحت إبط القتيل لناحية الكتف ليجد شظيتين في رئتيه. كتب تقريره وطلب إقفال الملف، إلا أن الدكتور المقدسي شدد على ضرورة إجراء صورة للبطن على اعتبار أنه درس مسار المقذوفات في جسم الانسان، تشاجر مع الطبيب الشرعي الذي رفض الاقتراح. طلبت النيابة العامة حضور طبيب شرعي آخر فيقترح عليه المقدسي إجراء صورة للبطن للتأكد من وجود رصاصة ثالثة وكانت المفاجأة أنه تمَّ العثور على رصاصة مزقت البطن ووصلت الى أسفل الفخذ، معنى ذلك أن الرصاصة التي أتت من ناحية الكتف اخترقت رئتيه ووصلت إلى بطنه حتى استقرت في فخذه، هنا يقول الدكتور المقدسي للطبيب الشرعي التابع للنيابة العامة بأن ما حصل ينسف فرضية التقنيص، لأنه لو قُنص من مسافة بعيدة فلن تنحدر الرصاصة في جسده بل تخرج من رئته أو بطنه ولن تستقر في فخذه.

الرصاصة أطلقت إذاً من مسافة قريبة جداً ومن المحتمل أنها تبلغ حوالي 20 متراً على أبعد تقدير. في هذا الوقت يصل الجيش إلى مكان يخيم فيه شبان من أجل رالي الأرز الذي يقام على الثلج في الأول من تموز، يخبرون الجيش بأنه كان هناك إطلاق نار من سيارات نوع جيب، يهرع الجيش إلى المكان المذكور فيتواجه مع مجموعات مسلحة ويحدث تبادل لاطلاق النار ليسقط قتيل آخر هو مالك طوق”.

يتبين إذاً أن ما شهدته بشري من حدث دموي مؤسف ما هو إلا نتيجة للسلاح المتفلت والذي أصبح ثقافة للشجار والتعبير عن الغضب ووسيلة لحل المشكلات الفردية، ووفق مصادر ميدانية تواصل معها “لبنان الكبير” فإن حديث معظم أهالي بشري حول الحدث البشراوي يصب في خانة الاشكالات الفردية، بعيداً من الخلافات والاختلافات حول هوية منطقة القرنة السوداء التي يتصارع من أجلها كل من بشري والضنية.

لا شك في أن أي حادث فردي ذا طابع أمني أو عسكري من شأنه أن يتأجج طائفياً وعشائرياً خصوصاً في منطقة تشهد صراعات حول تبعية منطقة حدودية، هنا لا بد من البحث عن طرف ثالث غايته إشعال فتائل الفتن السياسية والطائفية بنكهات جغرافية في زمن نشهد فيه تحولات كبرى وترسيم مناطق النفوذ وفق موازين لا تزال تطمح إلى توسيع رقعة سيطرتها.

شارك المقال