بعد حادثة انتحار الشاب علي فرحات المثيرة للجدل في حارة حريك، كونه مغترباً أتى لقضاء عطلة العيد في لبنان، ووضعه المادي جيد، انتشرت أخبار عن أن الشاب ينتمي الى جماعة تدعى “القربان”، وهي تقوم بقرعة لاختيار أحد أعضائها كي يضحي بنفسه في مناسبة دينية. وبدأت الأسئلة إن كان لهذه الجماعة وجود في لبنان، وتحديداً في الجنوب اللبناني، ومن هي بالتحديد؟
ونفت عائلة الشاب المتوفى في بيان بعض ما ورد في وسائل الاعلام من سيناريوهات للحادثة، وعلى الرغم من أن البيان نفى بصورة قاطعة وجود هذه الجماعات في لبنان، إلا أنه لم ينفِ انتماء الشاب الى هذه الجماعة أم لا. وللوقوف على هذا الأمر، تواصل موقع “لبنان الكبير” مع مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله الذي أكد أن لا علم له أو للمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى بوجود انتشار لهذه الجماعات في لبنان عموماً أو الجنوب خصوصاً، لافتا الى أن “الشيعة اللبنانيين لا يتقبلون أفكاراً كهذه، وقد يكون هناك بعض الأفراد، ولكنهم لا يمثلون الشيعة، بل بالعكس هم منبوذون منهم، فالتشيع قائم على عقيدة شرعية تقوم على احترام العقل والمعتقدات والدين الاسلامي، بدءاً بالتوحيد إلى الامامة والعدل والميعاد، لذلك، أي فئة تتصرف بهذه الطريقة تكون خارجة عن التشيع وعن الاسلام”.
وأشار عبد الله الى أن “هؤلاء الغلاة يظهرون من وقت الى أخر، ونحن نعتقد بتكفير هذه الجهات التي تعبد غير الله تعالى، حتى لو كان الامام علي (ع)، ونعتبر أنهم فئة ضالة، ومحكوم عليهم شرعياً بالكفر”.
ولكن من هي “جماعة القربان”؟ ظهرت في العراق، ويبدو أنها انشقت عن مواكب التيار الصدري، بسبب الاختلاف العقائدي معه، وبرز اسمها لأول مرة بعدما أقدم شاب في العشرين من عمره، على الانتحار شنقاً بواسطة حبل داخل أحد المواكب الحسينية في قضاء سوق الشيوخ جنوبي محافظة ذي قار في منتصف أيار الماضي، وقيل وقتها إنه قدم نفسه قرباناً للإمام علي، الذي تؤلهه الجماعة. وبعد العملية بأيام، أعلنت وكالة الاستخبارات العراقية في بيان، أنه “وحسب توجيهات وزير الداخلية في متابعة الحركات والجماعات المنحرفة، والخارجين عن القانون، وفي عملية استندت إلى معلومات دقيقة، تمكنت مفارز وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، من إلقاء القبض على 4 متهمين مما تسمى (جماعة القربان) في قضاء سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار”.
وأشار البيان الى “اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بحقهم وإحالتهم على الجهات المختصة لإكمال الاجراءات اللازمة”، مبيناً أن “الداخلية أخذت على عاتقها متابعة الجماعات المنحرفة، والخارجين عن القانون، والعمل على بسط الأمن والاستقرار، وتحقيق السلم المجتمعي”.
وتفيد التقارير من العراق أن “جماعة القربان” أو “العلاهية” تتخذ من موكب “شهيد الجمعة”، في محافظة ذي قار، والذي يرمز الى المرجع الديني الراحل محمد الصدر، ووالد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مقراً لها، في حين يقيم زعيم الجماعة في إيران. وتلفت التقارير الى أن الجماعة تؤمن بتقديم القرابين في سبيل عقيدتها، ويتم اختيار أحد الأتباع بالقرعة ليقدم نفسه قرباناً، وعادة ما يقوم هذا الشخص بشنق نفسه، خلال مجلس عزاء ديني في ذكرى الامام علي أو أحد أبنائه أو أحفاده.
وأكد قائد شرطة ذي قار اللواء مكي الخيكاني في حديث لوسائل الاعلام أن “هذه المجموعة الدينية مُتابعة من الجهات الاستخبارية وهي قيد التحقيق، وعن مدى ارتباطها بحالات الانتحار لم يثبت هذا الأمر الى حين توثيقه قضائياً في هذا الشأن”.
بانتظار التحقيقات المناسبة، لا يمكن معرفة إن كان لهذه الجماعة وجود فعلي في لبنان، أو حتى إن كان انتحار الشاب علي فرحات مرتبطاً بها. وكانت ظهرت منذ سنوات جماعة تسمي نفسها “جيش الأمير” في جنوب لبنان، وتسببت ببعض الحوادث الأمنية ما دفع المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى وأحزاب المنطقة الى متابعة هذه الجماعة المتطرفة واجتثاثها. وعادة ما تنتشر هذه الجماعات في البلدان التي يعاني شعبها من وضع اقتصادي سيء، وانتشار البطالة، فيجد بعض الشبان ما يملأ وقتهم عبر الانضمام الى جماعة يقودها من يقول انه رجل دين، وكثيراً ما تكون أفكاره متطرفة.